قَطَر هي شبه جزيرة تقع على الشاطئ الشرقي من شبه الجزيرة العربية، وفي منتصف الساحل الغربي للخليج العربي.
وقد أعتمد سكان قطر كغيرهم من سكان الخليج على رزقهم في تجارة اللؤلؤ، ولما تدهورت تجارته أدى ذلك إلى انكماش أقتصاد قطر ومرورها بسنين عجاف حتي أكتشاف النفط الذي ساهم في الازدهار العمراني والثقاقي والأقتصادي في قطر.
الحضارة القديمةدلت الحفريات والنقوش ورؤوس الرماح ومجموعة الفخاريات المتقنة الصنع التي تم العثور عليها في مناطق متفرقة من البلاد بواسطة البعثات الأوروبية المختلفة ومنها (البعثة الدنماركية عام 1965م، والبعثة الإنجليزية عام 1973م والبعثة الفرنسية عام 1976م) على أن أرض قطر كانت مأهولة بالسكان منذ الألف الرابع قبل الميلاد، كما دلت الحفريات على امتداد الحضارة العبيدية، التي قامت جنوبي العراق وشمالي الخليج العربي، إلى شبة جزيرة قطر، هذا فضلاَ عن إن القبائل الكنعانية هي أول من سكن قطر في مطلع تاريخها وذلك في الفترة 825-484 ق.م، مما يشير إلى التجذر التاريخي لهذه الدولة القطرية.
وتظهر كتابات قدماء الإغريق ذكر قطر فيشير مؤرخهم هيرودتس (في القرن الخامس قبل الميلاد) إن أول من سكن قطر هم القبائل الكنعانية التي اشتهرت بفنون الملاحة والتجارة البحرية، كما ذكر الجغرافي الإغريقي بطليموس في خريطته المسماه بلاد العرب _ اسم قطراَ _ حيث يعتقد أنها إشارة لشهرة مدينة الزبارة القطرية التي كانت قديماَ بين أهم الموانئ التجارية في منطقة الخليج.
يبدوا ان بعض أهل قطر تنصروا وأصبحت لهم طائفة مسيحية شاركت في المجامع الكنسية بين 225 حتى سنة 676 وأصبحت المنطقة تدعى بيت قطراية.
العصر الإسلاميأما في التاريخ الإسلامي خلال القرن السابع للميلاد، كانت أرض قطر والمناطق المجاورة لها، تابعة لحكم المناذرة العرب، حيث استجاب ملكهم المنذر بن ساوي للدعوة الإسلامية، ولبى نداء النبي، بعد أن أوفد إليه عندما كان في يثرب العلاء بن الحضرمي، وكان ذلك في السنة الثامنة من الهجرة، وأعلن إسلامه وأسلم معه العرب، ومنذ ذلك التاريخ، دخلت قطر في موكب الحضارة الإسلامية بمراحلها وعهودها المتعاقبة، وتروي مصادر التاريخ العربي الإسلامي شواهد متعددة على حضور أهل قطر وبراعتهم في ركوب البحر ومشاركتهم في تجهيز أول أسطول بحري لنقل الجيش الإسلامي بغرض الجهاد تحت قيادة أبي العلاء الحضرمي، ويقول صاحب (معجم ما استعجم)، إن المسلمين أصبح لهم معسكر آخر في قطر للانقضاض على الفرس فضلاَ عن معسكراتهم في جنوب العراق.
ظلت قطر تابعة للخلفاء الراشدين ثم انتلقت من بعدهم إلى بني أمية سنة 45 هـ حيث ظلت خاضعه لعمال أمويين في زمن عبد الملك بن مروان، وفي العهد العباسي أبان القرن الثاني الهجري شهدت قطر مرحلة من الرخاء الأقتصادي هيأتها لها دار الخلافة في بغداد بقدر لايستهان به من الثروة.
وفي عام 922 هـ استولي البرتغاليون على قطر ثم تمكن السلطان سليمان القانوني من تخليص قطر من هذا الأستعمار في عام 963 هـ ـ - 1555 م، وذلك بقيادة محمد باشا فروخ.
وعندما بدأت الامبراطورية العثمانية في الانهيار قام ال حميد من قبيلة بني خالد بثورة ضد العثمانيين واعلنوا انفسهم ملوكاَ على الأحساء سنة 1669م.
قطر في مطلع القرن الثامن عشريبدأ التاريخ الحديث لقطر في بداية القرن الثامن عشر، وذلك بنزوح قبائل عربية إلى هذه البلاد. ومن ضمن هذه القبائل العتوب الذين استقروا في الزبارة على الساحل الغربي لقطر، وقد ذكر انه حين استقر العتوب في قطر سنه 1766 م كانت (الحويلة) هي أكبر مدينة على الساحل وكان يقيم بها (آل مسلم) من بني خالد. وكانت هناك مدينة (فويرط) والتي يسكنها (المعاضيد) وسواهم من آل بن علي، و(الدوحة) والتي يسكنها (السودان) وآل سلطه (الدوحه) والبوكواره الغاريه وفويرط وكان يوجد بعض من القبائل العربيه مثل : الكعبان ولكبسه والخليفات والقبيسات في العديد والنعيم في غرب شمال قطر والمنانعه في الرويس والساده في بوظلوف والكثير من القبائل القطريه وكان نزول (آل ثاني) الدوحة في ظروف غاية في الشدة والاضطراب برزت فيها شخصية الشيخ محمد بن ثاني الذي وجد في ابنه الشيخ قاسم بن محمد خير عون له، إذا يعتبر الأخير _ طبقاَ لاقوال المؤرخين _ المؤسس الفعلي لامارة قطر. ولقد أستطاع الشيخ محمد بن ثاني ان يوحد القبائل القطرية ليستطيع بها مواجهة خصومه من آل خليفة في البحرين، حتى انه تمكن من رد غاراتهم على قطر والحق بهم هزيمة نكراء في مدينة الوكرة. ثم توفي عام 1878 تاركاَ الولاية من بعده لابنه الشيخ قاسم بن الذي يشار إليه بأنه مؤسس قطر.
وفي عام 1871م أصبحت قطر محمية عثمانية واستطاع أن يوحد القبائل القطرية بفضل ما أوتي من نعمة الثراء نتيجة كونه من أكبر وأشهر تجار اللؤلؤ، فضلا عن صفاته الشخصية حيث جعلت منه أعظم قطري ظهر في النصف الأول من القرن العشرين، واستطاع أن يحظى من القطريين بالسمع والطاعة، وعرف بحكمته ودهائه، فلقد حارب الأنجليز والعثمانيين وتغلب عليهم وكذلك حارب خصومه من الشيوخ والامراء الذين هاجموه وإليه يعود الفضل في القضاء على تبعية اجزاء من قطر للبحرين واستقلالها استقلالا تاما.
فترة الوجود العثماني وضعفه في قطر[center]
في أواخر القرن السادس عشر استطاع العثمانيين غزو الأحساء والاستيلاء عليها، لكن حكمهم لها خلال الفترة (1580-1660) كان ضعيفا، مالبث أن أنهار بعد نحو ثمانين عاما على يد قبيلة بني خالد التي استولت على الأحساء وخضع الخليج لحكمها، وإن اعترف حكامهم فيما بعد بالسيادة العثمانية، واستمر هذا الوضع حتى أواخر القرن الثامن عشر، عندما نجحت الدولة السعودية الأولى التي أسسها محمد بن سعود مستنداَ إلى المذهب السلفي (الوهابي) في ضم الأحساء والقضاء على بني خالد، بينما كانت الدولة العثمانية متصرفة في مشاكلها في أوروبا والبلقان. ويلاحظ أن وجود العثمانيين على الساحل الشرقي للجزيرة العربية تواصل بشكل أو بآخر من البصرة إلى قطر، ومع ذلك لانجد إدارة عثمانية حقيقية خارج نطاق ولاية البصرة، حتى جاء بنو خالد ومارسوا سلطة حقيقية على هذه المناطق غير أن أسرتهم منيت بصراع داخلي على السطة مما أودي بها في النهاية. ومن المذكور أن بني خالد لم يحكموا قطر حكما مباشرا وإنما كانوا يعتمدون في ممارسة سلطتهم نيابة عنهم إلى أسره (آل مسلم) وكان مركزهم (الحويلة) غير أنه مع قيام الدولة السعودية الأولى، وتوسعها في الأحساء، بعد أن عينت (إبراهيم بن عفيصان) والياً على الأحساء عام 1795، حيث بسط سلطة الدولة على بقية الجزيرة العربية، ففي عام 1798 بدأ هجومه على الزبارة وعهد إلى رجاله بمهمة عزل المدينة عن البر ومحاصرتها والأستيلاء عليها، ولكن الحصار فشل، فبدأ بالهجوم على قلعتها التي سقطت في يده بعد خسائر فادحة بالأرواح، ثم شرع في الاستيلاء على بقية شبة جزيرة قطر، وهكذا امتدت سلطة الدولة السعودية الأولى إلى شرقي الجزيرة العربية.
لما كانت الدولة السعودية قد قامت في الجزيرة العربية في قلب نجد وامتد نفوذها إلى الأحساء بعد أن قضت على بني خالد فقد انعكس قيام هذه الدولة الجديدة على أوضاع الجزيرة العربية حيث اعتنق الناس المذهب السلفي طواعية، بعد أن ضم السعوديين كل من الأحساء وقطر والبحرين في ولاية واحده تولى أمرها إبراهيم بن عفيصان.
كانت الزكاة تجمع من قطر والأحساء لترسل إلى مقر الولاية في البحرين، وعندما اشتد خطر الدولة السعودية على النفوذ العثماني في الجزيرة العربية، لجأ السلطان العثماني إلى واليه في مصر محمد علي باشا الذي أرسل حملات عسكرية أستطاعت الوصول للعاصمة السعودية الدرعية وتدميرها والقضاء على الدولة السعودية الأولى (1812-1818) بعد ذلك انتهز آل خليفة الفرصة لاستعادة مركزهم في البحرين بعد أن فقدوه تحت الحكم السعودي.
لما كانت أسرة آل خليفة شيوخ البحرين تعاني من صراع داخلي بين فرعي سلمان وعبد الله بن أحمد آل خليفة، فإن محمد بن خليفة بن سلمان قد رحل إلى قطر أثناء هذا الصراع مما ورط القبائل القطرية في هذا الصراع العائلي البحريني، إلا أن تمكن محمد بن خليفة من انتزاع السلطة في البحرين بمساعدة القبائل القطرية، والتي برز فيها (عيسى بن طريف) من آل بن علي (البنعلي)، حيث استطاع أن يحشد كثيرا من القبائل القطرية لمعاونة محمد بن خليفة، الذي تنكر له فيما بعد وانقلب عليه واشتبكا في معركة قتل خلالها عيسى بن طريف عام 1847 م هي معركة (أم سوية) التي خرب فيها البحرينيون الدوحة تماما.
بعد ذلك ظهر الأمير فيصل بن تركي حيث نجح في استعادة نجد والأحساء، ثم وصل بقواته إلى حدود قطر عام 1850 م ودارت بينه وبين شيوخ قطر اشتباكات عند (مسيمير) وانتصرت القوات القطرية وفي نفس العام، برز خلالها (قاسم بن محمد آل ثاني) قائدا للقبائل القطرية غير أن والده (محمد بن ثاني) استطاع ان يجري اتفاقا مع السعوديين لإنهاء الصراع خوفا من أن يعزز فيصل قواته ويعود إلى قطر بقوة، غير أن هذا الاتفاق مع الأمير فيصل، أزعج آل خليفه وجعلهم يتهمون القطريين بالانحياز إلى السعوديين.
ساءت الأمور بشكل سريع بين قطر والبحرين ووقعت العديد من المعارك البرية والبحرية التي تولى قيادتها محمد بن ثاني وابنه قاسم، من ابرزها عندما استعد آل خليفة بحملة بحرية قوية، تلقت دعما من أبو ظبي وبدأت في الهجوم على الوكرة والدوحه في أكتوبر عام 1867 م ونجحت القوات المشتركة في تخريب مدينة الدوحة ونهب ممتلكات المدينة مما أدى إلى هجرة الكثير من الأهالي. غير أن القطريين ما لبثوا أن استعدوا قوتهم وجمعوا صفوفهم بعد انتهاء موسم الغوص، وفي يونيو عام 1868 بدؤوا في شن هجوم كبير على البحرين، والتقى جيشهم بجيش آل خليفة في موقع من جزر البحرين اسمه (دامسه) حيث دارت معركة عنيفة، لكن القطريين ما لبثوا أن ترجعوا منسحبين إلى قطر، في مناورة بنقضون بعدها على قوات آل خليفة، لقطع السبيل أمام عودتهم ونجحت الخطة ونجحوا أيضا في أسر شيخين من آل خليفة ساوم القطريون بهما لأطلاق سراح الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني. بعد ذلك بفترة زمنية جاءت إلى قطر حامية عسكرية عثمانية بطلب من حاكم قطر الشيخ محمد بن ثاني، في يوليو عام 1871 واستقرت في (البدع) ضمن خطة الدولة التي سيطرت بموجبها على الأحساء، بدأت مرحلة من التافس البريطاني _ العثماني حول قطر، أثيرت خلالهما مشكلة (العديد) التي أيدت فيها بريطانيا إدعاءات أبو ظبي في إمتلاكها، حتى تمنع امتداد النفوذ العثماني إلى مشيخات ساحل عمان، وكذلك أثيرت مشكلة (الزبارة) التي تصدت فيها السلطات البريطانية لمحاولات العثمانيين إعمارها وبناء مينائها، فقد اعتبر الأنجليز أن ذلك سيكون نقطة ارتكاز معادية لنفوذهم في البحرين، وتشددت بريطانيا حتى أن قصفت الزبارة عامي 1875، 1878. وباتخاذ العثمانيين مزيدا من الإجراءات التي تستهدف إحكام قبضتهم على قطر بين عامي (1889-1892) تدهورت العلاقات بينهم وبين الشيخ قاسم الذي كان قد تولى الحكم خلال الفترة (1878-1913) ووصلت الأمور إلى حد الصدام المسلح في معركة (الوجبة) عام 1893 والتي لقى فيها الجنود العثمانيين هزيمة مخزية، وحاولت السلطات التوسط لتسوية الأزمة، لكن الدولة العثمانية رفضت وساطتها، شهدت السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر انتهاء لنفوذ الدولة العثمانية، حتى لقد وجد حاكم قطر نفسه وحيداً في مواجهة الأنجليز.