منتديات دنيا تكس
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة

يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك



شكرا

ادارة المنتدي دنـيا تـكس

منتديات دنيا تكس
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة

يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك



شكرا

ادارة المنتدي دنـيا تـكس

منتديات دنيا تكس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 سيرة السيدة صفية بنت حيي بن أخطب .

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد بركات
المدير العام
المدير العام
محمد بركات


الجنس : ذكر

عدد المساهمات عدد المساهمات : 703

تاريخ التسجيل : 26/06/2010

العمر : 46

الموقع الموقع : https://m1970live.yoo7.com


سيرة السيدة صفية بنت حيي بن أخطب . Empty
مُساهمةموضوع: سيرة السيدة صفية بنت حيي بن أخطب .   سيرة السيدة صفية بنت حيي بن أخطب . Clock11الجمعة أغسطس 06, 2010 3:53 am





بسم الله الرحمن الرحيم




الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على
سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، اللهم لا علم
لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا
بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً ، وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل
باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ،
وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .




أيها الأخوة الكرام ... مع الدرس التاسع عشر من
دروس الصحابيات الجليلات ، ومع أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب ، هي صفية
بنت حيي من ذرية نبي الله هارون ، كانت صفية رضي الله عناه شريفة عاقلة ذات
حسب وجمال ، ودين وتقوى ، وذات حلم ووقار ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام
يقول : ((إن الله اختارني ، واختار لي أصحابي)) ، فمن باب أولى أن
يختار له زوجاته ، وزوجات النبي عليه الصلاة والسلام جزء من دعوة الله عز
وجل ، فحينما تكون زوجة الإنسان حصيفة ، وعاقلة ، وتبلغ عنه بشكل دقيق فهذا
جزء من الدعوة ، لذلك تولى الله بذاته تطهير أهل بيت النبي ، قال تعالى :



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



(سورة
الأحزاب)




فكانت صفية رضي الله عنها شريفة عاقلة ذات حسب
وجمال ، وذات دين ووقار ، وحلم وجمال ، تزوجها النبي عليه الصلاة والسلام
سنة سبع من الهجرة ، وكان عمرها سبعة عشر سنة يوم تزوجها صلى الله عليه
وسلم ، ولدت رضي الله عنها بعد البعثة بثلاثة أعوام بين قومها يهود خيبر ،
ولا تنسوا أن زواج النبي عليه الصلاة والسلام زواج حكمة ومصلحة ، وزواج
تأليف قلوب ، وزواج دعوة إلى الله عز وجل .




لقد أسلمت بعد زواجها من رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، ذلك أنها كانت من سبايا خيبر ، وقد جعل مهرها عتقها ، تزوجها عليه
الصلاة والسلام راغبة مختارة ، ولم يكرهها على الإسلام ، لأن الله عز وجل
يقول :



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



(سورة البقرة 256)




تزوجها مختارة ، وقد دخلت في دين الله طواعية ،
لذلك عدت من أمهات المؤمنين رضوان الله تعالى عليهن ، أقامت مدة على دينها
ثم أعلنت إسلامها ففرح النبي صلى الله عليه وسلم بهذا كثيراً ، وفي حديث
أنس رضي الله عنه
((أن النبي صلى الله عليه وسلم
لما أخذ صفية بنت حيي قال لها : هل لك فيّ ؟ قالت : يا رسول الله قد كنت
أتمنى ذلك في الشرك ، فكيف إذا أمكنني الله منعه في الإسلام)).





وفي صحيح البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا
صَدَاقَهَا)) ،
فهذه الرواية توضح أن إسلامها كان قبل زواجها من رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، وقد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث
عديدة ، روى عنها ابن أخيها كنانة ، ويزيد ، وعلي ، ومسلم بن صفوان ،
وإسحاق بن عبد الله بن الحارث .




لماذا ينبغي أن تكون زوجة رسول الله عاقلة حصيفة
عفيفة طاهرة ؟ لأنها ستبلغ عنه ، النبي طلق امرأة واحدة رآها ضعيفة العقل ،
فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ((
أَنَّ
ابْنَةَ الْجَوْنِ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَنَا مِنْهَا قَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ
فَقَالَ لَهَا لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ الْحَقِي بِأَهْلِكِ)) .




(البخاري)




والإنسان من سعادته في الدنيا أن تكون زوجته صالحة عاقلة ،
لأن الزوجة المؤمنة ستيرة وعاقلة ستعين زوجها ، والمرأة كما تعلمون لها دور
خطير في معونة زوجها على صلاح أمره .




لمّا انتهت السنة السادسة للهجرة بأحداثها
المليئة بالخيرات والبركات ، وأقبلت السنة السابعة بما تحمله من خطوب جسام
، وبزغ هلال المحرم من أول العام ، فتهيأ النبي صلى الله عليه وسلم لمعركة
حاسمة تقطع دابر المكر اليهودي من أرض الحجاز الذي كشف لثامه في معركة
الخندق ، في معركة الخندق اتضح أن اليهود ماكرون خائنون ، وأنهم يكيدون
للنبي عليه الصلاة والسلام ، وما معركة الخندق عنكم ببعيد ، يوم نقض اليهود
عهدهم ، وجاء أهل الشرك في الجزيرة يحيطون بالمدينة ليستأصلوا شقفة الإسلام
، وكانت معركة الخندق معركة حياة أو موت ، معركة وجود أو عدم وجود ، والله
سبحانه وتعالى نصر النبي عليه الصلاة والسلام وانكشفت نواي اليهود الشريرة
، وانكشف مكرهم وخداعهم ، وهذا ديدنهم منذ قديم الأزمان .




خرج النبي صلى الله عليه وسلم في النصف الثاني من
المحرم إلى خيبر وهي مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع وقلاع ، تقع على بعد مئة
ميل شمال المدينة المنورة (160 كيلو تقريبا) ، من أكبر مدن الحجاز ، ومن
أشدها حصانة ، وقوة ومناعة ، وكان مع النبي صلى الله عليه وسلم ألف
وأربعمائة مقاتل ، ما بين فارس وراجل ، فلما أشرف النبي صلى الله عليه وسلم
على خيبر قال لأصحابه قفوا ، وكان عليه الصلاة والسلام إذا غزا قوماً لم
يغز عليهم حتى يصبح ، فلما أصبح رآه عمّال خيبر ، وقد خرجوا بمساحيهم ،
وفؤوسهم ، ومكاتلهم يقصدون مزارعهم ، فلما رأوه صاحوا : محمد والخميس (
الخميس هو الجيش له مقدمة ومؤخرة ووسط وميمنة وميسرة ، خمس فرق ) ، ثم ولوا
هاربين ، فقال عليه الصلاة والسلام : الله أكبر خربت خيبر ، إنّا إذا نزلنا
بساحة قوم فساء صباح المنذرين .




ثم سار النبي عليه الصلاة والسلام يفتح عقول خيبر
وحصونها واحدًا تلو الآخر ، حتى إن حصن ابن أبي الحقيق فتحه ، وجيء بسبايا
الحصن ، وفيهم صفية بنت حيي ، إذاً صفية سبية من سبايا أحد حصون خيبر ،
ومعها ابنة عم لها جاء بهما بلال رضي الله عنه فمرّ بهما على قتلى يهود
الحصن ، فلما رأتهم المرأة التي مع صفية صكت وجهها ، وصاحت وحثت التراب على
وجهها ، فقال عليه الصلاة والسلام لبلال : أنزعت الرحمة من قلبك حين تمر
بالمرأتين على قتلاهما .




أرأيتم إلى رحمة النبي عليه الصلاة والسلام ، حتى
في الأسيرة ، أسيرة أعدائه ، كبر عليه أن ترى امرأة ضعيفة قلبها رقيق قتلى
قومها أمامها ، فعنف بلالاً فقال : أنزعت الرحمة من قلبك حينما تمر بالمرأة
على قتلى قومها ، وقال لبلال أيضاً ، وكان صفية رأت قبل ذلك ...




هنا هذه السبية بنت حيي زعيم اليهود رأت في
المنام أن القمر وقع في حجرها ، وفي رواية رأت الشمس نزلت حتى وقعت على
صدرها ، فذكرت ذلك لأمها ، فلطمت وجهها وقالت : إنك لتمدين عنقك إلى أن
تكوني عند ملك العرب ، هذه الرؤية التي رأتها هذه السبية بشرت بمستقبلها ،
هي زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رأت القمر قد وقع في حجرها ، أو
رأت الشمس نزلت فوقعت على صدرها .




فلم يزل الأثر على وجهها ، لطم أمها لها بقي فترة
طويلة ، حتى أتي بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما سألها عنه أخبرته
، فكبرت في نفسه صلى الله عليه وسلم حين سمع منها هذه البشارة التي زفها
الله إليها .




يعني أحياناً الإنسان يرى رؤيا واضحة جداً هذه
الرؤيا الواضحة هي من عند الله عز وجل ، والرؤيا الصالحة يراها الرجل
الصالح أو ترى له ، الرؤيا الصالحة طريقة أو هي إعلام الله عز وجل لهذا
الإنسان ، يعلمه بشيء ما ، فربنا عز وجل بشرّ هذه المرأة الصالحة التي
جعلها من نسل يهودي بأن زوجها رسول الله ، ومن خلال هذه الرؤيا التي رأتها
أدركت أمها معنى هذه الرؤيا ، فلطمت وجهها ، وصكته ، وقالت : إنك تمدين
عينيك إلى أن تكوني عند ملك العرب ، ولم يبق أثر لطم أمها على وجهها .




فحينما رآها النبي عليه الصلاة والسلام ، وسمع
منها هذه البشارة التي زفها الله تعالى إليها واسى آلامها ، وخفف من مصابها
، وأعلمها أن الله تعالى حقق رؤياها .




الآن لما صار النبي عليه الصلاة والسلام على ستة
أميال من خيبر مال يريد أن يعرس بها فأبت عليه ، فوجد في نفسه فلما كان
بالصهباء ، وهو على بريد من خيبر نزل بها هناك فمشطتها أم سليم ، وعطرتها ،
وكانت صفية من أضوء ما يكون من النساء ، فدخل صلى الله عليه وسلم على أهله
، فلما أصبحت سألتها عمّا قال لها ، فقالت : قال لي ما حملك على الامتناع
من النزول أولاً ؟ فقالت : خشيت عليك من قرب اليهود ، فزادها ذلك عنده
منزلة ومكانة .




يعني أرادت أن يبتعد كثيراً عن ديار اليهود لئلا
يغدروه ، فكانت حريصة عليه حرصاً شديداً ، هذا الذي ذكره كتاب السيرة .




وفي طريق العودة إلى المدينة تهيأ الركب لملاقاة
الأهل والإخوة ، فاستقبل القوم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه
بالترحاب والإكرام ، وكانت بشائر الانتصارات تزف إليهم حيناً بعد حين .




وقد ذكر ابن سعد من طريق عطاء بن يسار قال : لما
قدم صفية من خيبر أنزلت في بيت الحارث بن نعمان ، فسمع نساء الأنصار فجئن
ينظرن إلى جمالها ، وجاءت عائشة متنقبة ، المرأة هي المرأة ، فلما خرجت خرج
النبي صلى الله عليه وسلم على أثرها فقال لها : كيف رأيت يا عائشة ؟ قالت :
رأيت يهودية ، فقال صلى الله عليه وسلم : لا تقول ذلك ، فإنها أسلمت ، وحسن
إسلامها .




أنا استنبط من هذا أن الإنسان يكون له انتماء
معين ، له مشكلة معينة ، وبعد أن يتوب إلى الله ، ويسلم ، وبعد أن يستغفر
ينتهي الماضي ، فكلما كنت أقرب إلى الله نسيت الماضي ، وكلما كنت تتحرك
بحركة غير صحيحة يثير ماضيك عندك الشيء الكثير ، فإذا كان الإنسان تائهاً
أو شارداً ، وتاب إلى الله توبة نصوحاً فينقسم الناسُ قسمين : قسم يريد أن
يركز على ماضيه ، وقسم يركز على حاضره ، كلما كنت أقرب إلى الله عز وجل
تركز على الحاضر ، وكلما كنت أبعد عن منهج الله تركز على الماضي ، وهذا
الشيء يبعث في النفس الألم ، كان الإنسان شاردًا ومخطئًا ، ثم ، تاب ،
وأسلم وحسن إسلامه ، وارتقى إلى الله عز وجل لماذا تذكره بهذا الماضي ، لا
بدّ أنك تريد أن تثبطه ، أن تضعفه ، أن تذكره بما اقترفت يداه .




لذلك سيدنا يوسف عليه السلام علمنا من خلال
القرآن لما التقى بإخوانه قال :



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



(سورة يوسف 100)




السجن ليس فيه خطر على بقاء الإنسان ، الخطر
بالجب ، يعني لو أنك أردت أن تذكر أيهما أخطر وضعه في الجب أم وضعه في
السجن ، وضعه في الجب مظنة هلاك ، لكن وضعه في السجن مظنة سلامة ، هو يتذكر
فضل الله عليه إذ أخرجه من السجن ، ولم يقل إذ أخرجه من الجب ، لأنه إن قال
إذ أحسن بي إذ أخرجني من الجب يخاطب إخوته ذكرهم بجريمته ، لأنه عليه
الصلاة والسلام كان قمة في الكمال .




فإذا كان للإنسان عمل ، وتاب منه ، وتركه فالكمال
ألا ذكره له إطلاقاً ، بل إن النبي عليه الصلاة والسلام وقف موقفاً أبلغ من
ذلك لما جاءه عكرمة مسلماً وجه أصحابه الكرام فقال : جاءكم عكرمة مسلماً ،
فإياكم أن تسبوا أباه ، فإن سب الميت يؤذي الحي ، ولا يبلغه .




فالمؤمن يقرب ولا يبعد ، لا يحمر الوجوه ، لا
يحرج الناس ، في شخص عنده رغبة في إحراج الناس دائماً يذكرهم بعمل أخطؤوا
فيه سابقاً ، سيدنا عمر جاءه رجل وقال : يا أمير المؤمنين إن أختي وقعت في
معصية ، وأقيم عليها الحد ، وجاء الآن من يخطبها أفأذكر ذلك لمن خطبها ؟
قال له : والله لو ذكرته لقتلتك ، إذا تاب الإنسان من شيء ينبغي أن تطوى
صفحة .




فأنت كلما كنت أقرب إلى الله ، والتقيت بإنسان له
ماض فانسَ ماضيه ، وتركز على حاضره الطيب ، وكلما كان الإنسان أقرب إلى
حظوظ نفسه ، وإلى البعد عن منهج الله يذكره بماضيه ، وثمة إنسان يتكلم
بلسان الشيطان ، دائماً يثبط الهمم ، يحبط العمل ، فإذا تألق الإنسان قيل
له : كيف كنت من زمان ؟ كان وتاب ، يريد أن يفشله ، أن يجعله يخفق .




فقال صلى الله عليه وسلم : لا تقول ذلك إنها
أسلمت ، وحسن إسلامها .




وقال الحافظ أبو نعيم في كتابه حلية الأولياء عقب
ذكره لصفية : ومنهن التقية الذاكرة ذات العين الباكية صفية الصافية زوجة
النبي صلى الله عليه وسلم .




بالمناسبة ليس في الإسلام عداوة ثابتة ، الله جلّ
جلاله في الأصل لا يبغض عباده ، بل يبغض أفعالهم ، إن تابوا فأنا حبيبهم ،
وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم ، فالله لا يبغض عبده ، بل يبغض فعل عبده ،
بدليل أن الإنسان مجرد أن يتوب إلى الله ينتهي الأمر ، سيدنا عمر رضي الله
عنه لما دخل عمير بن وهب جاء ليتقل النبي عليه الصلاة والسلام ، وأدرك
بحدسه ، وهو عملاق الإسلام أن هذا عدو الله ، جاء يريد شراً ، فكتفه بحمالة
سيفه ، وساقه إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، وقال : يا رسول الله هذا
عمير جاء يريد شراً ، سيدنا رسول الله قال له : ابتعد عنه ، وأطلق سراحه ،
وقال : ادن مني يا عمير ، بقلب كبير ، وعطف شديد ، وقد جاء ليقتله ، قال :
سلِّمْ علينا ، فقال : أنعمت صباحاً يا محمد ، قال له : سلّم بسلام الإسلام
، بغلظة ما بعدها غلظة ، ليس بعيدَ عهدٍ بسلام الجاهلية ، أنعمت صباحاً ،
ما الذي جاء بك يا عمير ؟ قال : جئت أفك ابني من الأسر ، قال له : وهذه
السيف التي على عاتقك ؟ قال : قاتلها الله من سيوف ، وهل نفعتنا يوم بدر ،
قال له : ألم تقل لصفوان : لولا أولاد صغار أخشى عليهم العنت ، وديون لا
أطيق سدادها لذهبت ، وقتلت محمداً ، وأرحتكم منه ، فوقف ، وقال : أشهد أنك
رسول الله ، إن هذا الذي قلته لصفوان لا يعلمه أحد إلا الله ، وأنت رسوله ،
وأسلم .




الشاهد أن سيدنا عمر قال : دخل عمير على رسول
الله ، والخنزير أحب إليّ منه ، وخرج من عنده ، وهو أحبّ إليّ من بعض
أولادي ، هذه عظمة الإسلام ليس هناك عداوة دائمة ، والمسلم لا يكره غير
المسلم ، بل يكره فعله فقط ، يكره انحرافه ، يكره تقصيره ، يكره عدوانه ،
لا يكره ذاته ، لأنه عبد لله شارد .




حال المسلم مع غير المسلم كحال الطبيب مع مريض ،
هناك مرض جلدي ، المرض مقزز ، لكن هل يحقد الطبيب على مريض مصاب بمرض جلدي
؟ لا بل يشفق عليه ، وكل مؤمن بلغ مرتبة عالية في قلبه رحمة ، فإن رأى
إنسانًا شاردًا منحرفًا يشفق عليه ، ولا يحقد عليه ، وهذا الدين لا يبنى
على الحقد ، ولا على الكراهية ، بل يبنى على المحبة ، ويبنى على محبة الخلق
كلهم .




إذاً هذه بنت حيي ابن أخطب قال عنها كتاب السيرة
: التقية الزكية ، ذات العين الباكية ، صفية الصافية ، زوجة النبي صلى الله
عليه وسلم .




الآن وقفات مع هذه الزوجة الصالحة ، قال : لاحظت
صفية وهي بين أمهات المؤمنين أنها شريكتهم برسول الله ، لذلك أثارت شراكتها
الجديدة حفيظتهم ، وتلك سنة الله في النساء ، وغيرة المرأة ميزة فيها ،
ولولا أنها تغار عليك لما أحببتها ، لا تضجروا من غيرة النساء ، فلولا أنها
تغار عليك لما أحببتها ، تحبها لأنها تغار عليك ، وتحرص عليك ، إلا أن هناك
غيرة مرضية ، وهذه حالات قليلة ، هناك غيرة سوية ، كل امرأة - أية امرأة
على وجه الأرض - تحب أن يكون زوجها لها وحدها ، وهناك نساء غيرتهن مرضية ،
يعني يتوهمن أشياء لم تقع ، ولن تقع ، فهذه تحتاج إلى معالجة ، فالمرأة هي
المرأة .




لاحظت صفية هذا الأثر في نفوس بعض ضرائرها فقدمت
لهن بعض الحلي من الذهب كرمز لمودتها لهن ، كما قدمت ذلك لفاطمة بنت محمد ،
كهدايا لضرائرها ولفاطمة ابنة النبي عليه الصلاة والسلام ، وهذا أسلوب ذكي
جداً ، الإنسان أحياناً يحقق بعض أهدافه بكلمة طيبة أو بدهية مخلصة من أجل
أن المركب يسير .




وهذه الزوجة الذكية اكتشفت أن الخطر لا يأتيها
إلا من زوجتين تقتربان منها في السن والجمال ؛ السيدة عائشة ، والسيدة حفصة
، فمرة بلغها عن حفصة وعائشة كلام ، فذكرت ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام ،
يعني آلمها قول حفصة وعائشة فيها ، فقال عليه الصلاة والسلام : ألا قلت
لهما : وكيف تكونان خيراً مني وزوجي محمد ، وأبي هارون ، وعمي موسى ، ثلاثة
أنبياء ، فنزل قول النبي عليه الصلاة والسلام برداً وسلاماً على قلبها .




وكان لها من رسول الله صلى الله عليه وسلم رعاية
خاصة حيث يشعر بغربة صفية ، يعني بقية نساؤه قرشيات بين قومهن ، أما هي
فغريبة ، ولأنها غريبة فلها معاملة خاصة ، ولها عطف خاص ، ولها رعاية خاصة
، وهذا أيضاً من حسن السياسة ، ومن الحكمة في التعامل ، أحيانا يكون الشخص
مقيمًا في مدينة أقربائه ، وإخوانه ، وأعمامه ، وأخواله ، أما الشخص الغريب
الوحيد فليس له أحد ، وهذا يحتاج إلى معاملة طيبة جداً ، وإلى رعاية خاصة
كي ينسى أنه غريب .




روى أبو نعيم عن أنس قال : بلغ صفية أن حفصة قالت
لها بنت يهودي ، فبكت ، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي تبكي
فقال : ما شأنك ؟ قالت : قالت لي حفصة : إنك بنت يهودي ، فقال لها النبي
عليه الصلاة والسلام : إنك لبنت نبي ، وإن عمك لنبي ، وإنك لتحتَ نبي ،
فبما تفخر عليك ، يعني كل من حولك أنبياء ، ثم قال : اتق الله يا حفصة ،
وكانت صفية عاقلة فاضلة حليمة لا تأبه بكل تلك المضايقات .




هنا سؤال : الله عز وجل له حكمة بالغة ، قد يخرج
من صلب إنسان لئيم أحمق امرأة صالحة ، قد يأتي من نسل رجل مجرم إنسان ولي ،
فالله عز وجل يخلط ، معنى يخلط قد يخرج الحي من الميت ، والميت من الحي ،
وقد تجد من نسل عالم جليل تائهًا شاردًا ، قد تجد من نسل رجل شارد وليًّا
لله عز وجل ، فهذه صفاته أن تكون من نساء رسول الله عليه الصلاة والسلام
عقل ، وذكاء ، وحكمة ، وأدب ، وخجل ، وتواضع ، ورأت أن قمراً وقع في حجرها
، فلما ذكرت ذلك لأمها لطمتها على وجهها .




تروي كتب السيرة أن بعض زوجاته آذتها بلسانه
فقاطعها النبي شهرين للتي آذتها ، كان يرعاها رعاية خاصة .




كان لهذه السيدة المصون مواقف جليلة وتصرفات
نبيلة تنبئ عن كبر عقلها ، وعظيم إخلاصها ، والحقيقة أروع ما في المرأة
عقلها ، المألوف أن المرأة تزهو بجمالها أو بأنوثتها ، أما حينما يضاف إلى
جمالها عقل راجح فتكون شيئًا نادرًا جداً ، فما أروع العقل بالمرأة ، وقد
قال رجلٌ لزوجته : إن في خلقي سوءاً ، فقالت له : إن أسوء منك خلقاً من
حاجك إلى سوء الخلق .




روى زيد بن أسلم قال : اجتمع نساء النبي صلى الله
عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه ، فقالت صفية بنت حيي : إني والله يا رسول
الله لوددت أن الذي بك بي ، فغمزن أزواجه ببصرهن ، فقال عليه الصلاة
والسلام : مضمنّ ، أي اغسلن أفواهكن ، ماذا قالت إلا والله يا رسول الله
أتمنى لو أن الذي بك بي ، من شدة حبها له ، وتعظيمها له ، فكانت تتمنى
المرض الذي عند رسول الله عندها ، فأزواجه الطاهرات غمزن ، وعبرن عن
استهزائهن بهذه الكلمة ، فقال عليه الصلاة والسلام : مضمِضْن ، فقلنا : من
أي شيء ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : من تغامزكن ، وإنها والله لصادقة ،
قال كتاب السيرة : أعظم بهذا من شهادة لها من رسول الله صلى الله عليه وسلم
.




وروى أبو نعيم أيضاً عن عبد الله بن عبيدة أن
نفراً اجتمعوا في حجرة صفية بنت حيي زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم
فذكروا الله ، وتلوا القرآن ، وسجدوا ، فنادتهم صفية رضي الله عنها : هذا
السجود ، وتلاوة القرآن ، فأين البكاء ؟ أين الخشوع ؟ وما كان الله ليسمح
لامرأة أن تكون زوجة النبي إلا أن تكون قمة في الكمال ، وقمة في الفهم
والقرب .




وقد روى ابن حجر عن أبي عمر قال : كانت صفية رضي
الله عنها عاقلة فاضلة ، روي أن جارية لها أتت عمر فقالت : إن صفية تحب
السبت ، وتصل اليهود ، فبعث إليها عمر فسألها عن ذلك ، فقالت : أما السبت
فإني لم أحبه منذ أبدلني الله به الجمعة ، وأما اليهود فإن لي فيهم رحماً ،
فأنا أصلها ، فلم يجب عمر ، ثم قال للجارية ، أو قالت هي : ما حملك على ذلك
؟ قالت : الشيطان ، فقالت : اذهبي فأنت حرة ، يعني أرادت أن توغر صدر عمر
عليها ، إنها تحب يوم السبت ، ولا تحب يوم الجمعة ، قالت : لا ، بعد أن
شرفني الله بالإسلام فإني أحب الجمعة ، ولا أحب السبت ، أما أن تُعتَقَ من
أهلها ، فقالت : لا ، إنني أصل رحمي ، وهي بهذا تتخلق بخلق النبي
صلى الله عليه وسلم الذي كان يعفو عمن ظلمه ، ويحسن إلى من أساء إليه .




أيها الإخوة ... الحقيقة أن رواية هذه البطولات
عن الصحابيات الجليلات وفي مقدمتهن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم يعلمن
الشيء الكثير ، يعلمنا أن المرأة كالرجل ، يمكن أن تحقق بطولة ، ويمكن أن
تكون في أعلى مرتبة عند الله عز وجل ، وأن أي نظرة إلى المرأة توهم أنها
دون الرجل ، وأن مجالها البيت والطبخ والأشياء التي يفعلها النساء عادة هذه
نظرة جاهلية للمرأة ، لذلك أنا أتمنى على كل أب عنده بنات أن يلقي في روعهن
أنهن يمكن أن يكن بطلات ، فالمرأة التي ترعى حق زوجها وأولادها كالمجاهدة
في سبيل الله ، ((اعلمي أيتها المرأة ، وأعلمي من دونك من النساء أن حسن
تعلب المرأة زوجها يعدل الجهاد في سبيل الله))
.




والإنسان إذا جاءته بنت أو بنتان فأحسن تربيتهما
فالنبي كفله في الجنة ، قالوا : واحدة ؟ قال : واحدة ، في بيت ليس فيه بنات
إلا ما ندر ، فأي بيت فيه بنت يمكن أن يكون هذا البيت مرحوماً ، وأي رجل
جاءته بنت فراها تربية صالحة يمكن أن تكون هذه الفتاة الصالحة سببًا لدخول
الجنة ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال : ((
أكرموا
النساء ، فوالله ما أكرمهن إلا كريم ، ولا أهانهن إلا لئيم ، يغلبن كل كريم
، ويغلبهن لئيم ، وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً من أن أكون لئيماً
غالباً)).




والحمد لله رب العالمين .






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://m1970live.yoo7.com
 
سيرة السيدة صفية بنت حيي بن أخطب .
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سيرة السيدة هند بنت أبي أمية " أم سلمة " .
» سيرة السيدة جويرية بنت الحارث .
» سيرة السيدة زينب بنت خزيمة .
» سيرة السيدة ميمونة بنت الحارث .
»  سيرة السيدة أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات دنيا تكس :: قسم اسلاميات :: شخصيات اسلامية-
انتقل الى: