محمد بركات المدير العام


الجنس : 
عدد المساهمات : 703
تاريخ التسجيل : 26/06/2010
العمر : 46
الموقع : https://m1970live.yoo7.com
 | موضوع: سيرة السيدة هند بنت أبي أمية " أم سلمة " . الجمعة أغسطس 06, 2010 3:46 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علما ، وأرنا الحق حقاً ، وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين . أيها الإخوة الكرام ... لازلنا مع سير الصحابيات الجليلات رضوان الله تعالى عليهن ، ولازلنا من زوجات النبي الطاهرات ، واليوم مع أم المؤمنين هند بنت أبي أميَّة ـ أم سلمة ـ الطاهرة ، المعمِّرة ، المهاجرة ، التي كانت تعدُّ من فقهاء الصحابيات . هي أم سلمة هند بنت أميَّة بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة بن مُرَّة، المخزومية السيدة المحجَّبة الطاهرة ، بنت عم خالد بن الوليد ـ سيف الله ـ وبنت عم أبي جهل بن هشام ـ عدو الله ـ وشتَّان بين الاثنين ، من المهاجرات الأوَل ، كانت قبل النبي صلى الله عليه وسلَّم عند أخيه من الرضاعة أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي ، الرجل الصالح . تزوجها النبي عليه الصلاة والسلام سنة أربعٍ من الهجرة ، وكانت من أجمل النساء ، وأشرفهن نسباً ، وأوفرهن عقلاً ، كان عمرها قريباً من خمسٍ وثلاثين سنة ، ولدت في مكة قبل البعثة بنحو سبعة عشرَ سنة ، وكانت آخر من مات من أمهات المؤمنين ، فتوفِّيت سنة إحدى وستين من الهجرة ، وعاشت نحواً من تسعين سنة . هذه حظوظ ؛ إنسان يعمِّر طويلاً ، إنسان يوهب جمالاً أخَّاذاً ، إنسان يوهب عقلاً راجحاً ، إنسان يعطى صحةً جيدةً ، إنسان يعطى مالاً وفيراً هذه حظوظ الدنيا. ولكن قبل أن أتابع الحديث عن حظوظ الدنيا يجب أن نعلم أيها الإخوة أن كل إنسان من دون استثناء ممتحنٌ امتحانين ، ممتحنٌ فيما وهبه الله ، وممتحنٌ فيما حرمه الله ، وبإمكانه أن ينجح في كلا الامتحانين ، ممتحن فيما أُعطيت ، وممتحن فيما سُلِبَ منك . فالمرأة التي برعت في جمالها ممتحنةٌ بجمالها ، والتي نصيبها من الجمال قليل ممتحنةٌ بنصيبها القليل ، والإنسان الذي أوتي مالاً وفيراً ممتحنٌ بهذا المال الوفير ، والذي أوتي مالاً قليلاً ممتحنٌ بهذا المال القليل ، والذي أوتي قوةً ممتحنٌ بقوته ، والذي أوتي ضعفاً ممتحنٌ بضعفه ، يجب أن نعلم علم اليقين أنك ممتحنٌ دائماً ؛ ممتحنٌ فيما آتاك ، وممتحنٌ فيما حُرمت منه. والحياة الدنيا قصيرة ، وتمضي كلمح البصر ، فالذي نجح في امتحان الضعف سعد في الجنة إلى أبد الآبدين ، والذي رسب في امتحان القوة شقي في جهنم إلى أبد الآبدين . والمرأة التي نجحت في امتحان الدمامة سعدت إلى أبد الآبدين ، وأبدلت جمالاً أخَّاذاً ، والتي رسبت في امتحان الجمال شقيت إلى أبد الآبدين ، فهذه الدنيا لا تعني شيئاً ، محدودةٌ قصيرة ، سريعة الزوال ، وشيكة الانتقال ، العبرة أن تنجح في الامتحان . قد ينجح الفقير ؛ فيصبر ، ويتعفف ، ويتجمَّل ، ويشكر الله على ما قدَّر عليه ، وتمضي السنوات سريعاً وينتقل إلى الدار الآخرة ، فإذا هو في جنةٍ عرضها السماوات والأرض ينعم بها إلى أبد الآبدين ؛ والذي أوتي الملايين المُمَلْيَنة ، ورسب في امتحان الغنى ، تمضي السنوات سريعةً ، وما هي إلا لحظاتٌ حتى يجد نفسه تحت أطباق الثرى ، وقد استحق العذاب إلى أبد الآبدين . وقد ينجح الغني في الغنى ، وقد يسقط الفقير في الفقر ـ الآن العكس ـ وقد تنجح الجميلة في الجمال ، وقد تسقط الدميمة في الدمامة ، وقد ينجح الذكي في الذكاء ، ويسقط الغبي في الغباء ، أنت ممتحنٌ مرتين ؛ ممتحنٌ فيما أعطيت ، وممتحنٌ فيما سًلب منك . تزوَّج النبي عليه الصلاة والسلام هذه المرأة سنة أربعٍ من الهجرة ، وكانت من أجمل النساء ، وأشرفهن نسباً ، وأوفرهن عقلاً ، كان عمرها قريباً من خمسٍ وثلاثين سنة ، وُلِدَتْ في مكة قبل البعثة بنحو سبع عشرة سنة ، وكانت آخر من مات من أمهات المؤمنين ، توفيت سنة إحدى وستين من الهجرة ، وعاشت نحواً من تسعين سنة ، وكان أبوها أحد أجواد العرب ، وكان يلقَّب بزاد الراكب ، فلا يسافر معه أحدٌ من الناس إلا كفاه مؤنته وأغناه . أنا أريد أن أستنبط حقائق أنتفع بها ، أم سلمة رضي الله عنها صحابيةٌ جليلة ، وأمٌ للمؤمنين عظيمة ، وزوجةٌ نفسية ، عاقلةً ذكيةٌ جميلة ، مضت إلى ربها ، لها عند الله مكانة ، لا يرفعها مدحنا ولا يخفضها ذمنا ، ولكن نحن ما علاقتنا بهذا الكلام ؟ ما نصيبنا من هذه القصَّة ؟ نصيبنا أنك ممتحنٌ مرتين ، ممتحنٌ فيما أُعطيت ، وممتحنٌ فيما سُلب منك ، وبإمكانك أن تنجح في كلا الامتحانين ، والدنيا سريعة الزوال ، وشيكة الانتقال ، والعبرة بالجنَّة التي فيها ما لا عينٌ رأت ، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر. أم سلمة رضي الله عنها هاجرت في سبيل الله هجرتين ، نحن عشنا في زمن المرأة لا تشارك الرجل في العمل الطيِّب ، وفي الإيمان ، وفي الانتماء إلى دين عظيم ، وفي الدفاع عن هذه الدين ، كأنها من سَقَطِ المتاع عند حال المسلمين في التخلُّف ، المسلمون حينما تخلّفوا كانت المرأة من سقط المتاع ، أما هي في الإسلام بطلة ، هي في الإسلام مساويةٌ للرجل تماماً ؛ في التكليف والتشريف والمسؤوليَّة . فامرأةٌ تهاجر من مكة المكرَّمة إلى الحبشة ، وتهاجر من مكة المكرَّمة إلى المدينة ، لماذا تهاجر ؟ لأنها أبت أن تخضع لضغط الكفار ، هي أول من هاجر إلى الحبشة من النساء ، قال تعالى : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ( سورة آل عمران ) إنها امرأةٌ ذات شرفٍ في أهلها ، وذات نسبٍ طيبٍ ، ومنبتٍ كريم في قومها ، وهي ابنة أحد كُرَماء العرب وأجوادهم . فأنا أنصح لإخوتنا الكرام أنك إذا أقدمت على الزواج ، لا ينبغي أن تخطب الفتاة ؛ بل ينبغي أن تخطب أهلها ، في أي بيتٍ نشأت ؟ من الذي ربَّاها ؟ ما القيَم التي استقتها حينما كانت طفلة ؟ ما العلم الذي أحاط بها ؟ هذا شيءٌ مهمٌ جداً . تجود هذه المرأة العظيمة بنفسها في سبيل إيمانها وإسلامها ، فتخرج مهاجرةً فراراً بدينها . إخواننا الكرام ... بحكم الحياة المعاصرة ؛ الحياة سهلة ، السفر سهل ، طائرات ، سيَّارات ، قطارات ، السفر متعة الآن ، لكن ربما لا ننتبه إلى أن السفر قديماً كان مظنَّة هلاك ، كيف إذا الإنسان دخل الحرب الآن ، احتمال أن يموت بالمئة خمسين ، كما يقال : يضع روحه على كفه ، والسفر قديماً كان مظنة هلاك ، تصور إنسان يركب ناقةً ، وينطلق من المدينة المنوَّرة إلى البصرة ، يبقى شهرين في الطريق وحده على ناقة ، وفي الطريق قُطَّاع طُرق ، وجوع شديد ، وفقد الماء ، ووحوش ضارية ، ووحشة شديدة ، السفر عند الأقدمين مظنَّة هلاك ، فأجرُ المرأة حينما تسافر فراراً بدينها ؛ وقت كان السفر مظنة هلاك غير أجرها وقت أصبح السفر متعةً من متع الحياة ، فلذلك هذه المرأة جادت بنفسها في سبيل إيمانها وإسلامها ، فخرجت مهاجرة فراراً بدينها إلى الحبشة ، وتتعرَّض لمشاق السفر ، وكُربة الغربة. قال ابن هشام : " كان أول من خرج من المسلمين إلى الحبشة مهاجراً من بني مخزوم أبو سلمة بن عبد الأسد ، معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية ، وولدت له بأرض الحبشة زينب بنت أبي سلمة " . أم سلمة تروي حديث هجرتها إلى الحبشة قالت : (خرجنا حتى قدمنا على النجاشي ، ثم إنهما قدَّما هدايا إلى النجاشي فقبلها... " طبعاً حينما سافرت أم سلمة إلى الحبشة مع أبي سلمة ، وعلمت قريشٌ بهذه الهجرة ، أرسلت من يوغر صدر النجاشي على هؤلاء المهاجرين ، فقالوا : (... أيها الملك إنه قد ضوى إلى بلدك غلمانٌ سفهاء ، فارقوا دين قومهم ، ولم يدخلوا في دينك ، وجاؤوا بدينٍ ابتدعوه ، لا نعرفه نحن ولا أنت ، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم ، وأعمامهم ، وعشائرهم لتردَّهم إليهم ، فهم أبصر بهم ، وأعلم بما عابوا عليهم ، وعاتبوهم فيه) . قالت : (ثم أرسل النجاشي إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلَّم فدعاهم ، فلما جاؤوا قال لهم : ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ، ولم تدخلوا في ديني ، ولا في دين أحدٍ من هذه المِلَل ؟ " . هؤلاء الرجلان ؛ أحدهما عمرو بن العاص ، وكان من دهاة العرب .؛؛ قالت أم سلمة : (فكان الذي كلَّمه جعفر بن أبي طالب رضوان الله عليه) . سبحان الله ! الإنسان إذا كان إيمانه قوياً يؤتى طلاقة لسان ، يؤتى فصاحةً ، يؤتى قوة حجةٍ ، يؤتى موقفاً متماسكاً ، هذا من بركات الإيمان ، والإنسان حينما تنحرف خطواته نحو الشهوات ؛ تضعف شخصيته ، وينهار من الداخل ، ويسقط في يده . فسيدنا جعفر بن أبي طالب قال : (أيها الملك كنا قوماً أهل جاهليَّة ؛ نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف ، حتى بعث الله فينا رجلاً نعرف أمانته ، وصدقه ، وعفافه ، ونسبه ، فدعانا إلى الله لنعبده ونوحِّده ، ونخلع ما كنا نعبد من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا أن نعبد الله وحده ، وأن لا نشرك به شيئاً ـ وعدَّد عليه أمور الإسلام ـ فعدى علينا قومنا فعذَّبونا ، وفتنونا عن ديننا ، وقهرونا وظلمونا ، وحالوا بيننا وبين ديننا ، فخرجنا إلى بلادك ، واخترناك على من سواك ، ورغبنا في جوارك ، ورجونا أن لا نُظْلَم عندك أيها الملك) ، كلامٌ ما بعده كلام . قال النجاشي : (هل معك مما جاء به عن الله شيء ؟) . قال جعفر : (نعم) . قال : (فاقرأه علي) . قالت : (فقرأ عليه صدراً من سورة مريم) . قالت : (فبكى والله النجاشي حتى أخضلَّ لحيته ، وبكت أساقفته حين سمعوا ما تلا عليهم ، ثم قال النجاشي : إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاةٍ واحدة ، انطلقا فلا والله لا أسلمهم إليكما ، ولا يكادون) ، هكذا تروي أم سلمة رضي الله عنها حديث الحبشة الطويل ، كما أخرجه الإمام أحمد في المسند ، وهو موجود بشكل مطوَّل في كتب السيرة . ((... ثم عادا إليه في اليوم التالي وقالا له : إنهما يقولا في عيسى بن مريم كلاماً تنكره - أي أرادا أن يوغرا صدره ـ ثم استدعاهم مرة ثانية ، وقال : ما تقولون في عيسى بن مريم ؟ تلى عليه الآيات الكريمة ، فسُرَّ النجاشي ...) . ثم إن المهاجرين إلى الحبشة بلغهم أن أهل مكة أسلموا جميعاً ـ خبر غير صحيح ـ حتى أقبلوا فرحين مسرورين ، تركوا الحبشة ، وعادوا إلى مكة بناءً على هذا الخبر السار ، فلما دنوا من مكة بلغهم أن ما كانوا تحدثوا به من إسلام أهل مكة كان باطلاً لا أساس له ، فلم يدخل منهم أحدٌ مكة إلا بجوار مشرك ، أو مُسْتَخْفٍ عن أعين المشركين . وتعود أم سلمة رضي الله عنها مع زوجها إلى مكة مستخفيةً عن أنظار الظالمين ، وتمضي معه فيها أيام الصبر ، والمصابرة في سبيل الله . فأحياناً الإنسان قد يعاني بعض المتاعب بسبب إيمانه ، قد يعاني بعض المتاعب بسبب إسلامه ، قد يعاني بعض المتاعب بسبب استقامته ، قد يعاني بعض المتاعب بسبب ورعه ، هناك من يعجب فيقول : هو أطاع الله ، فلماذا عانى من هذه المتاعب ؟ ما الجواب ؟ كان يبيع الخمر ، فترك بيع الخمر ، فانخفض الدخل إلى الرُبع ، لماذا هكذا ؟ الإنسان يتوهَّم أحياناً أنه حينما ترك بيع الخمر تضاعفت غلَّته ، لو أنه وقف هذا الموقف الصُلب ، قوَّاه الله عزَّ وجل ، فلماذا يفعل الله بعباده المؤمنين الذين آثروا طاعته ، وآثروا رضوانه ، لماذا يعذَّبون أحياناً ؟ لماذا يتحملون الشدائد أحياناً ؟ الجواب بسيط جداً : نحن في زمن ابتلاء ، الله جل جلاله يريد أن يجعلنا ندفع ثمن طاعته ؛ ليكون هذا الثمن وسام شرفٍ لنا يوم القيامة ، كان من الممكن إنسان يبيع الخمر ، فلما تاب عن بيع الخمر ، في اليوم نفسه تُضَاعف غلَّته ، عندئذٍ لم يدفع ثمن هذه الطاعة ، ولا شعر بلذَّتها ، ولا شعر أنه آثر طاعة الله عزَّ وجل ، ولا شعر أنه آثر رضوان الله عزَّ وجل ، لكن بعد حين يفتح الله له من الخير ما شاء ، لابدَّ من فترة تدفع ثمن طاعتك . فتصور أصحاب النبي عليهم رضوان الله ، جاؤوا إلى الحياة الدنيا ، رأوا رسول الله فآمنوا به ، والله عزَّ وجل قادر على أن يجعل كل أعداء هذا الدين في قارة ثانية ، كل أعداء الدين حصراً ؛ أبو جهل ، أبو لهب ، كل إنسان يعارض هذا الدين وُلِدَ في أمريكا ، في العالَم الجديد ، والنبي نشأ، جاءته الرسالة ، حوله أصحابه ، آمنوا به ، وأحبوه ، لا معارك ، ولا مشكلات ، ولا هجرة ، ولا شيء ، فأين ثمن الجنة ؟ أنا تأكيدي على هذه النقطة ؛ حينما تعاني بعض المتاعب لأنك مستقيم ، حينما ترفض هذا العمل ، وهذا العمل ، وهذا العمل ، أعمال فيها شبهات ، فيها دخل حرام ، وربما لا تجد عملاً ، ولا تجد في جيبك درهماً واحداً ، ما الحكمة من ذلك ؟ أقول لك : هذا امتحان لا يطول ، لكن لابدَّ منه ، هذا امتحانٌ من أجل أن تدفع ثمن طاعتك ، هذه الضائقة الماديَّة التي تعاني منها لأنك رفضت كل هذه الدخول المشبوهة ، هذه وسام شرفٍ لك يوم القيامة ، بها تدخل الجنة ، بها تستحق الجنة ، فأنت لا تمنع نفسك من أن تنال وسام شرف طاعة الله عزَّ وجل . أحياناً الإنسان يطيع الله عزَّ وجل وكل من حوله يهزؤون منه ، يصبح أضحوكة ، يعلِّقون عليه تعليقات سخيفة ، يغضّون من شأنه ، يطعنون بعقله لأنه أطاع الله عزَّ وجل ، وقد يبلغه ذلك ، وقد يتألَّم أشد الألم ، لماذا ؟ لماذا سمح الله لهم أن يفعلوا هذا معه ؟ هو الله جل جلاله يحمله على أن يدفع ثمن طاعته ، إذا دفع ثمن طاعته ، كانت سبب دخوله الجنة ، ووسام شرفٍ له يوم القيامة . أردت من هذا التعليق أن نفهم لماذا عانى أصحاب النبي ما عانوا ، الآن إذا واحد من إخواننا الحاضرين درس ، وعانى من الدراسة ما عانى ، وسهر إلى أنصاف الليالي ، ونام على الكتاب ، وراجع الكُتب ، ولخَّص الكتب ، وذاكر أصدقاءه بالكتب ، ودخل امتحانات صعبة ، ومرَّة نجح ، ومرَّة ما نجح ، إلى أن نال أعلى شهادة ، لأنه بذل فيها جهداً كبيراً ، ووقتاً مديداً ، وعرقاً مُتَصبباً ، يسعد بهذه الشهادة إلى آخر حياته ، ويقول مترنِّماً: هذه الشهادة ما أخذتها إلا بشق الأنفس ، وما نلت هذه الدرجة العلميَّة إلا بعد جهدٍ جهيد ، وكدٍ مضني ، يسعد . لو أعطوه شهادة فخريَّة مثلاً ، لو أعطي الأسئلة ، ونال درجاتٍ عالية، ولم يبذل جهداً إطلاقاً ، والله هو أول من يحتقر نفسه ، فكلَّما سمعت ، أو قرأت ، أو شاهدت ، أو عاينت أن إنساناً لأنه أطاع الله يعاني من أزمة مالية ، لأنه أطاع الله يعاني من أزمة اجتماعيَّة ، لأنه أطاع الله يعاني أزمة نفسيَّة ، لأنه أطاع الله ضاقت به السُبُل ، هو الله جلَّ جلاله يحمله على دفع ثمن الجنة بهذه الطريقة ، يعد حين يفرِّج عنه . لو أن أحدكم قال لي : هذا الكلام ما دليله في القرآن ، كلام طيِّب ، ومريح ، لكن ما دليله في القرآن الكريم ؟ الجواب أن الله سبحانه وتعالى يقول : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ( سورة التوبة : من آية " 28 " ) حينما مُنِعَ المشركون أن يدخلوا مكة المكرَّمة ، بارت تجارة مكة ، ولم يعد هناك سياحة ، وقلَّ كثيراً رواج البضاعة .. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] معنى هذا أنه لابدَّ أن يحمل الله هؤلاء الذين نفَّذوا أمر الله على دفع ثمن طاعتهم ، لكن إلى حين .. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ( سورة التوبة : من آية " 28 " ) فإذا جاءتك متاعب بسبب استقامتك ، بسبب طاعتك ، بسبب اتجاهك الصحيح ، بسبب وضوحك ، بسبب تمسُّكك بالقيَم الصحيحة ، بسبب خوفك من الله ، إذا ركلت بقدمك الثروة الطائلة ، والمكانة العليَّة ، والأشياء الثمينة ورعاً وخوفاً ، فهذا وسام شرفٍ تضعه على صدرك يوم القيامة ، هذا تفسير ما عانى منه الصحابة الكرام في عهد رسول الله ، وبعد عهد رسول الله ، هؤلاء الصحابة الكرام حملوا الإسلام ، ونحن الإسلام يحملنا. هذه قصة أم سلمة في هجرتها إلى الحبشة ، أما هجرتها إلى المدينة فشيءٌ لا يصدَّق ، تقول أم سلمة : (لما أجمع أبو سلمة ـ أجمع أي قرَّر ـ الخروج إلى المدينة رحَّل بعيراً له ، وحملني ، وحمل معي ابني سلمة ، ثم خرج يقود بعيره ، فلما رآه رجالٌ من بني المغيرة قاموا إليه فقالوا : هذه نفسك غلبتنا عليها ـ بنو المغيرة من ؟ قوم أم سلمة ـ أرأيت صاحبتنا هذه لا نتركك تسير بها في البلاد ـ ممنوعة من المغادرة - ونزعوا خطام البعير من يده ، وأخذوني ، فغضب عند ذلك بنو عبد الأسد ـ من هم بنو عبد الأسد ؟ قومه ـ وأهووا إلى سلمة ـ أخذوا سلمة ـ وقالوا : والله لا نترك ابننا عندها ـ ما دمتم قد أخذتم هذه المرأة من زوجها ومعها ابنها ، والله لا نترك ابننا عندها - إذ نزعتموها من صاحبنا ، فتجاذبوا سلمة حتى خلعوا يده ، وانطلق بنو عبد الأسد ورهط أبي سلمة ، وحبسني بني المغيرة عندهم ، وانطلق زوجي أبو سلمة حتى لحق بالمدينة ، ففرِّق بيني وبين زوجي وابني ـ الابن عند أهل أبيه ، وأم سلمة عند قومها ، وأبو سلمة انطلق إلى المدينة ـ فكنت أخرج كل غداةٍ أجلس بالأبطح فما أزال أبكي حتى أمسي ، سبعاً أو قريبها ـ سبعة أيام تخرج إلى مكان المعركة وتبكي حتى المساء ـ حتى مرَّ بي رجل من بني عمي ، فرأى ما في وجهي من البكاء ، فقال لبني المغيرة : ألا تخرجون هذه المسكينة ؟ فرقتم بينها وبين زوجها ، وبينها وبين ابنها؟! فقالا : الحقِي بزوجك إن شئتِ -سمحوا لها ـ وردَّ عليَّ بنو عبد الأسد عند ذلك ـ أي أعطوها ابنها ـ فرحَّلت بعيري ...)) . امرأة توحدها ركب بعيراً ، ومعها ابنها ، تنطلق من مكة إلى المدينة ، الآن خمس ساعات ، أما وقتها اثنا عشر يوماً ، ليلا ونهارًا ، وفي الصحراء ، والذي ذهب من مكة إلى المدينة بالسيارة يعرف ما معنى أن تمشي امرأةٌ وحدها على بعير أربعمئة وثمانين كيلو متر تقريباً . (... فرحَّلت بعيري ، ووضعت ابني في حجري ، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة ، وما معي من أحدٍ من خَلق الله ، فكنت أبلُغ من لقيت ، حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة ، أخا بني عبد الدار ـ الآن اسمعوا شيئاً لا يصدَّق ، لقيت في التنعيم ، والتنعيم بعد مكة ، إذا الإنسان دخل بعمرة ، وأراد أن يعيدها يذهب إلى التنعيم ، أي مثل دمشق والمزَّة ـ فقال : أين ذاهبةٌ يا بنت أبي أمية ؟ قالت : أريد زوجي بالمدينة ، فقال : هل معكِ أحد ؟ فقلت : لا والله إلا الله ، وابني هذا ...) . انظر الشوق إلى رسول الله ، الحقيقة الخروج غير مشروع ، بالأحكام الفقهيَّة غير مشروع ، لكن هذا الأمر في بداية الإسلام ، امرأةٌ آمنت برسول الله ، والنبي في المدينة ، وأصحابه في المدينة ، وزوجها في المدينة ، فأرادت أن تخاطر . (... فقال : والله ما لكِ من منزلٍ ـ هذا عثمان بن طلحة مشرك لم يؤمن ـ فأخذ بخطام البعير ، فانطلق معي يقودني ، فوالله ما صحبت رجلاً من العرب أراه أكرم منه ...). الآن دقق في قول النبي الكريم : ((خِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلامِ إِذَا فَقُهُوا)) . ( من صحيح البخاري : عن " أبي هريرة " ) خاطب النبي رجلاً قال له : ((أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أَسْلَفْتَ مِنْ خَيْرٍ وَالتَّحَنُّثُ التَّعَبُّدُ)) . ( من صحيح مسلم : عن " عروة بن الزبير " ) (... إذا نزل المنزل أناخ بي ، ثم تنحَّى إلى شجرةٍ بعيدة ، فاضطَجع تحتها ، فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فقدَّمه إلي ورحَّله ، ثم استأخر بعيداً كي أركبه ، فإذا ركبت ، واستويت على بعيري ، أتى فأخذ بخطامه فقادني حتى نزلت ...) . اثنا عشر يوماً يقود البعير ، فإذا آن وقت الراحة أناخه ، وابتعد كثيراً كي تنزل ، ويضَّجع في مكانٍ بعيد ، فإذا انتهى وقت الاستراحة ، يعود إلى البعير فيهيِّئه ، ويبتعد عنها كي تركب ، ويأخذها إلى المدينة ، وبقي معها اثنا عشر يوماً يفعل هذا ، وهذا قبل أن يسلم ، إذا كان الناس قبل أن يسلموا على هذه الخصال ، فكيف بهم إذا أسلموا ؟ . قالت : (فلم يزل يصنع بي ذلك حتى قدم بي المدينة ، فلما نظر إلى قريةٍ...) . والله أحياناً في بعض الزيارات إلى المدينة نركب السيارة ، ويؤشِّر عدَّادها إلى مئةٍ وخمسين ، أو إلى مئةٍ وثمانين ، ونقول : ما أطول هذا الطريق !! ساعاتٌ كثيرة ، أما إذا سرنا على سرعة مئة ، لابدَّ من ست ساعات كي تصل إليها ، وقد تجد هذه الساعات الست تعني ست شهور ، فكيف بامرأةٍ تركب بعيرها ، وتسير من مكة إلى المدينة ، مسافة قريباً من خمسمئة كيلو متر ؟! (... فلم يزل يصنع بي هذا حتى قدم بي المدينة ، فلما نظر إلى قرية بني عبد عوف بقباء قال : إن زوجكِ في هذه القرية ، وكان أبو سلمة نازلاً بها) . فيستقبل أبو سلمة أم سلمة وابنها معه بكل بهجةٍ وسرور ، وتلتقي الأسرة المهاجرة بعد تفرُّق وتشتُّت وأهوال ، ويلتئم شمل أسرة أبو سلمة في المدينة بكل طمأنينةٍ وأمان ، وتحيا فيها الحياة الطيبة المباركة ، كأعز أسرةٍ وأكرمها . الآن ... ولما استقرَّت أسرة أبو سلمة في المدينة عكفت زوجته على رعاية صغارها وتربيتهم ، وتفرَّغ أبو سلمة للدعوة إلى الله تعالى في المدينة ، وللجهاد مع رسول الله دفاعاً عن هذا الدين العظيم . وعندما خرج النبي الكريم في غزوة ذي العشيرة ، وهي الغزوة التي وادع فيها بني مُدلج ، اختار عليه الصلاة والسلام من بين أصحابه أبا سلمة فاستعمله على المدينة ـ أي أن النبي عليه الصلاة والسلام حعل زوجها أميراً على المدينة ـ وشهد أبو سلمة غزوة بدرٍ ، وكان أحد جند الإسلام الأولين كما كان في مكة أحد السابقين ، وينال بهذا شرفاً على شرف ، ثم يشهد أُحُدًا ، ويبلي فيه بلاءً عظيماً ، إلى أن رمي بسهمٍ في عضده ، مكث بعد ذلك يداويه حتى ظنَّ أنه قد التأم ، وبرئ من جرحه . ثم إنَّه نفَّذ أمراً للنبي عليه الصلاة والسلام ، فأرسله النبي على رأس سريةٍ ، فأحاط بهم في إسفار الفجر على غير أُهْبَةٍ منهم لتوقّع هجومٍ ، وقاد معركةً ظافرةً ، ثم قفل راجعاً إلى المدينة يصحبه النصر ورايات بهجته ، والغنائم التي ظفر بها ، وقد أعاد بعض ما فات على المسلمين يوم أُحد ، ما فاتهم من هيبةٍ ورهبة . رجع أبو سلمة إلى المدينة ، انفض جرحه الذي أصابه إلى أحد ، فأخلد إلى فراشه تمرِّضه أم سلمة ، إلى أن حضره الأجل ، فدعت له رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ، فجاءه وهو على فراش الموت ، وبقي إلى جانبه يدعو له الله تعالى أن يجزيه خير الجزاء على ما أبلى في سبيله ، ويمضي أبو سلمة إلى جوار الله عزَّ وجل ، وقلبه يخفق بدعواتٍ إلى الله ، بأن يخلِف عنه في أهله خيراً ، فقد قال عند وفاته : (اللهمَّ اخلفني في أهلي بخير) . اسمعوا هذا الشيء الذي لا يصدَّق ... روى ابن سعدٍ عن أم سلمة أنها قالت لأبي سلمة : (بلغني أنه ليس امرأةٌ يموت زوجها وهو من أهل الجنة ، ثم لم تتزوج إلا جمع الله بينهما في الجنة...) . امرأةٌ مات زوجها ، وفاءً له لم تتزوَّج من بعده ، إذاً يجمع الله بين هذه الزوجة الوفيَّة وبين زوجها في الجنة . قالت أم سلمة لأبي سلمة : (بلغني أنه ليس امرأةٌ يموت زوجها وهو من أهل الجنة ، ثم لم تتزوج إلا جمع الله بينهما في الجنة ، فتعالى أعاهدك ألا تتزوج بعدي وألا أتزوج بعدك ـ هكذا اتفاق ؛ إن ماتت قبله لا يتزوج بعدها وفاءً لها ، وإن مات هو قبلها لا تتزوج بعده وفاءً له ـ فقال : أتطيعينني ؟ قالت : نعم . قال : إذا متُّ تزوجي ، اللهمَّ ارزق أم سلمة بعدي رجلاً خيراً مني لا يحزنها ولا يؤذيها) . في تعليق لطيف لمؤلِّف الكتاب ، يقول : من هذه المحاورة التي جرت بين الزوجين تستخلص إدراكين مختلفين كل الاختلاف من حيث المضمون ، ومتفقين معاً من حيث الهدف ، أما الاختلاف فإن الأول يتَّجه نحو التيتُّم على الزوج الراحل ، والترمُّل من بعده أمد الحياة ، وأن الثاني يتجه نحو محو الآثار بعد انقضاء العدَّة ، بالزواج من رجل يأمل أن يكون خيراً منه . اتفاقهما من حيث الهدف ، الأول يقصد الوفاء ، والثاني يقصد الهناء ، هي تقصد الوفاء ، وهو حينما قال لها : تزوجي من بعدي ، يقصد هناءتها ، هو حريص على هناءتها فسمح لها أن تتزوج ؛ لكن شرط أن يكون خيراً منه ، وهي حريصةٌ على الوفاء له . الزوج الصالح يرى أن سعادته تتحقَّق في هناءة زوجته في دنياه ، وبعد مماته ، فإن كان هناؤها يتحقَّق بالزواج برجلٍ صالحٍ بعده فذلك غايته ، وهذا ما كان يأمله أبو سلمة ؛ أن تحيا من بعده حياةً طيبةً كريمة ، وقد حقَّق الله تعالى له أمله ، ما الذي حصل ؟ قالت : (فلما مات قلت : من خيرٌ من أبي سلمة ؟) ، لا أحد ، فزوجها في نظرها أعلى رجل ، أبو سلمة كان بطل ، النبي ولاه على المدينة ، رسول الله يوليه على المدينة في غيبته ، أي أنه نائب رسول الله ، قال لها: (تزوجي بعدي ، اللهم ارزق أم سلمة بعدي رجلاً خيراً مني ، لا يحزنها ، ولا يؤذيها) ، هو أراد لها الهناء ، وهي أرادت له الوفاء ، أرأيتم إلى هذا ؟! لي صديق زار شخص معه مرض بقلبه ، الرجل اشترى بيت وزيَّنه ، واعتنى فيه عناية كبيرة جداً ، إلى درجة أنه أصبح ملفِت النظر ، فلما شعر أنه على وشك الموت ، وأن هذه الزوجة ربما بعد أن يموت تتزوج رجلاً ، فيأتي هذا الرجل ليستمتع بهذا البيت الفخم الجميل دون أن يبذل جهداً في تحصيله ، فبثَّ شكواه إلى صديقه ، قال له : أخشى ما أخشاه أنني إذا مت أن هذه المرأة ـ وقد سبَّها ـ أن تتزوج من بعدي ، فيأتي رجل غريب ينعم بهذا البيت ، هو في حال ، وهي في حال. هذا زواج أهل الدنيا ؛ زواج دناءة ، زواج حسد ، زواج بغضاء ، زواج أثرة لا مؤاثرة ؛ أما هذا الزواج فهي تعاهده على ألا تتزوج من بعده ، وهو يقول لها : (تزوجي بعدي ، اللهم ارزق أم سلمة بعدي رجلاً خيراً مني) . فما لبثت أن جاء رسول الله صلى الله عليه وسلَّم فذكر الخطبة إلى ابنها ، فقالت : (أردُّ على رسول الله ، أو أتقدم عليه بعيالي ؟) ، وكانت ذات أولادٍ من أبي سلمة . فهذه قصة إن شاء الله نرجئها إلى درسٍ قادم ؛ كيف تمَّ الزواج بينها وبين النبي عليه الصلاة والسلام ؟ وهي من أعقل زوجات النبي ، وقد أشارت عليه يوم الحديبية إشارةً استجاب لها النبي ، وقد وقف النبي موقفاً كاملاً حينما أصغى إلى نصيحة زوجته ، قال تعالى : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ( سورة الطلاق : من آية " 6 " ) فهذا الذي يستشير زوجته أحياناً ، يجد منها بعض الآراء الصائبة ، أنت لست ملزم أن تطبِّق رأيها دائماً ، أما إذا سألتها قد تجد في رأيها صواباً أحياناً ، لا تكن متعنِّتاً ، هذا الذي قال : خالفهن دائماً ، هذا كلام غير صحيح ، ولا أصل له ، فالنبي استجاب لنصيحة أم سلمة يوم الحديبية ، ولنا مع هذه الصحابية الجليلة التي هي أم المؤمنين ، وهي من أعقل نساء النبي ، ومن أكثرهن فقهاً ، ومن أقربهن إلى نفس النبي ، لنا متابعةٌ لهذه القصة إن شاء الله . لكن أريد أن أصل إلى أن هذا الرجل المشرك الذي قادها وحدها في الصحراء اثني عشرَ يوماً ، وكان في أعلى درجات العفَّة ، كان يبتعد كثيراً كي تنزل ، ثم يقرِّب الجمل ويبتعد كثيراً كي تصعد ، هذه الشهامة وهذه المروءة ، لذلك ماذا قال النبي ؟ قال : ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) . ( من الجامع الصغير : عن " أبي هريرة " ) الحقيقة يجب أن نستفيد من هذه القصَّة ، وأن نجعل منها قدوةً ، فعنترة الشاعر الجاهلي قال : وأغضُّ طرفي إن بدت لي جارتي .... حتى يواري جارتي مأواها * * * الآن يستعملون المناظير المقرِّبة ، أليس كذلك ؟ هذا وضع الجاهلية الجديد ، لذلك : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ( سورة مريم ) وقد لقي المسلمون ذلك الغي . والحمد لله رب العالمين | |
|