منتديات دنيا تكس
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة

يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك



شكرا

ادارة المنتدي دنـيا تـكس

منتديات دنيا تكس
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة

يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك



شكرا

ادارة المنتدي دنـيا تـكس

منتديات دنيا تكس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 السيرة ـ ‏الشمائل المحمدية ‏

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد بركات
المدير العام
المدير العام
محمد بركات


الجنس : ذكر

عدد المساهمات عدد المساهمات : 703

تاريخ التسجيل : 26/06/2010

العمر : 46

الموقع الموقع : https://m1970live.yoo7.com


السيرة ـ ‏الشمائل المحمدية ‏ Empty
مُساهمةموضوع: السيرة ـ ‏الشمائل المحمدية ‏   السيرة ـ ‏الشمائل المحمدية ‏ Clock11الخميس ديسمبر 23, 2010 1:28 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ـ السيرة ـ الشمائل المحمدية : (الدرس: 1) ـ مقدمة ـ لفضيلة الدكتور محمد ‏راتب النابلسي. ‏


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، ‏اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى ‏جنات القربات .‏



أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الأول من دروس شمائل النبي صلى الله عليه ‏وسلم، ولابدّ من وقفة في بداية هذه السلسلة بالتعريف بأهمية هذا الموضوع.‏
الحقيقة الأولى: أن النبي عليه الصلاة والسلام معصوم بمفرده، معصوم في ‏أقواله، وفي أفعاله، وفي إقراره، وقد أمرنا الله عز وجل من خلال القرآن الكريم أن نأخذ منه ‏ما آتانا، وأن ننتهي عما عنه نهانا، فمتابعة النبي عليه الصلاة والسلام في أقواله وفي أفعاله ‏وفي إقراره واجب عيني على كل مسلم، لأنه القدوة، ولأنه المثل، ولأنه يمثل الكمال البشري، ‏ولأن الله عز وجل بعثه هادياً لكل الأمم من دون استثناء بل هو رحمة للعالمين.‏
أنت كإنسان مؤمن تبتغي الله والدار الآخرة لا بدّ من أن يكون هذا الإنسان العظيم ‏قدوة لك في كل أحواله؛ في بيته، في عمله، مع أخوانه، مع أصحابه، في سلمه، في حربه، في ‏فقره، في غناه، في ضعفه، في قوته، هو القدوة والمثل، وقد أمرت أن تتابع النبي عليه الصلاة ‏والسلام وقد قال الله عز وجل:‏
‏﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ .‏
‏[ سورة آل عمران]‏



بل إن كل ما يعانيه العالم الإسلامي اليوم من ضعف وتفرق بسبب بعد المسلمين ‏عن تطبيق سنة النبي القولية، وعن الاقتداء بسنته العملية، والدليل قوله تعالى:‏
‏﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾ ‏
‏[ سورة الأنفال الآية : 33]‏
قال علماء التفسير: معنى الآية بعد انتقال النبي عليه الصلاة والسلام إلى الرفيق ‏الأعلى، أي مستحيل وألف ألف مستحيل أن يعذب المسلمون بعد وفاة النبي عليه الصلاة ‏والسلام ما دامت سنة النبي عليه الصلاة والسلام، ومنهجه، وسيرته قائمة في حياتهم، هذا هو ‏التفسير الأول :﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾، فنحن بحسب هذه النصوص وتلك ‏المقدمة في أمس الحاجة إلى معرفة سيرة النبي، ومعرفة شمائله.‏
بالمناسبة السيرة تخضع للتسلسل الزمني، هذا معنى السيرة، لكن الشمائل تخضع ‏للتصنيف الموضوعي، فالنبي الكريم الحديث عن رحمته من الشمائل، وعن عدله من الشمائل، ‏وعن حلمه من الشمائل، وعن محبته لأصحابه من الشمائل، فنحن في سلسلة الشمائل، أي هذه ‏السلسلة تعني أن ندرس حياة هذا النبي الكريم، وأخلاقه، بشكل موضوعات لا بشكل قصة فيها ‏تسلسل زمني.‏



أيها الأخوة، إذا قلنا سنة النبي ماذا تعني؟ تعني أقواله، وأفعاله، وإقراره، تعني ‏أقواله تشريع:‏
‏﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ ‏
‏[ سورة النجم الآيات : 3-4 ] ‏
كلامه وحي غير متلو وهو معصوم وقد أمرنا أن نأخذ عنه:‏
‏﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (7) ﴾.‏
‏[ سورة الحشر ]‏
وقد أمرنا أن نقتدي به في سيرته، قال تعالى:‏
‏﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ ‏كَثِيراً﴾‏
‏[ سورة الأحزاب الآية : 21]‏



الشيء الثاني، أخوتنا الكرام الإنسان كائن متحرك ما الذي يحركه؟ حاجته إلى ‏الطعام والشراب، وحاجته إلى الطرف الآخر الزواج، وحاجته إلى تأكيد الذات، هذه دوافع ‏الحركة، الآن الإنسان كائن متحرك، هذه الحركة إما أن تكون فرضاً تتوقف على هذه الحركة ‏سلامتك وسعادتك، وإما أن تكون واجباً أقل من الفرض، وإما أن تكون سنة، وإما أن تكون ‏مباحاً، وإما أن تكون مكروهة، وإما أن تكون مكروهة كراهة تحريمية، وإما أن تكون حراماً، ‏ما من حركة ولا سكنة ولا سير ولا وقوف ولا ذهاب ولا إياب ولا عطاء ولا منع ولا غضب ‏ولا رضا إلا ويخضع لهذه التقسيمات؛ فرض، واجب، سنة، مستحب، مباح، مكروه كراهة ‏تنزيهية، كراهة تحريمية، حرام، وأنت مكلف أن تتابع النبي عليه الصلاة والسلام، فلذلك نحن ‏حينما ندرس شمائله كأنني أقول لكم ندرس ما ينبغي أن نعمله، ندرس ما ينبغي أن نقتدي به، ‏إذاً موضوع دقيق جداً لأن الإسلام كله كلمتان لا إله إلا الله توحيد، محمد رسول الله اقتداء، ‏أي هناك كلمة التوحيد وكلمة الاتباع، تؤمن بأنه لا إله إلا الله وتتبع هذا النبي، بل إن دعوة ‏الأنبياء جميعاً مختصرة بكلمتين:‏
‏﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ .‏
‏[ سورة الأنبياء الآية : 25]‏
وما أرسلنا من رسول إلا نوحي إليه نقطتين، أنه لا إله إلا أنا، توحيد، فاعبدون ‏الطاعة، أي الإسلام عقيدة وسلوك، منطلقات نظرية، تطبيقات عملية، فكر وحركة، إذاً الحركة ‏التي ينبغي أن يتحركها الإنسان يجب أن تكون مطابقة لحركة النبي عليه الصلاة والسلام.‏



أيها الأخوة، إذاً تعلم السيرة من خلال الشمائل يكاد يكون فرض عين على كل ‏مسلم، لماذا؟ لأن الله حينما أمرك أن تأخذ عن النبي من لوازم هذا الأمر أن تعرف ما الذي ‏أعطاك هذا النبي الكريم، وما الذي منعك، وما الموقف الذي ينبغي أن تقتدي به، والشيء ‏الثابت أنه ما لا يتم الفرض إلا به فهو فرض، كالوضوء تماماً، الصلاة لا تتم إلا بالوضوء، ‏فكما أن الصلاة فرض فالوضوء فرض، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وما لا تتم ‏السنة إلا به فهو سنة، إذاً ما دام كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب، والأمر الإلهي:‏
‏﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (7) ﴾.‏
‏[ سورة الحشر ]‏
إذاً من لوازم الائتمار بهذا الأمر أن نعرف ما الذي آتانا، وما الذي عنه نهانا، ‏مثلاً النبي عليه الصلاة والسلام كان في بيت أحد أصحابه وقد توفاه الله، فسمع امرأة تقول: " ‏هنيئاً لك أبا السائب لقد أكرمك الله "، لو أنك سمعت هذا الكلام وسكت لا شيء عليك، لأن ‏النبي عليه الصلاة والسلام مشرع سكوته أو إقراره ـ السكوت يعني الإقرار ـ يعد تشريعاً، ‏هذه الكلمة غير صحيحة، قالت هذه المرأة: "هنيئاً لك أبا السائب لقد أكرمك الله"، ماذا قال لها ‏النبي عليه الصلاة والسلام؟ ‏
‏(( وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَهُ ... وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي ‏وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِي ))‏
‏[ رواه البخاري عن ابن شهاب]‏
أي واحد من أصحاب النبي لو سمع هذه الكلمة وبقي ساكتاً لا شيء عليه إلا ‏النبي وحده لو سكت لكان سكوته يعني أن كلامها صحيح وكلامها غير صحيح، هذا سماه ‏العلماء: التألي على الله، عود نفسك ألا تحكم على مصير إنسان قد يتوب ويسبقك، الآن هناك ‏معصية لكن إياك أن تتكلم عن مصيره عند الله، الحديث عن مصيره عند الله نوع من التألي ‏على الله، هذا مثل لأنه سمع كلمة مخالفة للتوحيد وليس فيها أدب مع الله، أنت حينما تحكم ‏على مستقبل إنسان كأنك تعلم الغيب ولا يعلم الغيب إلا الله، قال لها: (( وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ ‏أَكْرَمَهُ ... وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِي ))، إذاً أقوال ‏النبي عليه الصلاة والسلام وأفعاله وإقراره تشريع، إذاً الحديث عن شمائل النبي حديث عن ‏تشريع علينا أن نطبقه، علينا أن نقتدي به، علينا أن نسير على نهجه، علينا أن نجعله هدفاً لنا.‏



أنا قلت لكم قبل قليل: إن كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب، وبطولتكم ‏أيها الأخوة أن تفهموا الدين لا على أنه خمس عبادات، على أنه منهج تفصيلي، يبدأ من فراش ‏الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية، وأن الذي ينبغي أن نتبعه، وأن نسير على منهجه، هو ‏رسول الله، إذاً نحن في أمس الحاجة إلى هذه السلسلة من الدروس، كي نقتدي برسول الله، ‏وكي نسير على نهجه، وكي نطبق سنته القولية، وكي نتأسى بسيرته العملية.‏
أخواننا الكرام، كلكم يعلم أن في الإسلام ما يسمى بفرض عين وفرض كفاية، أي ‏التبحر في علم السيرة، التبحر في شمائل النبي، مراجعة الموضوع من مصادره القديمة، ‏قراءة الروايات كلها، هذا فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الكل، لكن فرض العين أن ‏هذه القصة القصيرة امرأة تقول: هنيئاً لك أبا السائب لقد أكرمك الله، قال لها النبي عليه ‏الصلاة والسلام؟ (( وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَهُ ... وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ وَاللَّهِ مَا ‏أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِي ))‏
هذه القصة يجب أن نأخذ بها جميعاً، أي أقول: والله أظنه صالحاً ولا أزكي على ‏الله أحداً، لا يليق بك كعبد ضعيف أن تحكم على إنسان بل على مصيره هذا كبر وتأل على ‏الله، والنبي نهى عنه بهذا النص.‏
إذاً معرفة سيرة النبي فرض عين كي نقتدي به، معرفة سنة النبي فرع عين كي ‏ننصاع لأمره، أما التبحر، والتعمق، والتفرغ، والتأليف، ودراسة الروايات، ومتابعة هذه ‏الروايات، والتدقيق في مصادرها، في مراجعها، هذا فرض كفاية إذا قام به البعض كعلماء ‏السيرة سقط عن الكل.‏



أيها الأخوة، الآية مرة ثانية:‏
‏﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾ ‏
‏[ سورة الأنفال الآية : 33]‏
أي نحن إذا طبقنا منهج النبي فنحن في حرز من عذاب الله، نحن في بحبوحة، ‏نحن في أمن، نحن في قوة، نحن في غنى، وقد نفسر ما يصيب العالم الإسلامي كله من ‏ضعف وتمزق لأن منهج النبي الكريم غائب من حياتهم، أما الأطر الإسلامية قائمة، هناك ‏مساجد، هناك صلوات، هناك خطب، هناك قرآن يتلى، هناك سنة تدرس، لكن الحركة اليومية ‏للمسلم ما لم تكن وفق منهج الله لن نقطف من ثمار هذه السيرة شيئاً، الله عز وجل يقول:‏
‏﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ ﴾ ‏
‏[ سورة الحجرات الآية : 7]‏
شيء خطير، تذهب إلى بلاد بعيدة يعبدون موج البحر، يعبدون القمر، يعبدون ‏الشمس، يعبدون الحجر، يعبدون النار، يعبدون شيئاً لا يليق أن أذكره، في اليابان يعبدون ‏أصناماً من دون الله، والله عز وجل كرمنا في هذه الرسالة، إذاً:‏
‏﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ ﴾ ‏
‏[ سورة الحجرات الآية : 7]‏



الشيء الذي يلفت النظر أن هذا النبي كمله الله كمالاً مطلقاً:‏
‏﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ .‏
‏[ سورة القلم الآية : 4] ‏
قَلِدْه في حلمه، قلده في رحمته، قلده في صدقه، قلده في أمانته، قلده في محبته ‏للآخرين، هذا الذي نتمنى أن يكون واضحاً في هذا الدرس إن شاء الله، أي النبي الكريم تزوج ‏السيدة خديجة وهي أكبر منه بخمسة عشر عاماً، هو في الخامسة والعشرين، وهي في ‏الأربعين، وعلمنا من خلال هذا الدرس أن المرأة الصالحة لا شيء يعدلها، وكان يحبها حباً ‏جماً، بل إنه حينما فتح مكة المكرمة، دعته بيوتاتها ليبيت عندهم فقال لهم: لا، انصبوا لي ‏خيمة عند بيت خديجة، وركز لواء النصر أمام قبرها ليعلم العالم كله أن هذه المرأة التي في ‏القبر هي شريكته في النصر.‏
هذا درس ثان، هل أنت وفي لزوجتك أم أولادك؟ هذه التي قبلت بك زوجاً وكنت ‏في وضع صعب جداً، قبلت شظف العيش معك ألا ينبغي أن تذكر فضلها؟ هذا درس، صدقوا ‏أيها الأخوة كل كلمة في السيرة منهج لنا.‏
شيء آخر أتمنى أن يكون واضحاً لديكم: أن الآخر يصف النبي أنه عبقري، أو ‏مصلح اجتماعي كبير، أو أنه قائد فذ، هذا كله مرفوض، النبي عليه الصلاة والسلام نبي، لا ‏تنزع عنه صفة النبوة، هو سيد الأنبياء والمرسلين، لا تقل عبقرياً، أو مصلحاً اجتماعياً، أو ‏شخصية فذة، هذا لا يرفعه، يرفعه عند الله أنه نبي، وأنه مرسل ومعه رسالة.‏



شيء آخر الله عز وجل يقول: ‏
‏﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾ ‏
‏[ سورة المؤمنون الآية : 69]‏
وكأن الله جلّ جلاله يدعونا إلى معرفة نبينا، معرفة النبي جزء من الدين، ‏والتعريف بالنبي جزء من الدعوة إلى الله، اعلم علم اليقين أن جزءاً من نشاطك ينبغي أن ‏يتجه لمعرفة هذا النبي الكريم:‏
‏(( سَلُوا الله لي الوسيلةَ ، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله ‏وأرجو أن أكونَ أنا )) .‏
‏[أخرجه الترمذي عن أبي هريرة ] ‏
مقام أوحد في بني البشر يحتله النبي عليه الصلاة والسلام، اللهم رب هذه الدعوة ‏التامة، والصلاة القائمة، آتِ سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام ‏المحمود الذي وعدته، والمقام المحمود هو مقام لواحد من بني البشر، هو النبي عليه الصلاة ‏والسلام، لذلك قوله تعالى:‏
‏﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾ ‏
‏[ سورة المؤمنون الآية : 69]‏
دعوة إلى معرفة النبي:‏
‏﴿ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ ﴾‏
‏[ سورة سبأ الآية : 46 ]‏



إذاً: مدارسة أحوال النبي، وشمائل النبي، وأقوال النبي، وأفعال النبي، وكمالات ‏النبي، جزء من الدين لأنه القدوة.‏
بالمناسبة دائماً الكمال والأخلاق من دون أن تجسد بإنسان لا قيمة لها، أي عظمة ‏هذا الدين أن الكمال الذي أراده الله تراه برسول الله، أي السيرة حقيقة مع البرهان عليها، ‏السيرة كمال مجسد في إنسان، السيرة هي أن إنساناً هو قرآن يمشي، والذي قال: الكون قرآن ‏صامت والقرآن كون ناطق والنبي قرآن يمشي، كلام رائع، بل إن السيدة عائشة رضي الله ‏عنها، تقول: ‏
‏(( كان خلقه القرآن )) .‏
‏[ مسلم عن عائشة ]‏
أخوانا الكرام، معرفة هذا النبي الكريم إنجاز كبير لكل مؤمن، يقول الله عز ‏وجل:‏
‏﴿ وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ .‏
‏[ سورة هود الآية : 120 ] ‏
إذا كان قلب سيد الخلق وحبيب الحق يزداد يقيناً بسماع قصة نبي دونه فلأن ‏يمتلئ قلبنا إيماناً وتألقاً بمعرفة سيرة سيد الأنبياء من باب أولى.‏
‏﴿ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ ﴾‏
‏[ سورة سبأ الآية : 46 ]‏
هذا كله يؤكد أن معرفة رسول الله صلى الله عليه وسلم جزء من الدين بل إن ‏قوله تعالى:‏
‏﴿ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا ﴾‏
‏[ سورة التغابن الآية : 8]‏
وكل أمر يقتضي الوجوب.‏



شيء آخر إنك تعتز بأستاذ لك كبير، بعالم جليل، لأنه درس العلم على يد علماء ‏كبار، فكيف بالنبي وقد تولى الله تعليمه؟
‏﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى *ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ﴾‏
‏[ سورة النجم الآية : 5-6]‏
وهو أمي، معنى أمي الفكرة دقيقة، لو جاءنا أعلى طبيب جراح بالعالم، يحمل ‏بضع شهادات عليا، وله تجارب رائعة في العمل الجراحي، ودخل مطار دمشق وهو لا يتقن ‏اللغة العربية، فإذا قلنا: هذا الطبيب اللامع والعالم الكبير هو أمي في اللغة العربية، كلامنا ‏صحيح، هل تعني أمي أنه جاهل؟ قد يكون أعلم العلماء لكن من حيث اللغة لا يتقنها، فالنبي لا ‏يكتب ولا يقرأ، ولكن الله تولى تعليمه، لأن وعاءه الثقافي ما أراده الله أن يكون ممتلئاً بثقافة ‏أهل الأرض، وتكلم النبي مع أصحابه، يسأله أصحابه مع كل كلمة يقولها هذه من ثقافتك أم ‏من الوحي؟ فشاءت حكمة الله أن يكون وعاء النبي الثقافي فارغاً من كل ثقافة أرضية، وأن ‏يملأ هذا الوعاء بوحي السماء، لذلك قال تعالى:‏
‏﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ .‏
‏[ سورة النجم الآية : 3-4 ]‏
إذاً أمية النبي عليه الصلاة والسلام وسام شرف له، وأميتنا وصمة عار بحقنا.‏



أيها الأخوة: ولكن هو سيد الأنبياء والمرسلين، وسيد ولد آدم، وقد عصمه الله ‏ويوحى إليه ولكنه بشر، لولا أنه بشر تجري عليه كل خصائص البشر لما كان سيد البشر:‏
‏﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾‏
‏[ سورة الكهف الآية : 110 ]‏
أي هذا الكلام ينضم إلى موضوع المقدمة، وفي دروس قادمة إن شاء الله ‏سنتحدث طويلاً عن شمائله كمالاً كمالاً وموقفاً موقفاً، ولعل الله سبحانه وتعالى ينفعنا بهذه ‏السلسلة من الدروس المتعلقة بشمائل النبي عليه الصلاة والسلام، وكل ما أرجوه أن تكون ‏هذه الدروس صالحة للتطبيق اليومي حتى ننتفع بها، وحتى نستحق نصر الله عز وجل ‏لقوله تعالى:‏
‏﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)﴾ .‏
‏[ سورة الأنفال ]‏





أيها الأخوة، كالعادة قسم آخر من الدرس يتعلق بالإعجاز العلمي، وفي هذه ‏الدقائق سأتحدث لا عن موضوع محدد، ولكن عن قيمة الإعجاز العلمي في حياتنا المعاصرة، ‏صدقوا ولا أبالغ أن هذه المادة مادة الإعجاز العلمي تعد المادة الأولى في الدعوة إلى الله، ‏لأن هذه المادة تؤكد أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن، إليكم بعض الأمثلة.‏
رواد الفضاء حينما صعدوا إلى الفضاء الخارجي، وركبوا مركبة فضائية، ‏وهذه أعلى سرعة صنعها الإنسان، أيها الأخوة، ما الذي حدث؟ بعد أن تجاوز رواد الفضاء ‏طبقة الهواء، وفي طبقة الهواء حادث فيزيائي اسمه انتثار الضوء، أشعة الشمس إذا سلطت ‏على ذرات الهواء، ذارات الهواء عكستها على ذرات أخرى، فكان الضياء في الأرض، فلما ‏تجاوز رواد الفضاء هذه الطبقة انتهت ظاهرة انتثار الضوء، ودخل الرواد في ظلام دامس، ‏فصاح الرائد الأول بأعلى صوته: لقد أصبحنا عمياً لا نرى شيئاً، وكان أحد كبار علماء الذرة ‏من مصر فاروق الباز في القاعدة التي انطلقت منها هذه المركبة، وسمع بأذنه قول رائد ‏الفضاء لقد أصبحنا عمياً، لو فتحنا القرآن الكريم على قوله تعالى:‏
‏﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنْ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ ، لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ ‏قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ﴾ ‏
‏[ سورة الحجر الآيات :14-15 ]‏
آية نزلت قبل ألف وأربعمئة عام تتطابق تطابقاً تاماً مع كلمة قالها رائد الفضاء، ‏وهو قد تجاوز مئة ألف كيلو متر نحو الفضاء، وبعد الأرض عن القمر ثلاثمئة وستين ألف ‏كيلو متر، ما هذا الكلام؟ هذه شهادة الله أن هذا القرآن الكريم كلامه، وأن الذي خلق الأكوان ‏هو الذي أنزل هذا القرآن الكريم.‏
أيها الأخوة الكرام، وكالة فضائية هي أضخم وكالة في العالم "ناسا"، عرضت ‏صورة إذا تأملتها لا تشك لثانية واحدة أنها وردة جورية، بأوراقها الحمراء الداكنة، ووريقاتها ‏الخضراء الزاهية، وكأسها الأزرق في الوسط، تأملها جيداً وردة جورية كُتب تحتها: صورة ‏انفجار لنجم اسمه عين القط يبعد عن الأرض ثلاثة آلاف سنة ضوئية، والضوء يقطع في ‏الثانية الواحدة ثلاثمئة ألف كيلو متر، افتح القرآن الكريم على قوله تعالى:‏
‏﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ .‏
‏[ سورة الرحمن الآيات : 37-38 ]‏
هذا القرآن الكريم، تركب طائرة من أرقى الأنواع"777" ، في الدرجة الأولى ، ‏مقاعد وثيرة مكيفة، أمامه الصحف والمجلات، أنواع الأطعمة الفاخرة، فضائيات، برامج، ‏وأنت على ارتفاع يقدر بأربعين ألف قدم، وتحمل هذه الطائرة أربعمئة إنسان، يأكلون، ‏ويشربون، وينامون، ويستيقظون، وهي تجري بهم في الفضاء الخارجي، تفتح القرآن الكريم ‏تقرأ قوله تعالى:‏
‏﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا ﴾ .‏
‏[ سورة النحل الآية : 8 ]‏
أنت راكب طائرة أين الحمار من الطائرة؟ لكن حينما تتابع الآية:‏
‏﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ .‏
‏[ سورة النحل الآية : 8 ]‏
فالطائرة، والسيارة، والحوامة، والباخرة، والسفينة، وكل وسائل النقل، والقطار ‏السريع، أي تزيد سرعته عن ثلاثمئة وخمسين كيلو متر دخل في هذه الآية، إذاً هو كلام الله ‏عز وجل.‏



القرآن الكريم فيه تقريباً ألف وثلاثمئة آية تتحدث عن الكون، وأنا أرى أيها ‏الأخوة، أن هذه الآيات الكونية هي منهج لنا للتفكر في خلق السماوات، لأن الله عز وجل ‏يقول:‏
‏﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ ‏يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا ‏خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ .‏
‏[ سورة آل عمران الآيات : 190-191 ]‏
إذاً التفكر في خلق السماوات والأرض فرض على كل مسلم لقول النبي عليه ‏الصلاة والسلام: "الويل لمن لم يفكر بهذه الآية".‏
لذلك إن شاء الله مع سلسلة هذه الدروس المتعلقة بشمائل النبي عليه الصلاة ‏والسلام سيكون لنا في كل درس ما يساوي عشر دقائق من الإعجاز العلمي، والإعجاز العلمي ‏يؤكد أن الذي خلق الأكوان هو الذي خلق الإنسان، وهو الذي أنزل القرآن الكريم، وهو المادة ‏الأولى في الدعوة إلى الله، لأن هذا العصر يؤمن بالعلم، والمفاجأة الصاعقة أن بعض الكشوف ‏الحديثة والمتفوقة تجد أصلها في القرآن الكريم، وعدد كبير جداً من علماء الأرض حينما ‏يكتشفون شيئاً خطيراً يتميزون به، ثم يفاجؤون أن هذا الشيء الخطير قد ورد ذكره في القرآن ‏الكريم قبل ألف وأربعمئة عام، فلا يسعهم إلا أن يؤمنوا بالله جلّ جلاله، وإلى درس آخر إن ‏شاء الله.‏
والحمد لله رب العالمين ‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://m1970live.yoo7.com
محمد بركات
المدير العام
المدير العام
محمد بركات


الجنس : ذكر

عدد المساهمات عدد المساهمات : 703

تاريخ التسجيل : 26/06/2010

العمر : 46

الموقع الموقع : https://m1970live.yoo7.com


السيرة ـ ‏الشمائل المحمدية ‏ Empty
مُساهمةموضوع: رد: السيرة ـ ‏الشمائل المحمدية ‏   السيرة ـ ‏الشمائل المحمدية ‏ Clock11السبت ديسمبر 25, 2010 9:45 pm

5


السيرة ـ الشمائل المحمدية : (الدرس: 2) ـ مقدمة ـ لفضيلة الدكتور محمد ‏راتب النابلسي. ‏


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، ‏اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى ‏جنات القربات .‏

الفرائض شرط أساسي لسلامة الإنسان وسعادته :‏

أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الثاني من دروس الشمائل النبوية، وتحدثنا في ‏درس سابق عن أن معرفة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم القولية، ومعرفة سنته العملية ‏أي سيرته فرض عين على كل مسلم، انطلاقاً من أنه ما لا يتم الفرض إلا به فهو فرض، وما ‏لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وما لا تتم السنة إلا به فهو سنة، وتوضيحاً لذلك الوضوء ‏فرض لأن الصلاة فرض ولا تتم إلا به، وحينما يقول الله عز وجل:‏
‏﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ .‏
‏[ سورة الحشر الآية : 7 ]‏
كيف نأتمر بما آتانا وكيف ننتهي عما عنه نهانا إن لم نعرف ما الذي آتانا وما ‏الذي عنه نهانا؟ إذاً هناك في حياتنا فرائض، هناك واجبات، هناك سنن مؤكدة، هناك سنن ‏غير مؤكدة، هناك مستحبات، هناك مباحات، هناك مكروهات كراهة تنزيهية، هناك مكروهات ‏كراهة تحريمية، هناك حرام، أي الفرائض شرط أساسي لسلامتك وسعادتك، والمحرمات ‏تحرمك السلامة والسعادة، دقق فرائض، واجبات، سنن مؤكدة، سنن غير مؤكدة، مستحبات، ‏مباحات، مكروهات كراهة تنزيهية، مكروهات كراهة تحريمية، ما من حركة، ولا سكنة، ولا ‏نشاط في ليل أو نهار، في أي مكان، في أي زمان، إلا ويغطى بأحد هذه الأحكام الشرعية، ‏ولكن الكمال الذي أراده الله لنا، مكارم الأخلاق التي بها نصل إلى الجنة، حيث ما لا عين ‏رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، هذا الكمال لا يمكن أن يعيش في الكتب ‏فقط، لا بدّ من أن نراه في إنسان متحرك، كيف أن الكون قرآن صامت، وكيف أن القرآن ‏كون ناطق، إلا أن النبي عليه الصلاة و السلام قرآن يمشي، هذه الفضائل، هذه القيم، هذه ‏المكارم، العطاء، الكرم، الشجاعة، الحلم، الصبر، هذه الفضائل، لا قيمة لها إطلاقاً إذا بقيت ‏في الكتب.‏

أدب الحياة و أدب الكتب :‏




لذلك قالوا: والشيء بالشيء يذكر، هناك أدب الحياة، وهناك أدب الكتب، أدب ‏الكتب ينبع من الكتب ويصب في الكتب، لكن أدب الحياة ينبع من الحياة، ويصب في الحياة، ‏فلذلك الفضائل التي ينبغي أن نتحلى بها، مكارم الأخلاق التي ينبغي أن ندخرها حينما نلقى الله ‏عز وجل، الكمال الذي يليق بالإنسان، هذه القيم التي جاء بها الأنبياء لا قيمة لها إطلاقاً إذا ‏بقيت في الكتب، لابدّ أن تكون ممثلة في بشر يتحركون أمامنا، فلذلك تعد مهمة النبي صلى الله ‏عليه وسلم على شقين، مهمة التبليغ؛ والتبليغ سهل أي إنسان آتاه الله طلاقة لسان، آتاه الله ‏علماً، آتاه الله فكراً ثاقباً يبلغ، فإذا صحّ أن مهمة النبي صلى الله عليه وسلم الأولى هي التبليغ ‏لكن المهمة الكبرى هي القدوة، أن يكون قدوة لنا.‏
ذلك أن كل إنسان هناك شخصية يكونها، وهناك شخصية يتمنى أن يكونها، ‏وهناك شخصية يكره أن يكونها، المؤمن الصادق الشخصية التي يتمنى أن يقتفي أثرها، أن ‏يسير على منهجها، أن يتبعها، هي شخصية النبي عليه الصلاة والسلام والدليل:‏
‏﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ ﴾ .‏
‏[ سورة الأحزاب الآية : 21] ‏
لكن في الآية ملمح دقيق إذا كنت ترجو الله، إلهي أنت مقصودي، ورضاك ‏مطلوبي، إذا كنت ترجو الله واليوم الآخر ينبغي أن تكون شخصية النبي عليه الصلاة والسلام ‏هي القدوة والمثل.‏

معرفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض عين على كل مسلم :‏

لذلك بناء على هذه المقدمة لا بدّ أن تعرف جوانب هذه الشخصية، لا بدّ من أن ‏تعرف شمائلها، لا بدّ من أن تعرف كمالها، لا بدّ من أن تعرف خصائصها، لذلك الله عز ‏وجل يقول في محكم كتابه:‏
‏﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾ ‏
‏[ سورة المؤمنون الآية :69]‏
يقول الله عز وجل:‏
‏﴿ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ ﴾‏
‏[ سورة سبأ الآية : 46]‏
إذاً معرفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض عين على كل مسلم، لأن كل ‏أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب ما لم تقم قرينة على خلاف ذلك، وما دام هذا الأمر ‏يقتضي الوجوب من لوازم تنفيذ هذا الأمر أن تعرف جوانب هذه الشخصية الفذة الأولى في ‏العالم، ورد في بعض الأحاديث:‏
‏(( سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو ‏أن أكون أنا )) .‏
‏[ أخرجه مسلم عن ابن عمر ] ‏
كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، لذلك نقول قبل أن نصلي: "اللهم رب هذه ‏الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آتِ سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم الوسيلة والفضيلة ‏والدرجة العالية الرفيعة، وابعثه المقام المحمود"، هذا النبي عليه الصلاة والسلام، هذا القدوة، ‏هذا المثل، هذا المخلوق الأول الذي أقسم الله بحياته، قال تعالى:‏
‏﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ .‏
‏[ سورة الحجر ]‏

إدارة الوقت هو سلوك الأذكياء :‏

هذا العمر الذي نعيشه، نحن بِضْعَةُ أيام، كلما انقضى يومٌ انقضى بِضْعٌ منه، مرة ‏كنت مديراً في ثانوية، في محافظة جنوبية، أذكر أنه بعد ثلاثين عاماً كان طالباً من طلابي في ‏الصف العاشر، فإذا به يحتل منصباً رفيعاً دعاني إلى هذه البلدة، قلت: يا رب بين الزيارتين ‏ثلاثون عاماً، كيف مضت هذه الأعوام الثلاثون؟ كلمح البصر، لذلك قالوا: الدنيا ساعة اجعلها ‏طاعة، والنفس طماعة عودها القناعة، أي الزمن يمضي سريعاً، وأنت بضعة أيام وكلما ‏انقضى يوم من حياتك انقضى بضع منك، مثلاً إنسان يملك سبعين ليرة كلما أنفق ليرة نقص ‏ماله، فأنت لك عند الله عمر ثابت، انظر إلى عقرب الثواني كل حركة تشير إلى ثانية، معنى ‏ذلك أن العمر قد قلّ ثانية، أنا لا أرى أن هناك عمل أليق بالمؤمن، ولا أكمل، من أن يدير ‏وقته، وقت لمعرفة الله، وقت للتفكر في خلق السماوات والأرض، وقت لأداء العبادات، وقت ‏للجلوس مع الأهل، وقت لتعليم الأولاد، وقت لوصل أخوانك الكرام، وقت للعمل، وقت ‏للصلاة، إدارة الوقت هو سلوك الأذكياء، النبي عليه الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة قال:‏
‏(( اِغْتَنِمْ خَمْساً قَبْلَ خَمْسٍ : شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ ‏فَقْرِكَ، وَفَرَاغِكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ )) .‏
‏ [ أخرجه الحاكم والبيهقي عن ابن عباس وأحمد عن عمرو بن ميمون ] . ‏

النبي عليه الصلاة والسلام كان المخلوق الأول في إدارة الوقت :‏

أيها الأخوة الكرام، إدارة الوقت شيء رائع، لأن الله عز وجل أقسم بعمر النبي ‏عليه الصلاة والسلام، لأنه كان المخلوق الأول في إدارة الوقت.‏
‏(( أكثروا من ذكر هادم اللذات ـ مفرق الأحباب ـ مشتت الجماعات )) .‏
‏[أخرجه الترمذي والنسائي عن أبي هريرة ] . ‏
‏(( عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ‏مجزي به )) .‏
‏[ أخرجه الشيرازي عن سهل بن سعد و البيهقي عن جابر ] . ‏
آية أخرى:‏
‏﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾ ‏
‏[ سورة المؤمنون الآية :69]‏
ينبغي أن نعرفه، لذلك قالوا: مستحيل وألف ألف ألف مستحيل أن تعرفه ثم لا ‏تحبه، بل مستحيل وألف ألف مستحيل أن تحبه ثم لا تطيعه، وقد ورد في صفات النبي عليه ‏الصلاة والسلام أنه من رآه بديهة هابه، ومن عامله أحبه، هل أنت كذلك؟ لك هيبة لكن إذا ‏احتك بك الناس أحبوك؟ إذا احتك بك الناس هاموا بك؟ حينما يقول الله عز وجل:‏
‏﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ﴾ .‏
‏[ سورة الحجرات الآية : 15 ]‏
هناك أمر إلهي أن تؤمن بهذا الرسول، مرة قال النبي عليه الصلاة والسلام، قبيل ‏معركة بدر: لا تقتلوا عمي العباس، رجل حول النبي عليه الصلاة والسلام، قال: أحدنا يقتل ‏أباه وأخاه في المعركة، وينهانا عن قتل عمه! لم يفهم هذا التوجيه، ثم تبين بعد حين أن عمه ‏قد أسلم وهو هناك، وهو عينه في قريش، وكانت إدارة النبي عليه الصلاة والسلام في أعلى ‏مستوى، فكل قرار تتخذه قريش يكون عند النبي عليه الصلاة والسلام، يقول هذا الرجل ‏الصحابي: ظللت أتصدق عشر سنين رجاء أن يغفر الله لي سوء ظني برسول الله.‏

تواضع النبي عليه الصلاة والسلام ووفاؤه :‏

مقام النبوة، سيدنا عمر دخل على سيدنا رسول الله، وقد اضطجع على حصير، ‏وأثر الحصير على جنينه الشريف، أو على خده، فبكى عمر، قال : يا عمر ماذا يبكيك؟ قال: ‏رسول الله ينام على الحصير وكسرى ملك الفرس ينام على الحرير، قال: "يا عمر إنما هي ‏نبوة وليست ملكاً"، أنا لست ملكاً، إنما هي نبوة وليست ملكاً.‏
‏((هون عليك فإني ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد بمكة)) .‏
‏[ ابن ماجه عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ]‏
تواضعه عجيب، كان النبي عليه الصلاة والسلام في سفر وأرادوا أن يعالجوا ‏شاةً، فقال أحدهم: عليّ ذبحها يا رسول الله، فقال الثاني : وعليّ سلخها، وقال الثالث : عليّ ‏طبخها، فقال عليه الصلاة والسلام : وعليّ جمع الحطب، فقالوا: نكفيك ذلك يا رسول الله، ‏قال: أعلم أنكم تكفوني، ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه.‏
والله أيها الأخوة بذكر محمد صلى الله عليه وسلم تتعطر المجالس، كان إذا دعاه ‏أترابه إلى اللعب يقول: أنا لم أخلق لهذا.‏
وحينما جاءته رسالة الهدى، دعته زوجته لأخذ قسط من الراحة قال: يا خديجة ‏انقضى عهد النوم.‏
لما فتح مكة ودعاه سادتها ليبيت عندهم، فقال لهم: انصبوا لي خيمة عند بيت ‏خديجة، ليعلم العالم كله أن هذه المرأة التي في القبر هي شريكته في النصر.‏
ما هذا الوفاء! معه زوجة شابة في ريعان الشباب، فضجرت من كثرة ذكره ‏لخديجة، خديجة في سن أمه عندما تزوجها كانت في سن الأربعين، هو في الخامسة ‏والعشرين، وعنده فتاة في ريعان الشباب قالت له مرة: ألم يبدلك الله خيراً منها؟ قال: لا والله ‏لا والله لا والله، ما هذا الوفاء؟
عندما فتح مكة، من في مكة؟ مكة التي أخرجته، مكة التي ائتمرت على قتله، مكة ‏التي نكلت بأصحابه، مكة التي حاربته ثلاثة حروب، بدر، وأحد، والخندق، مكة التي تفننت ‏بقتل أصحابه، ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، قال: فاذهبوا فأنتم ‏الطلقاء. هذا العفو، يوم دانت له الجزيرة العربية من أقصاها إلى أقصاها، صعد المنبر ‏واستقبل الناس باكياً وقال: من كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه، ومن كنت جلدت له ‏ظهراً فهذا ظهري فليقتدْ منه، ومن كنت شتمتُ له عرضاً فهذا عرضي، ولا يخشى الشحناء، ‏فإنها ليست من شأني، ولا من طبيعتي. ‏

معرفة شمائل النبي فرض عين على كل مسلم لأنه قدوة لنا :‏

هذا الإنسان العظيم، هذا الذي بلغ سدرة المنتهى، هذا هو المخلوق الأول، هذا ‏سيد الأنبياء والمرسلين، هذا سيد ولد آدم، أيعقل أن لا نعرفه؟ أيعقل أن لا ندرس شمائله، ‏كمالاته، صدقوا ولا أبالغ إن معرفة شمائل النبي عليه الصلاة والسلام، فرض عين على كل ‏مسلم، لأنه قدوة لنا والدليل:‏
‏﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ ‏كَثِيراً﴾‏
‏[ سورة الأحزاب الآية : 21]‏

أدلة على ضرورة معرفة شمائل النبي :‏

أيها الأخوة، من الأدلة على ضرورة معرفة شمائل النبي قول الله عز وجل:‏
‏﴿ وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ .‏
‏[ سورة هود الآية : 120 ] ‏
إذا كان قلب سيد الخلق وحبيب الحق يزداد يقيناً بسماع قصة نبي دونه فلأن يمتلئ ‏قلبنا إيماناً وتألقاً بمعرفة سيرة سيد الأنبياء من باب أولى، هناك آية حينما تقرأها لا شك أنه ‏يقشعر بدنك:‏
‏﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ ﴾ .‏
‏ [ سورة الحجرات الآية : 7 ] ‏
هو فينا، هو معنا، سنته بين أيدينا، أحاديثه بين أيدينا، مواقفه بين أيدينا، سيرته ‏بين أيدينا، كمالاته بين أيدينا:‏
‏﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ ﴾ .‏
‏[ سورة الحجرات الآية : 7 ] ‏

أُميّة النبي الكريم وسام شرف له وأميتنا وصمة عار بحقنا :‏

أيها الأخوة، النبي عليه الصلاة والسلام أمي، أميته وسام شرف له، لأن الله عز ‏وجل ما أراد من وعائه الثقافي أن يمتلئ من ثقافات الأرض، أراد أن يكون وعاؤه الثقافي ‏خالياً من كل ثقافة أرضية، وأن يمتلئ بوحي السماء، لذلك:‏
‏﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ ‏
‏[ سورة النجم الآيات : 3-4]‏
‏﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ﴾‏
‏[ سورة النجم الآيات : 5-6]‏
لذلك أميته وسام شرف، وأميتنا وصمة عار، لأننا نحن ينطبق علينا الحديث ‏الشريف:‏
‏(( إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، وإنما الكرم بالتكرم )) .‏
‏[أخرجه الطبراني عن أبي الدرداء ] ‏

الله تعالى شرّف الإنسان و كرّمه وأحسن إليه حينما سمح له أن يعبده :‏

شيء آخر، أنا أقول لكم دائماً: لو أن طفلاً عقب العيد زاره أحد أقربائه، فهذا ‏الطفل ممتلئ فرحاً، بمبلغ من المال حصّله في أثناء العيد، قال لهذا القريب الزائر: معي مبلغ ‏عظيم، كم نقدر هذا المبلغ؟ نقدره بحسب القائل، طفل صغير، في الصف الخامس، أبوه ‏مهندس، دخله وسط، له بعض الأقارب، فإذا قال الطفل: معي مبلغ عظيم أي حوالي خمسمئة ‏ليرة، دقق إذا قال مسؤول كبير بالبنتاغون: أعددنا لهذه الحرب مبلغاً عظيماً، نقدره بمئتي ‏مليار دولار، نفس الكلمة قالها طفل فقدرناها بخمسمئة ليرة، وقالها مسؤول كبير بالبنتاغون ‏فقدرناها بمئتي مليار دولار ، فإذا قال ملك الملوك :‏
‏﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾ .‏
‏[ سورة النساء الآية : 113 ]‏
والله أيها الأخوة سافرت شرقاً وغرباً، أناس في اليابان يعبدون ذكر الرجل، وفي ‏الهند يعبدون الجرذان، وفي مكان يعبدون الشمس، وفي مكان يعبدون القمر، وفي مكان ‏يعبدون الحجر، وفي مكان يعبدون النار، وفي مكان يعبدون موج البحر، الله عز وجل شرّفنا، ‏وكرّمنا، وأحسن إلينا، حينما سمح لنا أن نعبده، نحن نعبد الواحد الديان، نعبد خالق السماوات ‏والأرض، نعبد من بيده ملكوت كل شيء، الآن هل من الممكن أن نضغط الدين كله بكلمات؟ ‏قال تعالى:‏
‏﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ (110) ﴾‏
‏[ سورة الكهف الآية : 110 ]‏

الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق :‏


الآن دقق:‏
‏﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ﴾ .‏
‏[ سورة الكهف الآية : 110 ]‏
أردت أن تقيم علاقة مع الله، أردت أن تحكم الصلة بينك وبين الله، ﴿ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً ‏صَالِحاً ﴾، أوضح مثل مجند غر أقل رتبة في الجيش، وأعلى رتبة عماد أركان حرب، بينهما ‏عشرات الرتب، سبعة ، وسبعتان، عريف أول، و ثمانية، وثمانيتان، ونجمة، ونجمتان، وتاج ‏ونجمتان، ثم عماد، هذا المجند الغر الذي التحق منذ التطوع بإمكانه أن يدخل على العماد من ‏دون إذنٍ؟ إلا بحالة واحدة، إن رأى ابن هذا العماد يسبح فكاد يغرق، فألقى بنفسه وأنقذه، ‏يدخل بلا إذن، وهذا العماد أركان حرب يقابله فوراً، ويحترمه، ويضعه جانبه، ويضيفه، أليس ‏كذلك؟ ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً ﴾، اعمل عملاً صالحاً مع هرة، مع ‏حيوان، مع صغير، مع يتيم، مع جائع، مع مضطهد، مع مظلوم، والله الطرائق إلى الخالق ‏بعدد أنفاس الخلائق، ضمن البيت هناك طرق إلى الله سالكة، وأنت في الطريق هناك طرق ‏إلى الله، وأنت في المسجد، وأنت في العمل.‏
لذلك أيها الأخوة هذا هو الدرس الثاني التمهيدي من شمائل النبي عليه الصلاة ‏والسلام، وسوف إن شاء الله نقف ملياً عند هذه الشمائل، فلعل الله عز وجل يرفعنا بها.‏

الإعجاز العلمي :‏

القمح :‏

والآن ننتقل إلى القسم الثاني من الدرس وهي الفقرة العلمية، أحياناً أقرأ هذه الآية، ‏فأحس أن لها أبعاداً كثيرة، هذه الآية:‏
‏ ﴿ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾‏
‏[ سورة النساء الآية : 119]‏
كيف؟ الله عز وجل خلق القمح، نحن ننزع قشره ونأكل نشاءً ليس غير، أحياناً أقف ‏معكم قليلاً عند المواد الخطيرة، والنافعة، والمفيدة، التي تنطوي عليها قشرة هذه الحبة، قال: ‏هذه الحبة جعلها الله غذاء كاملاً، فيها غلافٌ خارجيّ يزن تسعاً في المئةِ من مجموع وزنِها، ‏يُسمَّى عند الناس النُخالة، وفيها قشرةٌ رقيقةٌ تنطوِي على مادةٍ آزوتيةٍ لا تزيدُ عن ثلاثةٍ في ‏المئة من وزنِها، وفيها الرُّشَيْمُ الكائنُ الحيُّ الذي ينبتُ إذا توافرت له شروط الإنبات، ووزنُه ‏لا يزيدُ على أربعٍ في المئة من وزنِ حبَّةِ القمحِ.‏
إذا جمعنا تسعة وثلاثة وأربعة أي ستة عشر، بقي أربعاً وثمانين في المئة نَشاءٌ ‏خالصٌ، لكنها بيضاء ، أما الخبز مع قشره أسمر اللون، كل الخير، كل الفوائد، كل ‏الفيتامينات، كل المعادن، كل المواد الثمينة في قشرة القمحة، ننزعها ونطعمها للدواب ونأكل ‏النشاء الخالص هذه الحضارة.‏
ماذا نفعل نحن؟ ننزعُ عن القمحةِ غلافَها، وغشاءَها، ولا يبقى لنا إلا النّشاءُ ‏الخالصُ، أمّا هذا الغلافُ الذي يسمِّيه الناس نُخالةً، ففيه ستةُ فيتامينات، فيتامين ب1، ب2 ‏ب6...، و في هذا الغلافِ مادةٌ فسفوريةٌ هي غذاءٌ للدماغِ نطعمها نحن للدواب، وفي هذا ‏الغلافِ حديدٌ يَهَبُ الدمَ قوةً وحيويةً، ويُعِينُ على اكتسابِ الأوكسجين مِنَ الرئتين، وفي هذا ‏الغلافِ الكالسيوم الذي يبني العظامَ، ويقوِّي الأسنانَ، وفي هذا الغلافِ السيلكون الذي يقوِّي ‏الشعرَ ويزيدُه قوةً ولمعاناً، وفي هذا الغلافِ اليود الذي ينشط عملَ الغدّةِ الدَرَقِيَّةِ، ويُضفِي على ‏آكلِه السكينةَ والهدوءَ، اليود له مفعول المسكن، وفيه البوتاسيوم، والصوديوم، والمغنيزيوم، ‏تدخلُ هذه المعادنُ كلُّها في قشرة القمح الذي نطعمها للدواب.‏
أيها الأخوة، أما نحن نأكل النشاء الصافي الذي كما وَصَفَه بعضُ الأطباءِ غراءٌ جيدٌ ‏للمعدةِ، ائت بلب الخبز الأبيض اضغطه ثم ضعه في كأس ماء لا ينحل أبداً، لأنه غراء.‏

فوائد قشرة القمح :‏

لكن الإبداع الإلهي في خلق هذه القشرة بما فيها من فوائد هو من أجل أن نأكلَ ‏القمحَ بقشرِه، حتى نستفيدَ مِن هذه الموادِ التي أودَعَهَا اللهُ في قشرةِ القمحِ ، والله أعلم كل ‏الأدوية التي تعالج الإمساك والإمساك ينتج عنه خمسين مرضاً، كل الأدوية التي تعالج ‏الإمساك هذه الأدوية موجودة في قشرة القمح، لا يوجد إنسان يأكل خبز مع نخالته معه ‏إمساك، أي أكبر مادة فعالة في تنظيم الأمعاء النخالة، لذلك جميع الأدوية التي تعين على ‏الهضم مأخوذة من قشر القمح.‏
إذا غُلِيَتْ هذه القشورُ بالماءِ الساخنِ كانتْ مهدئةً للسعالِ والزكامِ، وإذا شُرِبَ هذا ‏المغليُّ كان قابضاً للأمعاءِ، وكان دواءً لتقرُّحاتِ المعدةِ وللزحار، وهو غذاء للجلدِ ووقاية له ‏من أمراضِه، وعلى رأس هذه الأمراض الأكزيما .‏
وقاية للجلد من الأمراض، قابض للأمعاء، دواء لتقرحات المعدة، وللزحار، مهدئ ‏للسعال والزكام، لذلك حين نأكل كما أراد الله لنا أن نأكل، وحين نطبق سنة النبي عليه الصلاة ‏والسلام في الأكل، نضمن لأنفسنا الصحةَ والبُعدَ عن الأمراض .‏
‏(( سئل الصحابي الجليل سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ : " هَلْ رَأَيْتَ النَّقِيَّ ـ الطحين المنخول ‏ـ قَالَ : مَا رَأَيْتُ النَّقِيَّ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ : فَهَلْ كَانَ لَهُمْ ‏مَنَاخِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَا رَأَيْتُ مُنْخُلاً حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ ‏اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ : فَكَيْفَ كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ غَيْرَ مَنْخُولٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، كُنَّا ‏نَنْفُخُهُ فَيَطِيرُ مِنْهُ مَا طَارَ وَمَا بَقِيَ ثَرَّيْنَاهُ " )).‏
‏[ ابن ماجه عن عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ ]‏
وورد في الأثر أن أول بدعة ابتدعها المسلمون بعد وفاة رسول الله نخل الدقيق.‏
والحمد لله رب العالمين ‏




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://m1970live.yoo7.com
محمد بركات
المدير العام
المدير العام
محمد بركات


الجنس : ذكر

عدد المساهمات عدد المساهمات : 703

تاريخ التسجيل : 26/06/2010

العمر : 46

الموقع الموقع : https://m1970live.yoo7.com


السيرة ـ ‏الشمائل المحمدية ‏ Empty
مُساهمةموضوع: رد: السيرة ـ ‏الشمائل المحمدية ‏   السيرة ـ ‏الشمائل المحمدية ‏ Clock11الأربعاء ديسمبر 29, 2010 1:36 am

8



السيرة ـ الشمائل المحمدية : (الدرس: 3) ـ مقدمة ، السواك ـ لفضيلة الدكتور ‏محمد راتب النابلسي.


‏ ‏

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، ‏اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى ‏جنات القربات .‏

الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام واسعة جداً :‏



أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الثالث من دروس الشمائل النبوية، ولا زلنا في ‏المقدمة.‏
أيها الأخوة الكرام، موضوع دقيق وهو أن الله عز وجل يقول:‏
‏﴿ وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾ .‏
‏[ سورة التوبة الآية : 103 ] ‏
ويقول أيضاً:‏
‏﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ .‏
‏[ سورة الأحزاب الآية : 56 ]‏
الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام واسعة جداً، منها أن تقول: اللهم صلِّ ‏على سيدنا محمد، منها أن تقرأ سيرته، منها أن تتأمل في شمائله، منها أن تقف على كمالاته، ‏منها أن ترى منهجه، منها أن تطبق منهجه، أي: أية علاقة برسول الله، علاقة علمية، علاقة ‏اتباع، علاقة طاعة، علاقة حب، علاقة تعظيم، علاقة إكبار، أية علاقة برسول الله تعد هذه ‏العلاقة نوعاً من الاتصال به، وتعد هذه العلاقة نوعاً من الصلاة عليه، وكأن الله عز وجل:﴿ ‏إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ﴾، هذه الصلاة من الله عز وجل وملائكته على النبي ‏تعني أنه أقرب مخلوق إلى الله، لأنه قريب من الله كان نموذج الكمال البشري، لأن الله الذات ‏الكاملة، الذات الكاملة الكمال المطلق، أية جهة اتصلت بالكمال المطلق اشتقت الكمال، أي لا ‏تصدق إنساناً له صلة بالله قاسي القلب، مستحيل، أو إنه يكذب، إنه لا يتصل بالله، إنسان ‏يتصل بأصل الكمال، أصل الجمال، أصل النوال، إنسان يتصل بصاحب الأسماء الحسنى ‏والصفات الفضلى، إنسان يتصل بالله وله قلب قاس؟! إنسان يتصل بالله ويكذب؟! إنسان يتصل ‏بالله ويخدع؟! إنسان يتصل بالله ويسقط؟! مستحيل.‏

النبي عليه الصلاة والسلام هو المخلوق الأول رتبة :‏



‏﴿ قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ﴾ .‏
‏[ سورة الزخرف ]‏
أول عابد لله، المخلوق الأول لقد أقسم الله بعمره الثمين، إله عظيم يقسم بعمر ‏مخلوق:‏
‏﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ .‏
‏[ سورة الحجر الآية : 72]‏
إذاً: :﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ﴾، هذا الاتصال المحكم المتين من ‏رسول الله صلى الله عليه وسلم بالله، إذاً هو منبع الكمال: ﴿ِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا صَلُّوا عَلَيْهِ ‏‏﴾، أي أنا أتجلى عليه، يا أيها المؤمن اتصل به، نوع من الصلة، إذا وقفت على سيرته هذه ‏صلة، إذا وقفت على كمالاته على منهجه، على رحمته، على عدله، على حرصه على هداية ‏الخلق، هذا كله نوع من الصلة، أي أن تعيش مع النبي عليه الصلاة والسلام، صدقوا ولا أبالغ ‏المؤمن الصادق يعيش مع النبي وأصحابه، طبعاً هو لا يعيش معهم بجسمه، ألف وأربعمئة ‏عام، لكن تصوراته كلها كيف كان النبي عليه الصلاة والسلام يعامل أهله؟ كيف كان يعامل ‏أصحابه؟ كيف كان رحيماً؟ كيف كان أباً كاملاً؟ كيف كان أخاً عزيزاً؟ كيف كان زوجاً ‏صادقاً؟ كيف كان زعيماً مخلصاً؟ كيف كان قائداً شجاعاً؟ كيف كان رئيساً فذاً؟ ﴿ إِنَّ اللَّهَ ‏وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾.‏



معرفة رسول الله معرفة شطر الدين :‏

أيها الأخوة الكرام، بلا مبالغة كلمة الإسلام الأولى: لا إله إلا الله محمد رسول ‏الله، فمعرفة رسول الله معرفة شطر الدين، نصف الدين، معرفة الله على أنه إله واحد كلمة ‏التوحيد وكلمة الرسالة، إذا أردت أن تضغط الإسلام كله بكلمتين، لا إله إلا الله محمد رسول ‏الله، الكلمة الأولى كلمة التوحيد، والدليل:‏
‏﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ ﴾ .‏
‏[ سورة الأنبياء الآية : 25 ] ‏
الآن بعد ﴿ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ ﴾ تلخيص دعوة الأنبياء جميعاً:‏
‏﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ .‏
‏[ سورة الأنبياء الآية : 25 ]‏
توحيد وعبادة، الفكر توحيد والحركة عبادة، المنطلق النظري توحيد، والسلوك ‏العملي عبادة، الإسلام عقيدة وسلوك، منطلقات نظرية، تطبيقات عملية، حركة فكرية، وحركة ‏بالجوارح، شيء تقنع به، وشيء تتحرك إليه، فأول كلمة لا إله إلا الله، الكلمة الثانية هذا ‏الكمال الذي دعينا إليه، هذا الكمال الذي ينبغي أن نكون عليه ممثل في شخص النبي عليه ‏الصلاة والسلام:‏
خلقت مبرأ من كل عيــب كأنك قد خلقت كما تشاء
‏***‏

أحد أسباب سعادة الإنسان أن يعيش مع رسول الله في فكره وتصوراته :‏

أحد ‏
أيها الأخوة، أحد أسباب سعادة الإنسان أن يعيش مع رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم، أن يعيش في فكره، في تصوراته، في مشاعره، في أحاسيسه، أن يقرأ سيرته، أن يقرأ ‏شمائله، لأنه الإنسان الكامل، الإنسان الموصول بالله عز وجل، إذاً، ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ ‏يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ﴾.‏
ورد في بعض الأحاديث:‏
‏(( سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو ‏أن أكون أنا )) .‏
‏[ أخرجه مسلم عن ابن عمر ] ‏
اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آتِ سيدنا محمداً صلى الله عليه ‏وسلم الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته، هذا هو المقام المحمود:‏
‏﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً*وَمِنَ ‏اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً ﴾ .‏
‏[ سورة الإسراء الآيات : 78-79 ]‏
سلوا لي المقام المحمود فإنه مقام لا ينبغي إلا لواحد من خلقه، وأرجو أن أكون ‏أنا، إذاً أنت تعيش في سعادة إذا كنت مع رسول الله.‏



تعطر المجالس بذكر الصالحين :‏



أيها الأخوة ‏
‏﴿ وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾ .‏
‏[ سورة التوبة الآية : 103 ]‏
هناك صحابي يجلس في الطريق ويبكي اسمه حنظلة، مرّ به الصّديق، رآه يبكي ‏قال: مالك يا حنظلة تبكي؟ قال: نافق حنظلة، قال له: ولِمَ يا أخي؟ قال حنظلة: نكون مع ‏رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن والجنة كهاتين، فإذا عدنا إلى بيوتنا وعافسنا الأهل ‏ننسى، أي كل واحد منا إذا أتى إلى بيت من بيوت الله، إذا أتى إلى المسجد، واستمع إلى ‏درس علم، هناك حالة في المسجد مريحة.‏
إنّ بيوتي في الأرض المساجد ، وإن زوّارها هم عمّارها ، فطُوبى لِعَبْد تطهّر ‏في بيته ثمّ زارني، الآن دقق وحُقّ على المزور أن يُكْرم الزائر، أنا لا أبالغ ولا أصدق أن ‏إنساناً يأتي إلى بيت من بيوت الله بنية التقرب إلى الله ولا يشعر براحة نفسية وهو في ‏المسجد، وحُقّ على المزور ـ من المزور؟ هو الله ـ أن يُكْرم الزائر، فلذلك أنت إذا كنت ‏في بيت من بيوت الله تشعر بسعادة، فكيف إذا كنت مع رسول الله؟ لذلك قال له: نافق حنظلة، ‏فسيدنا الصديق قال : أنا كذلك يا حنظلة ـ من أروع ما في الموقف التواضع ـ انطلق بنا ‏إلى رسول الله، فانطلقا إلى النبي عليه الصلاة والسلام وحدثاه بهذا الحال، فقال عليه الصلاة ‏والسلام: "نحن معاشر الأنبياء تنام أعيننا، ولا تنام قلوبنا، أما أنتم يا أخي فساعة وساعة، لو ‏بقيتم على الحال التي أنتم بها عندي، لصافحتكم الملائكة، ولزارتكم في بيوتكم" .‏
هذا الكلام دقيق جداً أي لا بدّ من أن يكون لك حال وأنت مع رسول الله صلى ‏الله عليه وسلم، لو بقيتم على الحال التي أنتم عليها عندي، لصافحتكم الملائكة، ولزارتكم في ‏بيوتكم، فلذلك:‏
‏﴿ وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾ .‏
‏[ سورة التوبة الآية : 103 ]‏
لذلك بأي مجلس إذا ذكر النبي عليه الصلاة والسلام، وإذا ذكر أصحابه الكرام، ‏تعطر المجلس، بل كما قيل: بذكر الصالحين تتعطر المجالس، والعياذ بالله وبذكر اللؤماء ‏تتعكر المجلس، اجلس في مجلس وتحدث عن إنسان لئيم بخيل، قاسٍ، زوج سيئ، ابن عاق، ‏زوجة متفلتة، تحس بضيق، الكمال مسعد والنقص مشقي، إذاً: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ ‏عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾.‏



معرفة شمائل النبي فرض عين على كل مسلم :‏



أيها الأخوة الكرام، أنا أؤكد لكم أن معرفة شمائل النبي عليه الصلاة والسلام، ‏ومعرفة سيرة النبي، ومعرفة أحاديث النبي، فرض عين على كل مسلم، بل إني أقول: أيها ‏الأخ الكريم لماذا تصلي؟ الجواب البديهي لأن الصلاة فرض، فإذا أثبت لك أن معرفة شمائل ‏النبي فرض عين على كل مسلم، الدليل ألم يقل الله:‏
‏﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ .‏
‏[ سورة الحشر الآية : 7 ]‏
هذا الأمر يقتضي التطبيق، كل أمر يقتضي الوجوب فكيف تطبق ما جاء به النبي ‏إن لم تعرف ما الذي جاء به؟ من لوازم تطبيق هذا الأمر أن تعرف ما الذي جاء به، وما ‏الذي عنه نهى، وكيف كان في سيرته، في بيته، مع أصحابه، في سلمه، في حربه، فلذلك أحد ‏أكبر المواد الدينية في التعليم الإسلامي أن نعرف شمائل النبي عليه الصلاة والسلام.‏



أقوال النبي وأفعاله وإقراره تشريع و كلّ هذا بين أيدينا :‏


أيها الأخوة، إذا قال الله عز وجل:‏
‏﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ ﴾ .‏
‏[ سورة الحجرات الآية : 7 ]‏
هل تعرفون قيمة هذه النعمة؟ هناك أديان تعبد البقر، أديان تعبد الشجر، تعبد ‏الحجر، تعبد الشمس والقمر، تعبد آلهة متعددة، فإذا كرمنا الله عز وجل وكنا أتباع النبي الأول ‏والرسول الأعظم، وكنا أتباع سيد الأنبياء والمرسلين، وسيد ولد آدم أجمعين، هذه نعمة لا ‏تعدلها نعمة، لذلك قال تعالى:‏
‏﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ ﴾ .‏
‏[ سورة الحجرات الآية : 7 ]‏
هو فينا، سيرته بين أيدينا، شمائله بين أيدينا، أخلاقه بين أيدينا، أنا أعتقد أنه ما من ‏إنسان على وجه الأرض كتبت ونقلت إلينا دقائق حياته، وتفاصيل حياته، وكل ظروفه، في ‏بيته، ومع أصحابه، وفي سلمه، وفي حربه، كما نقلت إلينا أفعال النبي عليه الصلاة والسلام، ‏طبعاً ينبغي ألا يغيب عنكم أن أقوال النبي عليه الصلاة والسلام تشريع، وأن أفعاله تشريع، ‏وإن إقراره تشريع، بل إنهم قالوا: إن سنة النبي عليه الصلاة والسلام تعني أقواله، وتعني ‏أفعاله، وتعني إقراره.‏



سماع دروس شمائل النبي خطوة نحو معرفة هذه الشمائل :‏

لذلك:‏
‏﴿ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ) ﴾ .‏
‏[ سورة آل عمران الآية : 179 ]‏
أخي أنا مؤمن برسول الله، ما معنى أنك مؤمن برسول الله؟ هل قرأت سيرته؟ ‏هل قرأت شمائله؟ هل قرأت أحاديثه؟ كلمات الآن مفرغة من المضمون، تقول أنت: أشهد أن ‏لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، متى جلست وقرأت سيرته؟ متى جلست وقرأت سنته؟ ‏متى قرأت شمائله؟ إذاً لا أبالغ مجيئكم إلى هذا المسجد لسماع دروس شمائل النبي عليه ‏الصلاة والسلام هو خطوة نحو معرفة هذه الشمائل، بل إن الله عز وجل يعجب: ‏
‏﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾ ‏
‏[ سورة المؤمنون الآية : 69]‏
شيء طبيعي أن تعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن تعرف شمائله، سيرته، ‏أخلاقه، كمالاته :‏
‏﴿ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ ﴾‏
‏[ سورة سبأ الآية : 46 ]‏



صفات النبي عليه الصلاة والسلام :‏


أي لمرة واحدة في دروس الشمائل لا بدّ أن نقف وقفة متأنية عن شكل النبي عليه ‏الصلاة والسلام، السبب إنك إذا رأيت في الرؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تكن ‏صفاته كالصفات التي وردت في سيرة النبي معنى ذلك ومع الأسف الشديد أنك لم ترَ رسول ‏الله، لا تكون قد رأيت رسول الله إلا إذا رأيته على الصفات التي وردت في كتب السيرة، مرة ‏قال لي إنسان: رأيت النبي عليه الصلاة والسلام، رأيته أسمر اللون، طويلاً جداً، قلت: هذا ‏ليس برسول الله، يجب أن ترى رسول الله على الهيئة والشكل واللون الذي ورد في كتب ‏السيرة، فكان عليه الصلاة والسلام:‏
‏(( أحسن الناس وجهاً، وأحسنه خلقاً، ليس بالطويل البائن ولا بالقصير)).‏
‏[ البخاري عن البراء بن مالك]‏
و كان:‏
‏(( كان عليه الصلاة والسلام رجلاً مربوعاً ـ أي متوسط الطول ــ بعيد ما بين ‏المنكبين ـ أي عريض المنكبين ـ عليه حلة حمراء ما رأيت شيئاً قط أحسن منه صلى الله ‏عليه وسلم)) .‏
‏[ مسلم عن البراء]‏
لذلك قال حسان بن ثابت:‏
وأجمل منك لم تر قط عيني وأكمل منك لم تلد النساء
خلقت مبرّأً من كل عيــب كأنك قد خلقت كما تشاء
‏***‏
‏(( لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ ضَخْمُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، شَثْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ ـ ‏عريض الكفين والقدمين ـ مُشْرَبٌ وَجْهُهُ حُمْرَةً ـ كان لونه أزهر أي أبيض على أزهر ـ ‏إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ تَكَفُّؤًا كَأَنَّمَا يَتَقَلَّعُ مِنْ صَخْرٍ لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم )).‏
‏[ أحمد عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]‏



وصف رائع لشكل النبي عليه الصلاة والسلام :‏

وروى البيهقي عَنْ أبي معبد الخزاعي: ‏
‏(( أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج ليلة هاجر من مكة إلى المدينة هو ‏وأبو بكر وعامر بن فهيرة ودليلهم عبد الله بن أريقط الليثي، فمروا بخيمة أم معبد الخزاعية ‏وكانت امرأة برزة ـ أي جليلة ـ مسنة، جلدة ـ أي قوية ـ تحتبي ـ أي أنها تضم يديها ‏إلى ركبتيها أثناء الجلوس ـ وتجلس بفناء الخيمة، وتطعم وتسقي من يمر بها، فسألوها ‏لحماً أو تمراً، فلم يصيبوا عندها شيئاً من ذلك، قالت: لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى ‏ـ أي ما أحوجناكم بل كنا نضيفكم ـ ولو عندنا ما بعناكم بل كنا نضيفكم، وإن القوم ‏مرملون ـ أي أصابتهم سنة جدباء ـ فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في ‏كسر خيمتها ـ أي في جانب خيمتها ـ فقال: « ما هذه الشاة يا أم معبد ؟ » قالت : شاة ‏خلفها الضعف عن الغنم ـ أي إنها هزيلة ضعيفة ـ قال: فهل بها من لبن؟ قالت: هي أجهد ‏من ذلك ـ أي أضعف ـ فقال: تأذنين لي أن أحلبها؟ قالت: إن كان بها حلب فاحلبها، وفي ‏رواية: نعم بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلباً فاحلبها، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏بالشاة فمسحها، وذكر اسم الله، ومسح ضرعها، وذكر اسم الله، وفي رواية مسح ظهرها، ‏ودعا بإناء لها يربض الرهط ـ أي يشبع الجماعة ـ فهذه الشاة الضعيفة الهزيلة المريضة ‏درت فحلب فيها ثجاً ـ أي كمية غزيرة ـ حتى ملأ الوعاء فسقاها ـ بمن بدأ النبي عليه ‏الصلاة والسلام؟ بصاحبة الشاة ـ وسقى أصحابه فشربوا واحداً واحداً حتى إذا شربوا جميعاً ‏شرب صلى الله عليه وسلم، فكان آخر أصحابه شرباً، لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: ‏ساقي القوم آخرهم شرباً ـ يشرب نصف العصير لوحده ثم يعطي الباقي ـ ساقي القوم ‏آخرهم شرباً، ثم حلب فيها ثانياً عوداً على بدء، وترك عندها هذا الحليب، وقال لها: ارفعي ‏هذا إلى أبي معبد إذا جاءك، فما هذا الفهم! سقاها أولاً وترك لزوجها ثانياً وسقى أصحابه ‏وشرب آخرهم.‏
ثم ارتحلوا عنها فقال: ما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزاً عجافاً، ‏فلما رأى اللبن قال: من أين لكم هذا اللبن يا أم معبد ولا حلوب في البيت؟ قالت: لا والله إلا ‏أنه مرّ بنا رجل مبارك كان من حديثه كذا وكذا وفي رواية كيت وكيت، قال: صفيه يا أم ‏معبد؟ قالت: رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، متألق، حسن الخلق، قوي، مليح الوجه، لم تعبه ‏ثجلة ـ أي كبر البطن ـ ولم تزر به صقلة ـ أي صغر الرأس ـ وسيم قسيم ـ أي يجمع ‏من كل حسن قسماً ـ في عينيه دعج ـ والدعج شدة سواد حدقة العين ـ وفي أشفاره وطف ‏ـ أي كثرة شعر الحاجبين والعينين ـ وفي صوته صحل ـ أي بحة محببة ـ أحور ـ أي ‏شدة بياض العين وسوادها ـ أكحل ـ كأن عينيه مكتحلتان ـ أزج ـ أي دقيق طرف ‏الحاجبين ـ أقرن ـ أي حاجباه متصلان ـ في عنقه سطع ـ أي ارتفاع عنقه، وهذه صفة ‏بالإنسان محببة ـ وفي لحيته كثاثة، إذا صمت فعليه الوقار، وإذا تكلم سما وعلاه البهاء، ‏حلو المنطق، كلامه فصل لا نزر ولا هذر ـ لا كلام قليل جداً إيجاز مخل ولا إطناب ممل ـ ‏كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن ـ حبات لؤلؤ ـ أبهى الناس وأجملهم من بعيد وأحسنهم ‏من قريب، ربعة لا تشنؤه من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، أنضر الثلاثة منظراً ‏وأحسنهم قدراً، له رفقاء يحفون به، إن قال استمعوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره، ‏محفود مشحود، لا عابس ولا مفند ـ ليس عنده كلام ليس له معنى، ولا عنده نقد جارح ـ ‏قال أبو معبد: هذا والله صاحب قريش الذي تطلبه في أثناء الهجرة، ولو كنت وافقته ‏لالتمست أن أصحبه ولأفعلنه إن وجدت إلى ذلك سبيلاً، ثم هاجرت مع زوجها على النبي ‏عليه الصلاة والسلام وأسلما)).‏
‏[البيهقي عَنْ أبي معبد الخزاعي]‏
هذه صفة النبي عليه الصلاة والسلام، وصف دقيق دقيق، وصف رائع لشكل ‏النبي عليه الصلاة والسلام.‏



النبي الكريم كان فخماً مفخماً يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر :‏


أيها الأخوة، يقول بعض أصحابه، ما رأيت شيئاً أحسن من رسول الله صلى الله ‏عليه وسلم:‏
‏(( كَانَ كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي فِي جَبْهَتِهِ وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَسْرَعَ فِي مِشْيَتِهِ مِنْ ‏رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّمَا الْأَرْضُ تُطْوَى لَهُ إِنَّا لَنُجْهِدُ أَنْفُسَنَا )).‏
‏[ أحمد عن أبي هريرة]‏
إذا سرنا معه.‏
وعن أحد أصحاب رسول الله قيل له: صف لنا رسول الله؟ قال: لو رأيته رأيت ‏الشمس طالعةً، بعضهم قال: كان فخماً مفخماً يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر.‏
على كلٍّ سيدنا حسان بن ثابت الشاعر النبوي يقول:‏
أحسن منك لم ترَ قط عيني وأجمل منك لم تلد النساء ‏
‏ خلقت مبرأ من كـل عيـب كأنك قد خلقت كما تشاء
‏***‏
لذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول:‏
‏(( اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي )) .‏
‏[ الجامع الصغير بسند صحيح عن ابن مسعود ]‏
إن شاء الله في الدرس القادم نبدأ بتفاصيل شمائل النبي عليه الصلاة والسلام، ‏الدروس الثلاثة الأولى كانت مقدمة.‏


الموضوع العلمي :‏



السواك :


‏" عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :‏
‏(( السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ ")).‏
‏[ البخاري عن عَائِشَةُ]‏
ورد في مجلة مشهورة تصدر في بعض البلاد العربية الشقيقة مقال لعالم ‏متخصص في علم الجراثيم والأوبئة من ألمانيا، يقول: قرأت عن السواك الذي يستعمله العرب ‏كفرشاة أسنان في كتاب لرحالة زار البلاد العربية، وعرض الكاتب الأمر بأسلوب ساخر ‏لاذع، اتخذه دليلاً على تأخر هؤلاء الناس الذين ينظفون أسنانهم بأعواد، يقول هذا العالم ‏الألماني: ولكني أخذت هذه المسألة من وجهة نظر أخرى، وفكرت، لماذا لا يكون وراء هذه ‏القطعة من الخشب، والتي أسميتها فرشاة الأسنان العربية، حقيقة علمية؟ وتمنيت لو استطعت ‏إجراء التجارب عليها.‏
عالم ألماني عنده معلومات تسخر من السواك، أناس متخلفون ينظفون أسنانهم ‏بأعواد لكن هذا العالم قال لعل في هذه الأعواد شيئاً لا نعرفه، قال: ثم سافر زميل لي إلى ‏السودان، وعاد ومعه مجموعة منها، وفوراً بدأت بإجراء تجاربي عليها، سحقتها، وبللتها، ‏ووضعت المسحوق المبلل على مزارع الجراثيم، فظهرت لي المفاجأة التي لم أكن أتوقعها، ‏ظهرت على مزارع الجراثيم الآثار نفسها التي يؤثر بها البنسلين، البنسلين مادة فعالة في قتل ‏الجراثيم.‏
هذا ما قاله العالم الألماني المتخصص في علم الجراثيم والأوبئة، أي حينما جاء ‏بهذا السواك، وجعله مسحوقاً و وضع هذا السواك المسحوق على هذه المزرعة من الجراثيم ‏فماتت كل الجراثيم معنى ذلك مفعول السواك كمفعول البنسلين تماماً هذا كلام العالم الألماني.‏



فوائد السواك :‏


لذلك قال ابن القيم: "في السواك عدة منافع، يطيب الفم، ويشد اللثة، ويقطع البلغم، ‏ويجلو البصر، ويذهب بالحفر، ويصحح المعدة، ويصفي الصوت، ويعين على هضم الطعام، ‏ويسهل مجاري الكلام، وينشط القراءة، والذكر، والصلاة، ويطرد النوم، ويرضي الرب، ‏ويعجب الملائكة، ويكثر الحسنات، وقال: أصلح ما اتخذ السواك من خشب الأراك ونحوه، ولا ‏ينبغي أن يؤخذ من شجرة مجهولة".‏
لذلك أيها الأخوة، هذا العود الذي خلقه الله عز وجل خلقه خصيصاً لتنظيف ‏الأسنان لأنه قاتل للجراثيم، الله عز وجل هناك آيات دالة على عظمته، وأن كل شيء أمر به ‏النبي ليس من عنده، ولا من خبرته، ولا من تجاربه، ولا من اجتهاده، لكنه وحي يوحى.‏
والحمد لله رب العالمين



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://m1970live.yoo7.com
 
السيرة ـ ‏الشمائل المحمدية ‏
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات دنيا تكس :: قسم اسلاميات :: الرسول (ص) الرسول محمد صلى الله عليه وسلم-
انتقل الى: