منتديات دنيا تكس
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة

يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك



شكرا

ادارة المنتدي دنـيا تـكس

منتديات دنيا تكس
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة

يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك



شكرا

ادارة المنتدي دنـيا تـكس

منتديات دنيا تكس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الولاية في الزواج : أحكامها وآثارها – تدابير تمتين العلاقة الزوجية قبل الزواج

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد الله
عضو نشيط
عبد الله


الجنس : ذكر

عدد المساهمات عدد المساهمات : 112

تاريخ التسجيل : 03/07/2010

الموقع الموقع : https://m1970live.yoo7.com


الولاية في الزواج : أحكامها وآثارها – تدابير تمتين العلاقة الزوجية قبل الزواج Empty
مُساهمةموضوع: الولاية في الزواج : أحكامها وآثارها – تدابير تمتين العلاقة الزوجية قبل الزواج   الولاية في الزواج : أحكامها وآثارها – تدابير تمتين العلاقة الزوجية قبل الزواج Clock11الجمعة أغسطس 06, 2010 5:09 pm

الولاية في الزواج : أحكامها وآثارها –
تدابير تمتين العلاقة الزوجية قبل الزواج - لفضيلة الأستاذ محمد راتب النابلسي
.







بسم الله الرحمن الرحيم












الحمد لله رب العلمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، الصادق الوعد الأمين
، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما
ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علما ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ،
وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون
أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .




وبعد فنحن مع الدرس الرابع من الدروس المتعلقة بشأن الزواج ، وقد ذكرنا في درسٍ
سابق أنَّ هناك فقراً حقيقياً ينبغي أن يعالج ، والفقر كما تعلمون عقبةٌ كؤود
في سبيل الزواج ، وتحدثت عن الفقر المصطنع ، حينما يغالى بالمهور ، وحينما
يكلّف الخاطب ما لا يطيق ، يصبح فقيراً لا لأنه فقير ، بل لأن الطلبات تفوق
إمكاناته .



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]






وننتقل اليوم ، إلى موضوع الأولياء ، لحكمةٍ أرادها الله عزَّ وجل واضحةٍ جداً
جعلَّ صحة عقد الزواج منوطةً بموافقة الولي ، فقد ورد عن النبي صلّى الله عليه
وسلم أنه :




(( لا نكاح إلا بولي

)) .




[الترمذي عن أبي موسى ]




وجود الولي شرطٌ لعقد النكاح ، لماذا ؟ لأنه في أغلّب الأحيان لا تعرف الفتاة
الرجال ، قد يعجبها شكله ، ولكن لا تستطيع أن تختبره ، بينما الولي لديه خبراتٌ
متراكمة تزيد على خمسين عاماً أو عن أربعين عاماً ، هذه الخبرات في معرفة
الرجال ، لذلك لئلا تقع الفتاة في شرِّ عملِّها ، أو لئلا تخدع ، أو لئلا يستغل
طيبها ، وسذاجتها أحياناً ، أو عدم معرفتها بالرجال ، فلا بدِّ من ضمانةٍ في
نجاح الزواج ، هذه الضمانة هي موافقة الولي .



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


من
هو الولي ؟ أبوها أقرب الناس إليها ، أكثر الناس حباً لها ، أشدُّ الناس حرصاً
عليها ، أي لا يوجد علاقة في الأرض تفوق علاقة الأب بابنه ، أو الأم بابنتها ،
فلذلك الشرع الحكيم جعل موافقة الولي شرطاً لصحة العقد .




حينما تأيَّمت حفصة بنت سيدنا عمر من خنيس بن حذافة السهمي ، وكان من أصحاب
رسول الله


e

، فتوفي بالمدينة ، فقال عمر رضي الله عنه :




<<


أتيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة ، فقال : سأنظر في أمري ،
فلبثت ليالي ، ثم لقيني فقال : قد بدا لي ألا أتزوج يومي هذا ، قال عمر : فلقيت
أبا بكرٍ الصديق رضي الله عنه ، فقلت : إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر ، فصمت أبو
بكرٍ رضي الله عنه فلم يرجع إليَّ شيئاً ، فلبثت ليالي ، ثم خطبها رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فأنكحتها إياه>> .



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]






ماذا نستنبط من هذه القصة ؟ حب سيدنا عمر الشديد على تزويج ابنته ، وأيما أخٍ
مؤمن يحرصُّ حرصاً بالغاً ، ويتحرك ، ويسعى ، ويأخذ بالأسباب ليزوج ابنته ،
فهذا موقفٌ نبيل ، فإن زوجها من شابٍ مؤمن حفظ لها دينها ، وحفظ لها دنياها ،
وأعطاها حقها الطبيعي في أن تكون أمًّا ، وإذا رأيت أباً لا يعبأ بتزويج بناته
، فيتكبر على الخطَّاب ، ويضع الشروط التعجيزية ، ولا يبالي ، بل إن بعض
الجهلّة يقولون : " هذه الفتاة تركتها لشيخوختي " ، لقد أخطأ في
حقها خطأً لا يغفر ، هذه تركتها لشيخوختي ، لا يحب أن يزوجها .



قد
تكون إحدى الفتيات على علاقةٍ طيبةٍ جداً بأبيها ، تخدمه خدمةً فائقة ، فهذا
الأب بعقله الباطن لا يتمنى أن يزوجها ، إنه سعيدٌ بخدمتها ، هذا الذي يؤْثر
مصلحته وحظوظه من خلال ابنته ، ومن خلال خدمة ابنته له ، على صالح ابنته ،
فحينما يغيب هذا الأب عن الحياة ، فهو أبٌ اقترف ذنباً لا يغفر .




لذلك عرض سيدنا عمر ابنته على حفصة سيدنا عثمان ، ثم عرضها على سيدنا الصديق ،
ثم جاء النبي عليه الصلاة والسلام فخطبها ، فأنكحها إياه.




فهذه المقدمة تعني أن على ولي الأمر أن يسعى جاهداً لتزويج ابنته ، أحياناً
يسلِّكها طريقاً بعيداً عن أنوثتها ، لذلك عندئذٍ لا يُقدم عليها أحد ، ولا
ترضى بأحد ، بعد حين يفوتها قطار الزواج ، بعد حين تتألم أشدَّ الألم ، تتعقد
أحياناً ، عندئذٍ تندب حظها وتنحِّي باللائمة على أبيها ، فلذلك أردت من هذه
المقدمة أن أبين لكم أن الأب المؤمن ينبغي أن يكون حريصاً حرصاً لا حدود له على
تزويج بناته ، طبعاً ليس الأمر بيده مطلقاً ، عليه أن يسعى وعلى الله الباقي ،
فالسعي مطلوب .




إخواننا الكرام ، فهنا نقطة دقيقة جداً .




عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَقَالَ : الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ
لَمَّا أَدْبَرَ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((
إِنَّ اللَّهَ
يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ ، فَإِذَا غَلَبَكَ
أَمْرٌ فَقُلْ : حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ

)) .




( سنن أبي داود )



هذا
الحديث لو فهمناه فهماً دقيقاً ، ففهمنا أبعاده لكان المسلمون اليوم بحالٍ غير
هذا الحال ، الاستسلام والضعف واليأس والقنوط لماذا ؟ فتحرك ، واسعَ ، ألم يقل
سيدنا شعيب لسيدنا موسى :



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


(
القصص )




فإذا كان الأب يكبر عليه أن يعرض بناته ، فلا بدَّ من وسيط قريب من العائلة
يسعى لتزويج الفتيات ، وقد ذكرت لكم هذا في دروسٍ سابقة ، فأفضل شفاعةٍ أن تشفع
بين اثنين في نكاح ، حينما تخطب الفتاة من شابٍ مؤمن ، تعمُّ الفرحة في بيت
أبيها ، فقد اطمأن على دينها وعلى دنياها ، عليه أن يقدِّم ما يستطيع ، أن
يتساهل ، إذا كان يملّك يقدم إذا لا يملك يتساهل ، أما لا يملك ولا يقدم ولا
يتساهل ، هذا إنسان أحمق ، إما أن يقدِّم ، وإما أن يتساهل .



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]






الآن هذا الولي الذي جُعلَّ عقد النكاح موقوفاً صحته على موافقته ، لو أنه غير
موجود ، فلو أنه كان مسافراً ، أو لو أنه غائب ، لو أنه في السجن ، كيف نعمل ؟
العلماء قالوا : " الولي إما أن لا يكون موجوداً حقيقةً أو حكماً "
.



معنى
: موجودا حقيقةً : ليس لها أب ، كأن يكون الأب متوفى .




ومعنى : حكماً كأن يكون مسافرًا ، أو مسجونًا أو غائبًا أو مفقودًا ، أو مصابًا
بصفة تمنعه أن يحكم في أمر ابنته .




الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه يروي عن ابن عباسٍ رضي الله عنه ، طبعاً إذا
قلنا عن أحد التابعين ، أو عن أحد العلماء العاملين والفقهاء والمحدثين :
رضي الله عنه
، كما تعلمون هذه العبارة دعائية ، أما إذا قلنا : عن أصحاب
رسول الله رضي الله عنه ، فهذه تقريرية ، والفرق كبير بين أن تكون غنياً
فيقال لكَ : " لقد أغناك الله ، وبين أن تكون فقيراً فيقال لك : أغناك الله
" ، الأولى دعاء ، والثانية تقرير، وإذا قلت عن التابعين ، وعن العلماء
العاملين وعن الفقهاء والمحدثين : رحمه الله تعالى ، هذه تنفي الإشكال
، أما لو قلت : رضي الله عنه لإنسان من التابعين أو العلماء المتأخرين ،
هذه دعائية ، أما إذا ذكرت صحابياً ، وترضَّيت عنه هذه تقريرية ، والفرق
بينهما كبير .




فسيدنا بن عباس رضي الله عنه ، أو رضي الله عنهما لأنه وأبوه صحابيان .




عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ :



((

لا نِكَاحَ إِلا بِوَلِيٍّ

))
.




قالوا: " والسلطان وليُ من لا وليَ له ، والقاضي ينوب عن السلطان، في
تزويج الفتاة التي لا وليَّ لها ".



هذه
أول قضية حُلّت ، فلو فتاةٌ ليس لها ولي وجاءها خاطب والعقد معلق على موافقة
الولي ، هنا السلطان وليُ من لا وليَ لها ، والقاضي الشرعي ينوب عن السلطان في
تزويج الفتاة التي لا وليَّ لها ، ولكن ماذا نعني بالسلطان ؟ يقول بعض العلماء
: " نائب الحاكم ولي ، أمير الأعراب ولي ، رئيس القرية ولي " .




فالقرية لها مختار ، وهؤلاء الأعراب لهم شيخ قبيلة ، وفي المدينة القاضي الشرعي
، فأي شخص من عِلية القوم من بيده أمرّ هذه الجماعة ، هذا يعدُّ نائباً للسلطان
في تزويج من لا ولي لها .



بعض
العلماء يقول : " إذا كان ولّيها غائباً في موضعٍ لا يصل إليه الكتاب ،
أو يصلُّ فلا يجيب عنه ، زوَّجها من هو أبعد منه من عصبتها ، فإن لم يكن
فالسلطان ".




يوجد عندنا حل آخر ، الأب ولي ، وهو غائب لا نعلَّم أين هو ، أو نعلم أين هو ،
لكن لا نستطيع أن نصلّ إليه ، فإذا وصلّنا إليه قد لا يجيب لسبب أو لآخر ، إذاً
هناك وليٌ من الدرجة الثانية ، أخوها فالأخ ولي ، وعمها وخالها ، وهكذا ، فإن
لم يكن هناك وليٌ من قرابتها ، كان السلطان أو نائب السلطان ولياً في تزويجها .



إذا
غاب الولي غيبةً طويلةً انتقلت الولاية إلى الولي الأبعد ، وهكذا ، إلى أن نصل
إلى السلطان أو نائبه في تزويج الفتاة التي لا وليَّ لها .




هناك سؤال : أيهما أفضل إذا غاب وليها ، أن يزوجها وليها الأبعد ، أم السلطان
أكثر ؟ الفقهاء على أن وليها الأبعد أولى من السلطان في تزويجها .





النقطة الثانية : أية مدةٍ إذا غاب عنها الولي فقد ولايته ، وانتقلت الولاية
إلى غيره ، أو إلى من هو أبعد منه ، وهذه بحسب الأعراف والعادات ، فكلّ بلدة أو
كلّ مجتمع له عرف ، فإذا سافر الإنسان إلى المحافظات أسبوعا ، أو يسافر إلى بلد
نفطي مثلاً شهر يسافر إلى بلد أبعد ، فهناك سفر معقول ضمن العمل ، لكن إذا
انقطعت الأخبار ، وطالت المدة ، وفي عرف هذه البلدة أنه لن يعود ، فلعلَّ هذا
الوقت هو الذي يعدُّ مبرراً لأن يتولى الولي الآخر أمر زواجها .




أحياناً الرق والصبي ، والمجنون والمختل ، والهرم ومن أصابه خبل ، هذه صفات
تخلع عن الولي حقه في الولاية ، عندئذٍ يعين الأبعد أو نائب السلطان .



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]






أحياناً يأتي خاطب ، فيتشاجر الأولياء على تفاوتهم ، فالأم تريد ، والأب لا
يريد ، الأب يريد ، والأم لا تريد ، والأخ يحلّف أيماناً معظمة إذا زوِّجت أخته
لهذا الشاب لقتلّه ، فرضاً ، إذا وقعت منازعةٌ بين الأولياء على تفاوت درجتهم ،
عندئذٍ السلطان أو من ينوب عنه يزوج هذه الفتاة .




وردَّ في حديث شريف رواه الترمذي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلّى اله
عليه وسلّم :




((
أَيُّمَا
امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ


، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ،
فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا
، فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لا وَلِيَّ لَهُ
)) .



إذا
كان الأولياء في التعددِّ سواء ، لها خمسة إخوة ، وأبوها متوفَّى ، فإذا قلت :
المتوفِّي غلط ، المتوفِّي هو الله جلَّ جلاله ، توفَّى ، يتوفَّى ، المتوفِّي
، الصواب متوفَّى ، الإنسان متوفَّى ، فإذا تعدد الأولياء وكانوا في مستوى واحد
، نأخذ برأي أفضلّهم أو أكبرهم سناً .




أحياناً يرفض الولي تزويج ابنته ، إما أن هذا الرفض معقول ، وإما أنه غير معقول
، فأحياناً تكون الفتاة مريضة مرضا عضالا ، ولحكمةٍ أرادها أبوها لم يعلِّمها
بهذا المرض ، والزواج لا يناسبها أبداً ، فإذا رفض التزويج ليس مضطراً أن يُنبئ
ابنته بالسبب إن رفعت أمرها إلى القاضي ، لأن القاضي الشرعي ولي من لا ولي له ،
القاضي عليه أن يستدعي الأب ليسأله عن سبب رفضه ، فإما أن يقنع القاضي فينضم
إلى الولي ، وإما أن لا يقنع فيزوجها القاضي .



روى
الإمام البخاري عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال :




((زَوَّجْتُ أُخْتًا لِي مِنْ رَجُلٍ فَطَلَّقَهَا

،
حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَاءَ يَخْطُبُهَا ، فَقُلْتُ
لَهُ زَوَّجْتُكَ
، وَفَرَشْتُكَ ، وَأَكْرَمْتُكَ ،
فَطَلَّقْتَهَا
، ثُمَّ جِئْتَ تَخْطُبُهَا ، لا وَاللَّهِ لا
تَعُودُ إِلَيْكَ أَبَدًا
، وَكَانَ رَجُلا لا بَأْسَ بِهِ ،
وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تُرِيدُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ
، فَأَنْزَلَ
اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ :


]

فَلا تَعْضُلُوهُنَّ


[


، فَقُلْتُ : الآنَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ،
قَالَ :
فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ
)) .




أحيانًا تأخذ الإنسانَ حميّةٌ ، يريد أن يؤدِّب هذا الرجل ، فيقول له : والله
لا أزوجك أبداً ، فمن الضحية ؟ الفتاة ، هذا اسمه عضل ، والعضل لا يجوز ، فإذا
كنت في خصومة مع شخص أو في مشكلّة أو قضية فالأولى أن تجمدها ، وأن تلتفت إلى
صالح الفتاة .



فقد
تنشأ مشكلّة في أثناء الخطوبة ، أو قبل عقد القران ، فيتألم الأب أحياناً ، أو
يتألم الأخ ، أو أن الأب يريد أن يؤدِّب هذا الخاطب ، أو أن يؤدب هذا الطالب ،
فيمنعه من الزواج من هذه الفتاة لا لشيء إلا ليأخذ بثأره ، أو ليثبت شخصيته قال
: هذا لا يجوز ، إذا كان الخاطب جيداً ، وكانت الفتاة ترضى به ، فالأولى أن
نجمِّد مشكلتنا مع هذا الخاطب ، وأن نحكِّم مصلحة الفتاة في هذا الموضوع ،
الآية الكريمة :



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


(
سورة البقرة : آية " 232 " )




الإمام الطبري ، يفسر هذه الآية فيقول : " والصواب من القول في هذه
الآية أن يقال : أن الله تعالى ذكره أنزلها دلالةً على تحريمه على أولياء
النساء ، مضارة من كان له أولياء من النساء ، يعضلهن عمن أردن النكاح من أزواجٍ
كانوا لهن ، فبن منهنَّ بما تبين به المرأة من زوجها من طلاقٍ أو فسخ نكاح " .



أي
بانت بينونة صغرى ، ثم جاء يخطبها مرةً ثانية ، أما البينونة الكبرى حتى تنكح
زوجاً غيره ، لكن لو أن إنسان طلَّق زوجته طلقة واحدة ، وانقضت عدتها ثلاثة
قروء ملكت نفسها ، بإمكانها أن ترفض ، وبإمكان وليها أن يرفض ، لأن عقد النكاح
لا ينعقد إلا بالولي ، فإذا طلَّقها تطليقةً واحدةً ، وبانت منه بينونة صغرى ،
ثم ندم على فعلته ، وجاء يخطبها مرةً ثانية ، ليس للولي الحق أن يعضل فتاته أو
ابنته ، عن أن تتزوج زوجها التي بانت منه قبل قليل .




بالمناسبة ، الإنسان إذا طلق زوجته تطليقة واحدة ، تبقى في بيته ثلاثة قروء ،
في هذه المدة بإمكانه أن يراجعها من دون عقد ، ولا مهر ، ولا ولي ، ولا أي شيء
، مراجعة قولية أو فعلية ، لو وضع يده على يدها فقد راجعها ، لو قال لها : لقد
راجعتك ، فقد رجعت إليه ، لكن حُسبت طلقة ، أما إذا انقضت عدتها ملكت نفسها ،
يمكن أن تعقد عليها عقداً جديداً ، وأن تعود إليه من دون أن تضطر أن تتزوج
رجلاً آخر ، هذه البينونة الصغرى .




يوجد عندنا حكم شرعي دقيق ، أن الولي إذا عضل أي رفض تزويج ابنته ، من زوجها
الذي طلَّقها وبانّت منه بينونة صغرى ، لا يزوج السلطان إلا بعد أن يأمره
بالرجوع عن العضل ، فإن أجاب فذاك ، وإن أصرَّ ، زوج عليه الحاكم والله أعلّم .




المفروض نائب السلطان القاضي الشرعي ، يرى في رأي الولي ، لعل هناك مشكلة لا
يعلّمها ، لعل هناك عقبة كؤود ، لعل هناك مفسدة كبيرة من عودتها إليه ، لا بدَّ
من التشاور .




عندنا حالة يؤسف لها كثيراً ، أنَّ ولي الفتاة ينتظر خاطباً غنياً ، فيعضل
ابنته لعلّة الغنى ، أي يتمنى خاطباً غنياً ، فكلّما جاء خاطبٌ فقير رفض ، هذا
عضل وبإمكان الفتاة التي يرفض أبوها تزويجها لهذه العلة أن ترفع أمرها إلى
القاضي .



شيء
آخر ، أحياناً يكون للفتاة دخل أو لها إرث كبير ، فيريد الأب أن تبقى في حوزته
حتى يتصرف في أملاكها ، يخشى أن يأتي زوج ، فيأخذها منه ، ويأخذ معها ما تملك ،
هذا أيضاً الدافع مادي ، وعندنا قاعدة أساسية ، إذا ابتغى الإنسان مرضاة الله
عزَّ وجل جاءته الدنيا وهي راغمة ، أما إذا أراد الدنيا ، خسر الدنيا والآخر .



لدي
كلمات أقرأُها لكم :



"
إذا رضيت الفتاة رجلاً ، وكان كُفئاً لها ، وجب على وليها ، كالأب أو الأخ أو
العم ، أن يزوجها به ، فإن عضلّها أي امتنع ، زوجها الولي الأبعد منه ، أو
الحاكم أو نائب الحاكم ، وأقصد به القاضي الشرعي ، بغير إذنه ، باتفاق العلماء
، فليس للولي أن يجبرها على نكاح من لا ترضاه ، وليس له أن يعضلها عن نكاح من
ترضاه ، إذا كان كفئاً في اتفاق الأمة ، وإنما يجبرها ، ويعضلها أهل الجاهلية
والظلمة ، الذين يزوجون نساءهم بمن يختارون لغرضٍ لا لمصلحة المرأة ، ويكرهونها
على ذلك ".




وأحياناً هناك نوع من الإكراه هو الإخجال ، أي كلام فيه استعطاف ، فيه إثارة
عاطفة البنوة نحو أبيها ، هذا الشيء كان بالحياء فهو حرام ، كان عليه الصلاة
والسلام إذا خطبت ابنته يعطيها ظهره ، ويقول :




((يا بنيتي ، إن فلانا قد ذكرك ، لك الخيار
))
.




[ورد في الأثر]




فقضية التزويج وهذه نصيحة إلى إخواننا الكرام ، أنت ترى أن هذا الإنسان جيد
جداً ، لكن لم يرق لابنتك ، فإذا رفضت ينبغي أن ترفض ، لك أن تقول لها : فلان
أخلاقه عالية ، لكن كما أنك مُكلّف أن تختار لها الأصلح ، هي مسموح لها أن
تختار من تعتزُّ به ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما ، جاءت امرأة لرسول الله
صلَّى الله عليه وسلَّم تطلب الطلاق من زوجها فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :



((

لَوْ رَاجَعْتِيهِ فَإِنَّهُ أَبُو وَلَدِكِ

،
قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ
، أَتَأْمُرُنِي ؟ قَالَ : إِنَّمَا
أَنَا شَفِيعٌ
،
قَالَتْ : فَلا حَاجَةَ لِي
فِيهِ
)) .




وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتِ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ :



((

يَا رَسُولَ اللَّهِ

،
ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ ،
وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الإِسْلامِ
، فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ
؟ قَالَتْ : نَعَمْ
،
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا
تَطْلِيقَةً
)) .




[البخاري]



هذه
هي المخالعة ، فالأب يجب أن يحترم رغبة ابنته ، قد تكره هذا النموذج ، قد تكره
هذا الشخص ، لا بدَّ من موافقة الولي ، وموافقة الفتاة معاً ، فبعض الصناديق
يكون لها مفتاحان ، لو ملكت مفتاحا واحدا لا يفتح ، لا بدَّ من استخدام
المفتاحين معاً .




الحقيقة أنّ هذا الموضوع واضح ، لحرص الإسلام على إحصان الفتيات ، وعلى تأسيس
الأسر الإسلامية ، النبي عليه الصلاة والسلام ، لا ينطق عن الهوى ، شرَّع لنا
أن الولي فإذا كان مفقوداً حقيقةً ، أو مفقوداً حكماً ، أو كان حجر عثرةٍ ،
تولى السلطان تزويج هذه الفتاة التي لا ولي لها أو لها وليٌ مفقود ، أو وليها
يعضلّها عن الزواج ، عندئذٍ يتولى الأبعد ، أو نائب السلطان ، وهو القاضي
الشرعي ، تزويج هذه الفتاة ، وأحياناً الإنسان يصل إلى الدرجة من الاعتداد
بالنفس ومن أجل أن ينفذ كلمته يضحي بمستقبل بناته .



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]






ننتقل إلى فصلٍ جديد في هذا الموضوع ، وهو إشاعة المحبة والوداد في الحياة
العائلية ، هناك تدابير ينبغي أن يفعلّها الإنسان قبل الزواج ، من أجل أن تشيع
المحبة بعد الزواج ، كيف أن الابن له حقٌ عليك قبل أن يلد ، ما حقه عليك ؟ أن
تحسن اختيار أمه ، هناك أساليب ينبغي أن تفعلها قبل الزواج ، من أجل أن تشيع
المحبة بينك وبين زوجتك بعد الزواج ، فمن هذه التدابير :



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]






استحباب النظر إلى المخطوبة ، الآن دققوا : فمن فضل الله علينا أنا لا أعتقد أن
في ألف ولي وليا واحدا لا يريد لابنته أفضل زوج ، في الأعمّ الأغلب في مجتمع
المؤمنين الولي عنده رحمة بالغة وحرص شديد على تزويج ابنته ، إلا الحالات
الشاذة ، لذلك القسم الأول من هذا الدرس يتعلَّق بفتاة ليس لها ولي حقيقةً ، أو
لها وليٌ غائبٌ ، فهو كالمفقود حكماً ، أو لها وليٌ يعاني من مشكلة فيعضلها ،
عندئذٍ هناك من يزوجها ، إما وليٌ آخر أو القاضي .



لكن
الآن دخلنا في صميم الموضوع ، هناك مشكلات ، تنشأ بين الزوجين أسبابها أنه لم
ينظر إليها ، أو أنه نظرَّ إليها ، ولكنه رجَّح مصلحةً غير مصلحة أنها في طموحه
، فإذا تزوج الإنسان فتاة دون طموحه بكثير ، ورضيها ، وأحسن إليها ، فلا يوجد
مانع ، فهي بطولة ، أما إذا قبلها بادئ الأمر ، ثم بالغ في إهانتها ، لأنها لم
تكن في طموحه ، فقد أجرم بحقها ، الفتاة عند أهلها معززةٌ مكرمةٌ ، وتعيش في
أجواء أخرى ، ثم دخلت أجواء الزواج وأجواء علاقتها بالرجال ، تعيش حياة طهر
واستقامة وصفاء ، لها أبٌ يحبها ، ولها أمٌ تعطف عليها فأنت قلت : " أنا
أختارها زوجة لي ، ولا يعنيني الجمال إطلاقاً "، فلا مانع من ذلك ، وهي بطولة
منك ، لكن حينما تأتي إليك فتنكد عيشها ، وتمتهن كرامتها ، لأنها ليست في طموحك
، هذه جريمةٌ بحقها ، لذلك إذا أردت أن تكون من عامة المؤمنين انظر إليها .




النبي عليه الصلاة والسلام من توجيهاته الكريمة في الحديث الصحيح الذي رواه
الإمام الترمذي عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه خطب امرأةً فقال النبي
عليه الصلاة والسلام :




((انْظُرْ إِلَيْهَا

،
فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا
)) .




ومعنى أن يؤدم بينكما ، أي أن تدوم المودة بينهما ، فأحد أسباب المودة بين
الزوجين ، أنه نظر إليها ، ولم يغرر بها ، ولم يدلس له عليها ورضيها ، وأعجبته
، وخطبها عن قناعةٍ ، وعن رغبةٍ ، وعن شوقٍ عندئذٍ لا يندم على الزواج منها ،
هذا مما يعين عن المودة فيما بين الزوجين .



بعض
العلماء قال : " معنى أن يؤدم بينكما ، يكون بينكما الألفة والمحبة ،
لأن الزواج منها كان بعد معرفةٍ ، فلا يكون بعدها ندامةٌ غالباً ".




أي
إذا نظرت ، وأعجبتك وكانت ضمن الطموح الذي تريده ، انتهى موضوع الندامة ،
وموضوع اللوم ، كأن تقول : " لولا أنت لما تزوجتها ، لولا أن أمي ضغطت علي لما
تزوجتها "، فهذه القضية قضية عمر مديد .



فمن
هذه الأمور التي أمر بها النبي عليه الصلاة والسلام : استحباب النظر إلى
المخطوبة ، واستحباب النظر إلى الخاطب ، ولهنَّ مثل الذي عليهنّ ، ووجوب
استشارة البنت وتأكيد استشارة الأم ، أربع أشياء ، أن تنظر إليها ، وأن تنظر
إليك ، وأن تستشار البنت في الزواج ، وأن تستشار أمها ، فإذا جاءت الموافقات
بالأربع ، في الأعم الأغلب ستكون المودة والمحبة بين الزوجين .



لكن
الحكم الشرعي هو الاستحباب لا الوجوب ، فهناك حالات كأن يتزوج الإنسان بنت
إنسان عظيم ، لعله ينال شرفاً رفيعاً بهذا الزواج ، لذلك لا يمكن أن يعلِّق
أهميةً على الأمور الثانية ، فهو إذا رفض النظر هذا تخلى عن حقه ، ولكن الزواج
صحيح ، فالتوجيه النبوي على سبيل الاستحباب ، لا على سبيل الوجوب ، لو أن الولي
لم يوافق فالزواج باطل ، ولو أن العقد بلا مهر فالزواج فاسد يصحح ، أما لو
الزواج تم ، ولم ينظر الخاطب إلى مخطوبته فالزواج صحيح ، لكن لن يتخلَّى عن حقٍ
له مشروع ، والأولى أن تمارس حقك الذي شرعه لك النبي عليه الصلاة والسلام .




وهناك حديث آخر عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :



((

إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ
يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ


)) .




( من سنن أبي داود : رقم " 1783 " )





المعنى واضح ، ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها ، أي أن تكون على الصفة الفلانية ،
هكذا طموحه ، فإذا نظرت إليها ، ورأيت فيها ما يدعوك إلى نكاحها ، هذا من
علامات التوفيق ، ومن العلامات المودة والرحمة بين الزوجين .




عَنْ أَبِي حُمَيْدَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ :



((

إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ
يَنْظُرَ إِلَيْهَا إِذَا كَانَ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا لِخِطْبَتِهِ

، وَإِنْ كَانَتْ لا تَعْلَمُ
)) .




( مسند أحمد )





عندنا حكم فرعي ، وحكم لطيف جداً ، أحياناً يأتي الخاطب الأول فلا يعود ، ويأتي
الخاطب الثاني فلا يعود ، والخاطب الثالث فلا يعود ، والأب حريص حرصاً بالغاً
على معنويات ابنته ، وعلى شأنها وعلى مكانتها ، قد تكون فتاة مؤمنة ، حافظة
لكتاب الله ، فهذه قلامة ظفرها تعدل عند الله ألف فتاة غير متدينة ، بل مليون ،
فإذا كان أول خاطب لم يعد ، والثاني لم يعد ، وخاف الأب على مشاعر ابنته أن
تجرح ، وعلى معنوياتها أن تهبط يحق للأب أن يسمح للخاطب الثالث أن يراها دون
أن تدري ، ومن الممكن ذلك ، وهنا الحكمة أن يراها دون أن تدري .



أما
إلى ماذا ينظر ؟ لقد شرح الإمام النووي رحمه الله تعالى هذا الحديث الشريف الذي
ورد فيه أمر النبي عليه الصلاة والسلام بالنظر إلى المخطوبة فقال : "
وفيه استحباب النظر إلى وجه من يريد تزوجها إلى الوجه ، وهو مذهبنا ، ومذهب
مالكٍ وأبي حنيفة وسائر الكوفيين وأحمد ، وجماهير العلماء أن ينظر إلى وجهها
وكفِّها ".




بعضهم علقَّ هذا التعليق : " يستدلُّ بالوجه على الجمال ، أو جلده ،
وبالكفين على خصوبة البدن أو عدمه " الوجه مجمع الجمال ، قال : " ولا يباح
النظر ، إلى ما لا يظهر عادةً ".



في
العادة هذه الفتاة في بيت أهلها ، هناك أشياء لا تظهر عادةً منها فلا يباح
النظر إلى مالا يظهر عادةً .



بعض
العلماء قال : " للخاطب أن ينظر إلى أكثر مما ذكر " ، ولكن
الإمام النووي يقول : نرى ألا ينظر إلى ما عدا الوجه والكفين ، وذلك لسببين :
أن الوجه مجمع المحاسن ، ويكفي في الإخبار عن حسن صاحب الوجه ، والكفان كما
يقول النووي ينبئان عن خصوبة الجسد وصلابته ، فلا ينبغي تجاوز الوجه والكفين
إلى غيرهما ".




ويرجِّح الإمام النووي أن ينظر الخاطب إلى الوجه والكفين فقط .



هنا
تعليق لطيف ، لو أراد هذا الخاطب أن يستزيد من صفات المرأة ، فله أن يرسل إحدى
قريباته فتعطيه الزائدة ، هذا من الممكن يرجح وهذا مباح ، يقول الإمام النووي :
" إذا لم يمكنه النظر ، استحب له أن يبعث امرأةً يثق بها ، تنظر إليه
وتخبره ".




وهناك نقطة مهمة جداً في الخطبة ، أحياناً يكلّف الإنسان امرأة ليست ثقة ، ليست
متديِّنة ، فلو كلَّفها أو لو كلَّف مثلاَ زوجة أخيه أن تخطب له ، هذه الزوجة
لا تسمح أن تأتي من تنافسها في الجمال ، فإذا أرسلَّها إلى فتاةٍ تحقق طموحه
فستعطيه صفات مخالفة ، فإذا أرسل الإنسان امرأة لكي تخطب له فينبغي أن تكون
ثقةً ، ورعةً ، لا تكذب ، لا تغير الصفات لا تبدِّل ، فأنا أعرف عشرات بل مئات
الفتيات ، اللاتي رفضن وهنّ في أعلى مستوى لغيرةٍ أصابت الخاطبة أو لحسدٍ ، أو
لمشكلةٍ ، أو لعداوةٍ ، أو لمنافسةٍ ، فالابن أو الأخ بسيط فإن قيل له :
الفتاة لا تناسبك ، فبهذا القضية انتهت ، أو أنها تعرج عرجةً خفيفة ، وقد تكون
غير ذلك ، فأحياناً هذه الخاطبة التي ليست ثقةً ربما شوَّهت الحقيقة .




الحقيقة أن الحياة تحتاج إلى ورع ، المؤمن الصادق يتعامل مع المؤمنين ،
وبالإيمان حد أدنى ، المؤمن لا يكذب ، يطبع المؤمن على الخلال كلِّها ، إلا
الكذب والخيانة ، أقول لكم هذا الكلام الدقيق : مؤمن يكذب ؟ يتكلّم كلامًا غير
صحيح ؟ يفتري ؟ يبالغ ؟ يطمس المعالم ويشوِّه ؟ هذا ليس مؤمناً ، يجب أن تنقل
الواقع بأمانة .




طبعاً في موضوع إرسال النساء للخطبة هذا ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام ،
بعث امرأةً تنظر إلى من خطبها النبي عليه الصلاة والسلام .




والأولى عندنا قاعدة في الحديث ، وهي أن الحديث المتواتر ، يستحيل الكذب فيه ،
فقد رواه الجمع الغفير عن الجمع الغفير يستحيل التواطؤ على الكذب ، فإذا كان
الإنسان حريصًا على أن يخطب هذه الفتاة ، وكان معه عنها معلومات جيدة جداً ،
فإذا أنبأته امرأةٌ ليس من صالحها أن تخطبها له بصفات مناقضة لما يعلَم ، له أن
يرسل امرأةً أخرى ، فإذا جاء التواتر موافقاً ، فيرسل امرأة ثالثة ، فإذا جاءت
الأوصاف متشابهة ، معناها كلهنَّ صادقات ، أما إذا كان هناك تناقض في الصفات ،
معنى ذلك أن إحداهن ليس لها مصلحة في هذا الزواج ، فكنْ عاقلاً ولا تكون ألعوبة
بيد الأخريات ، كنْ عاقلاً فلا تحكم إلا بعد التثبت والتحقق .



بقي
علينا في الدرس القادم إن شاء الله تعالى نظر المخطوبة إلى الخاطب ، واستشارة
الفتاة ، واستشارة أمها ، هذه من التصرفات التي تحقق المودة بين الزوجين .



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]






هناك أسئلة متعلّقة بهذا الموضوع لعلّها مهمةٌ ومفيدة :




السؤال الأول :




متى
يسمح للخاطب بالنظر إلى الفتاة ؟ قبل الخوض في التفاصيل الأخرى أم بعدها ؟




الجواب :




والله الأولى والأصوب ، والأكمل والشيء الشرعي أكثر ، أن ينظر إليها بعد أن
يتفق الفريقان على كلِّ شيء ، وتبقى الرؤية الحاسمة ، أما هناك أكثر من سبب
لعدم تحقق هذا الزواج ، فما الفائدة من النظر إليها ؟ فمثلاً أهل الفتاة لا
يزوجون خارج بلدهم ، والخاطب مقيم بدولة خليجية ، ويريد أن يراها ، فلا داعي أن
تراها ما دام إرسالها إلى هذا البلد مرفوض ، أو لا يزوجون إلا في بيت مستقل ،
والخاطب لا يوجد عنده بيت مستقل ، فلماذا تريد أن تراها ؟ أكثر الناس أول
المرحلة الرؤية ، فلا داعي لذلك ، فلك أنت ظروف ولهم شروط ، فإذا توافقت ظروفك
مع شروطهم ، اطلب أن تنظر إليها ، أما أن يكون التناقض بين ظروفك وبين شروطهم
فليس هناك حاجة أن تنظر إليها .




السؤال الثاني :





سألني أخ سؤالا : ما رأيك بتعدد الزوجات أسوةً برسول الله صلّى الله عليه وسلّم
؟




الجواب :



ألم
يعجبك منه غير التعدد اللهم صلِّ عليه ؟ التعدد مباح وليس واجباً ، والأصل ما
دام الله عزَّ وجل خلّق تقريباً النسبة بين الرجال والنساء خمسين بخمسين ،
فالأصل زوجة واحدة ، أما حينما تكون المرأةٌ عاقرًا ، هل الأولى أن
نطلقها ، وأن نلقيها في الطريق ، أم أن نسمح لهذا الزوج المحروم من الولد
بالزواج من ثانية ؟ نسمح له بالزواج من الثانية .




امرأةٌ مريضة

، الأولى أن نطلقها ، ونلقيها في الطريق ، أم أن نسمح لزوجها المحروم منها لعلة
مرضها أن يتزوج ثانية ؟ نقول له : تزوج ثانية .




رجلٌ له حالةٌ خاصة

، لا تكفيه امرأةٌ واحدة ، أنسمح له بالزنا أم بالخليلات ، أم بزوجة ثانية ؟
بزوجة ثانية .




عقب الحروب

، مليون قتيل في بعض الحروب التي وقعت بين بلدين إسلاميين ودامت ثماني سنوات
فقد فيها مليون قتيل ، فماذا نفعل ببقية النساء ؟ ندفعهن للانحراف ، أم نسمح
بالتعدد ؟ نسمح بالتعدد .




إذاً التعدد مباح وليس واجباً ، وتتضح إباحته جليًّا في هذه الظروف ، كامرأةٌ
لا تنجب ، أو امرأة مريضة ، أو امرأة لا تحصن زوجها ، ويخشى عليه أن يلتفت إلى
غيرها ، أو أن الرجل لا تكفيه امرأةٌ واحدة ، أو عقب الحروب والنكبات ، في هذه
ظروف إذا سمحنا بالتعدد في هذه الظروف ، لا بدَّ من العدل التام لا المطلق ،
فالمطلق يشمل ، ميل القلب :




عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ وَيَقُولُ :



((
اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ ، فَلا
تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلا أَمْلِكُ
)) .



أما
التام ، السكنى ، أي أن البيتين في مستوى واحد ، الإنفاق اليومي ، المبيت أو
الوقت ، فإذا كان هناك حاجة ، وكان هناك قدرة ، وكان هناك عدل تام ، فالتعدد
مباحاً وهو رأي الشرع .




السؤال الثالث :




إذا
خطب رجلٌ فتاةً ثم تزوجها ، وبعد الزواج اكتشف فيها عيباً لم يعرفه قبل الزواج
، فما هو رأي الشرع بذلك ؟ وهل من حق الخاطب أن ينظر إلى مفاتنها المخفية عن
الأنظار ؟




الجواب :




مثلما تكلمنا سابقاً له أن ينظر إلى الوجه والكفين ، وهناك رأيٍ ضعيف ، لم يجمع
عليه العلماء ، أن ينظر إلى أكثر من ذلك ، أي للشعر ، لكن أن ينظر إلى
ما ينبغي أن لا ينظر إليه ، لا يجوز هذا وهو خلاف الفطرة ، أما إذا اكتشف فيها
عيباً ، العلماء في كتب الفقه نصوا على العيوب التي تجيز للزوج أن يفسخ العقد ،
فليس كل عيب ، كأن يكون عندها ثلاث أسنان محشوة ، خير إن شاء الله ، فأنت لك
عشرة أسنان ، لديك محشوة ، فهناك عيوب لا تقدِّم ولا تؤخر ، وليس هناك إنسان
خالٍ من العيوب ، أو سليماً مئة بالمئة ، لكن هناك عيوب العلماء نصوا عليها
تمنع تحقيق مصلحة الزواج ، هذه تعالج في درسٍ قادم إن شاء الله .







والحمد لله رب العالمين








الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبد الله
عضو نشيط
عبد الله


الجنس : ذكر

عدد المساهمات عدد المساهمات : 112

تاريخ التسجيل : 03/07/2010

الموقع الموقع : https://m1970live.yoo7.com


الولاية في الزواج : أحكامها وآثارها – تدابير تمتين العلاقة الزوجية قبل الزواج Empty
مُساهمةموضوع: رد: الولاية في الزواج : أحكامها وآثارها – تدابير تمتين العلاقة الزوجية قبل الزواج   الولاية في الزواج : أحكامها وآثارها – تدابير تمتين العلاقة الزوجية قبل الزواج Clock11الجمعة أغسطس 06, 2010 5:11 pm


بسم الله الرحمن الرحيم







بسم
الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العلمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ،
الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم
، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علما ، وأرنا الحق حقاً
وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون
القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .




أيها الإخوة الكرام ، مع الدرس الخامس من دروس الزواج ، وقد ترون معي أن هذا
الموضوع من أهم الموضوعات التي ينبغي أن يعالج في هذا الوقت ، وقد وصلنا في
الدرس الماضي ، إلى نظر المخطوبة إلى الخاطب ، وتحدثنا أن هناك تصرفاتٍ يمكن أن
تمتِّن العلاقة الزوجية ، هناك تصرفاتٌ قبل الزواج ، تمتن هذه العلاقة ، وأخرى
بعد الزواج تمتن هذه العلاقة ، فأما التي قبل الزواج فنظر الخاطب إلى مخطوبته ،
وقد تحدثنا عن هذا في الدرس الماضي .



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]






وأما الإجراء الثاني أو التصرف الثاني ، نظر المخطوبة إلى الخاطب ، فيسن
للمرأة أن تنظر إلى الرجل إذا أرادت أن تتزوجه ، فإنه يعجبها منه ما يعجبه منها
، ولها أن تستوصف الرجل أي أن تسأل عن بعض صفاته ، هذا من حقها ، كما مر في بحث
أن الزوج له أن يستوصف زوجته .




يقول أحد العلماء يذكر قصةً وهي : " أن المغيرة بن شعبة وفتىً من العرب
خطبا امرأةً ، وكان الفتى جميلاً ، فأرسلت إليهما المرأة وقالت : لا بد من أن
أراكما ، وأن أسمع كلامكما ، فاحضرا إن شئتما ، فعلم المغيرة أنها تؤثر عليه
الفتى ، فقال للفتى : لقد أوتيت حسناً وجمالاً وبياناً ، فهل عندك سوى ذلك ،
قال : نعم ، فعدد عليه محاسنه ثم سكت ، فقال المغيرة : فكيف حسابك ، قال : لا
يسقط علي منه شيء ، وإني لأستدرك منه أقل من الخردلة ، فقال المغيرة : لكني أضع
البدرة في زاوية البيت ، فينفقها أهل بيتي على ما يريدون ، فما أعلم بنفادها
حتى يسألوني غيرها ، فقالت المرأة : والله لهذا الشيخ الذي لا يحاسبني ، أحب
إلي من الذي يحصي علي أدنى من الخردلة ، فتزوجت المغيرة " .




طبعاً هذه قصة ، لكن قد يؤخذ منها أن المرأة من حقها أن ترى الخاطب ، كما أنه
من حقه أن يرى مخطوبته ، ولها أن تستوصفه ، أي أن تطلب أوصافه ، كما له أن يطب
أوصافها ، فإنه يعجبها منه ما يعجبه منها ، وأصل هذا الكلام .



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


(
سورة البقرة : آية " 228 " )




إذاً المرأة مساويةٌ للرجل في هذا ، لكن هذه الرؤية سواء كانت من قِبل الفتاة
إلى خاطبها ، أو إن كانت من قِبل الخاطب إلى مخطوبته ، هذه الرؤية تتم مرةً أو
مرتين ، أما أن يفعل الخاطبان كما يفعلُ بعضهم من دون قيود ، ومن دون حدود ،
أشهر ، بضعة أشهر زيارات ، سهرات ، خروج خارج المنزل ، هذه إباحيةٌ لا يقبلها
الإسلام .



على
كلٍ ، إن كانت هذه الخطبة بهذه الطريقة التي لا يرضاها الإسلام ، آتت أكلها ،
فلنصغِ قليلاً إلى الإحصاءات :



إنّ
نسب الطلاق في ألمانيا خمسة وثلاثين بالمئة ، أي أن من كل مئة زواج خمسة
وثلاثين بالمئة من هذه الزيجات تنتهي إلى الطلاق ، ونسبة الطلاق في أمريكا
اثنان وستون بالمئة ، أي أن من كل مئة زواج اثنين وستين بالمئة من هذه الزيجات
تنتهي إلى الطلاق ، أما عندنا في سوريا فالقاضي الشرعي الأول يقول : ثلاثة
بالألف ، ففي ألمانيا خمسة وثلاثون ، واثنان وستون في أمريكا ، وثلاثة بالألف
في بلاد المسلمين ، هذا هو الشرع الحكيم .




شيءٌ آخر ، وهي دراسة لطيفة أسوقها لكم ، وزير الهاتف الفرنسي أصدر قرارًا
بالسماح لمن يطلب أن يراقب خطه الهاتفي ، وأن يعطى مَن المتكلِّم ، ويعطى
تسجيلاً للمكالمات الطويلة التي تتم في غيبته ، إلا أن رئيس الجمهورية جسكار
ديستان
ألغى هذا القرار حفاظاً على أسرار البيوت ، لأن نصف نساء فرنسا
يخُنَّ أزواجهن ، لذلك الجمعيات النسائية أثنت على قرار إيقاف هذا الإجراء الذي
يسمح للأزواج بطلب معرفة رقم هاتف من يتصل بزوجاتهن في غيبتهن ، لأن الخيانة
الزوجية في بعض الإحصاءات بلغتْ ثلاثين بالمئة ، وفي بعض الإحصاءات بلغت خمسين
بالمئة ، وهذه الأرقام كلها قديمة قبل عشر سنوات ، ويبدو الآن أنها تزيد على
السبعين أو الثمانين بالمئة ، فهذه الخطبة المطولة التي لا قيود فيها ولا فيها
حدود لم تؤتِ ثمارها ، بل بالعكس أدت إلى طلاقٍ مخيف ، وأدت إلى خياناتٍ زوجية
، فيما لو بقي الزوجان على عهدهما أو مع بعضهما بعضاً .



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]






الذي يلفت النظر في الشرع الحكيم أن البنت ينبغي أن تُستأمر ، فقد روى الإمام
مسلمٌ في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها ، أنها قالت :




سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجَارِيَةِ
يُنْكِحُهَا أَهْلُهَا أَتُسْتَأْمَرُ أَمْ لا ؟ فَقَالَ : لَهَا رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :




(( نَعَمْ تُسْتَأْمَرُ ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ : فَقُلْتُ لَهُ : فَإِنَّهَا
تَسْتَحْيِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
فَذَلِكَ إِذْنُهَا إِذَا هِيَ سَكَتَتْ

))
.



أي
أن سكوتها إذنها .



وقد
روى الإمام الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال عليه الصلاة والسلام :




((
لا تُنْكَحُ الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ ، وَلا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى
تُسْتَأْذَنَ ، وَإِذْنُهَا الصُّمُوتُ

))
.



لكن
هناك شيء يلفت النظر في المذهب الظاهري ، هذا المذهب يأخذ بظاهر النص ، يقول
أصحابه : " لو أنك استأمرت فتاةً في زواجها ، أي استأذنتها وقالت : أنا
أريد هذا الزوج وأنا أرحب به ، وأنا موافقٌ عليه ، فالزواج باطل ، لماذا ؟ لأن
أذنها صمتها ، وهي تكلَّمت )) .





وهذا من باب الطرفة ، فبعض المذاهب الظاهرية ترفض أن تتكلَّم الفتاة إذا
استُئْمِرت ، لأن إذنها صمتها ، والكلام أبلغ من الصمت .



وقد
روى الإمام الترمذي كما قلت قبل قليل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال عليه
الصلاة والسلام :




(( لا تُنْكَحُ الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ ، وَلا تُنْكَحُ الْبِكْرُ
حَتَّى تُسْتَأْذَنَ ، وَإِذْنُهَا الصُّمُوتُ

))
.




اختلف العلماء فيما إذا كان استئذانها مستحبٌ أو واجب ، إلا أن الأغلب والصحيح
أن استئمارها أو استئذانها واجب .




يقول بعض العلماء : " لا يجوز أن يحكم الأولياء فقط ، لأنهم لا يعرفون ما تعرف
المرأة من نفسها " .




الآن هناك موضوع آخر في سياق هذا الموضوع ، لا يجوز إجبار البنت على الزواج ،
فقد ثبت في الصحيح أنه قال :




(( لا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ ، وَلا تُنْكَحُ الْبِكْرُ
حَتَّى تُسْتَأْذَنَ ، قَالُوا : كَيْفَ إِذْنُهَا قَالَ : أَنْ تَسْكُتَ

)) .




( صحيح البخاري)



وفي
صحيح مسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ : ((


الأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا ، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي
نَفْسِهَا ، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا

))
.




الحكم إذاً : لا يجوز أن تجبر البكر على النكاح ، ولا أن تزوج إلا برضاها .




وكلكم أيها الإخوة الكرام ، لا شك أنكم حضرتم عقود قران ، وحضرتم جانباً من هذه
العقود ، كيف أن الموظف الموكَّل بكتابة العقد ، بعد أن يسمع الإجابة والقبول
من الزوج ومن والد الفتاة ، ينهض ليسمع بإذنه موافقة الفتاة من وراء الحجاب ،
هذا من شرعنا الحنيف .




يقول بعض العلماء : " تزويج الفتاة مع كراهتها للنكاح مخالفٌ للأصول والعقول ،
والله لم يسوِّغ لوليها أن يكرهها على بيعٍ أو إجارةٍ إلا بإذنها ، ولا على
طعامٍ أو شرابٍ إلا بإذنها ، فكيف يكرهها على مباضعة من تكره مباضعةً ومعاشرةً
، والله قد جعل بين الزوجين مودةً ورحمة ، فإذا كان هذا لا يحصل إلا مع بغضها
له ونُفورها منه ، فأية مودةٍ وأية رحمةٍ تكون بين الزوجين ؟! ".




إذاً أن يجبر الولي ابنته على الزواج من شخصٍ ما وهي رافضة ولا تريد ، هذا مما
نهى عنه الشرع الحنيف .



أما
من تزوجت بغير رضاها فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ
خِذَامٍ الْأَنْصَارِيَّةِ



((

أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا ، وَهْيَ ثَيِّبٌ ، فَكَرِهَتْ
ذَلِكَ ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ
نِكَاحَهُ

))
.




إذاً ردُّ النكاح إذا كانت ثيباً ، ولم تكن راضيةً به ، من الأحكام
الشرعية التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم .




وروى الإمام ابن ماجة عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ : جَاءَتْ فَتَاةٌ إِلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ :



((
إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بِي
خَسِيسَتَهُ ، قَالَ : فَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا فَقَالَتْ : قَدْ أَجَزْتُ
مَا صَنَعَ أَبِي ، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنْ لَيْسَ
إِلَى الْآبَاءِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ
)) .



إنه

ما لم توافق الفتاة فالزواج ليس مشروعاً ، لأنها هي الزوجة ،
وهي التي تعيش مع هذا الزوج طوال حياتها ، فإن لم تكن راضية ففي الأعم الأغلب
يكون الشقاق والخصام بين الزوجين .




الخلاصة ..ألاّ تزوج المرأة بكراً كانت أو ثيباً إلا بموافقتها ، ولو
تزوجت بالإجبار ، كان لها طلب فسخ النكاح .




فالذي يرِد في هذا الدرس من أحكام شرعية فيها أحكام خلافية ، هناك أحكام أُخرى
، فهناك أحكام تُجيز ، وهناك أحكام تمنع ، القصد أن نعرف عظمة هذا الشرع الحنيف
.



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]






وهناك تدبير آخر قبل الزواج ، مما يمتِّن العلاقة الزوجية ، هذا التدبير أن
تُستأمر ، أو أن تُستشار أُمّ الفتاة بزوج ابنتها ، الولي يوافق ، والفتاة
توافق ، وينبغي أن تُستأذن ، أو تُستشار أُم الفتاة بذلك ، لحديث عبد الله بن
عمر رضي الله عنهما قال : قال عليه الصلاة والسلام :




(( آمِرُوا النِّسَاءَ فِي بَنَاتِهِنَّ

))
.




( سنن أبي داود )




يقول بعض العلماء في شرح هذا الحديث ، وهذا الحكم : " يُستحب استئذان المرأة في
تزويج ابنتها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "آمِرُوا النِّسَاءَ فِي
بَنَاتِهِنَّ " ، ولأنها تشاركه في النظر لابنتها ، وتحصيل المصلحة لها لشفقتها
عليها ، وفي استئذان الأم تطييبٌ لقلبها ، وإرضاءٌ لها ، فتكون أولى ، وربما
كان من مزايا استشارة الأم في تزويج ابنتها ، أن البنت قد لا تفصح عما يدور في
صدرها من التردد والاضطراب إلا لأمها ، فاستشارة الأم إذاً هي الطريقة المفيدة
لمعرفة رأي البنت ، والله أعلم .




إذاً : استشارة الأم في تزويج ابنتها ، لأن الأم إن استشرتها طيَّبت قلبها ،
وإن استشرتها جعلتها شريكة حياتك ، وإن استشرتها فهي تشفق على ابنتها ، وتريد
لها الخير وإن استشرتها ، ربما باحت البنت لأمها ما لم تبح لأبيها ، فكأنك
إذا استشرت الأم ، عرفت رأي البنت الحقيقي في هذا الزواج ، إذاً : الأم تُستأذن
.



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]





ومن
تزوجت بغير رضاها ، ثيباً كانت أو بكراً فلها أن تفسخ عقد الزواج ، ولا يجوز
إجبار الفتاة على التزوج ممن لا تريد ، وإن رفضت فليست عاقةً لوالديها ، ولا
علاقة للعقوق بهذا الموضوع ، ويجب استئمار البنت ، كما قلت في أول الدرس ، لأن
البنت هي الزوجة ، وإذنها صبها ، وللبنت أن ترى خاطبها ، وهذا من حقها ، لقوله
تعالى :



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]




( سورة البقرة : آية " 228 " )




ولقد يُعجبها منه ما يُعجبه منها ، ولها أن تستوصفه ، أن تسأل عن بعض صفاته
الخاصة ، كل هذه التدابير ، ينبغي أن تتم قبل الزواج ، لأنها من شأنها أن
تمتِّن الزواج .




الحقيقة أن للإنسان أن يتزوج ، وله أن يطلق ، لكن البطولة أن تتزوج ، وأن لا
تطلق ، فكيف لا تطلق ؟ إذا اتبعت منهج الله في الزواج ، إذا اخترت الفتاة
المؤمنة ، لأنه من تزوج المرأة لجمالها أذله الله ، والمقصود بجمالها فقط ،
الجمال مطلوب ، أما لجمالها فقط أذله الله ، ومن تزوجه لمالها أفقره الله ، ومن
تزوجها لحسبها زاده الله دناءةً ، فعليك بذات الدين تربت يداك .




إذاً : أن ينظر الخاطب إلى مخطوبته ، وأن تنظر المخطوبة إلى خاطبها ، وأن
تُستأمر البنت ، في خاطبها ، وأن تُستأذن أُمها ، وألا تُكره على الزواج ممن لا
تحب ، وبيان حكم الشرع ، في من أُكرهت على الزواج ممن لا تحب ، هذه بعض
التدابير التي ينبغي أن تكون قبل الزواج ، من حيث أنها تمتِّن العلاقة بين
الزوجين ، وربما تعصم الزواج من أن ينفسخ بعد أمدٍ قريب .



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]






الآن ننتقل إلى موضوعٍ آخر ، وهو التدابير التي ينبغي أن تكون بعد الزواج
والتي من شأنها أن تمكن العلاقة بين الزوجين
، ولعلي أضع يدي على جراح
يعانيها كثيرٌ من الأزواج ، وهذا الكلام يجب أن يصل إلى الزوجات .



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]





من
التدابير التي تمتِّن العلاقة بين الزوجين أن تظهر المرأة أمام زوجها ، بمظهرٍ
لائق ، لأن المؤمن لا ينبغي أن يعرف غير زوجته إطلاقاً ، فإذا أهملت مظهرها
قوَّت في نفسه دافع التطلع إلى غيرها ، هي التي تقوي دافع التطلع إلى غيرها إذا
أهملت مظهرها ، والأخطر من ذلك أن تعتني بمظهرها في الحفلات النسائية ، وفي كل
المناسبات ، بينما الاعتناء بمظهرها ينبغي أن يكون في الدرجة الأولى لزوجها ،
لأن الزواج حِصنٌ للزوج .




عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ : بَيْنَا أَنَا أَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِي
اللَّه عَنْه فَقَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ :




(( مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ
وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ ،
فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ

))
.




[متفق عليه]



إنه
لا ينبغي أن يكون الزوج محروماً من أناقة زوجته ، ومن مظهرها الحسن ، هذا يعينه
على العفاف ، ويعينه على أن يقنع بها ، ويعينه على عدم التطلع إلى غيرها ، هذا
كلام وإليكم الأدلة :



إن
الإنسان أحياناً يعاني من مشكلة في البيت ، ويظل ساكتاً ، والزوجة بريئة ، ولا
تعلم ، أحياناً يكاد هذا الزواج ينفصل ، وينتهي بالطلاق ، هو ساكت ، وهي ساكتة
، هو لا يدري ماذا يقول لها ، وهي لا تعلم ماذا ينبغي أن يُقال لها ، فالجهل
أحياناً يكون سبباً لفصم هذه العلاقة الزوجية ، فلذلك الزوج المؤمن يوضِّح ،
ويبين ، ويذكر لزوجته ما قاله النبيّ عليه الصلاة والسلام ، وقد يقول الزوج :
أنا والله أستحي أن أقول لزوجتي : عليك أن تتزيني أمامي ، طيب يا أخي عليك أن
تُسمعها هذا الشريط ، هذا موضوع الدرس الماضي .



"
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ :



((
أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ ؟ قَالَ : الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ ،
وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ
،
وَلَا تُخَالِفُهُ
فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَهُ
)) .




(سنن النسائي )




تسره إذا نظر ، فهل غابت عنه صلَّى الله عليه وسلم أن يقول :

((
إليها

)) ؟ فالنبي حكمته في إلغاء كلمة ( إليها ) .





(( تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ

))

، إليها وإلى أشياء في البيت ، إذا نظر إليها تسره ، وإذا نظر إلى أولادها تسره
، وإذا نظر إلى غرفتها تسره ، وإذا نظر إلى غرفة الجلوس تسره ، وإذا نظر إلى
المطبخ تسره ، وإذا نظر إلى المائدة كلها صحون ، وعليها أكل من يومين ، خذ كل
تفضل ، لم يُسَرّ بهذا ، فالطعام يجب أن يكون في صحون جديدة ، والطعام جيد
وساخن ، تسره إذا نظر إلى المائدة ، وإلى غرفة النوم ، وإلى غرفة الاستقبال ،
وإلى غرفة الجلوس ، وإلى نظافة الجدران ، والبلور والنوافذ والستائر .





((


وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ

))

، لأن أكثر شيء يدعو إلى العجب في ساعة غضب يحلف الزوج يمين طلاق على زوجته ألا
تذهبي إلى بيت أختك ، سبحان الله ! لا يحلو للمرأة إلا أن تكسر يمينه بحماقة ،
فلا تحلو لها إلا أن تخرج من بيتها إلى بيت أختها وعندئذٍ تقع المشكلة ، وفي
حيص بيص كما يقولون ، ثم نقف على أبواب المشايخ نستفتيهم ، فشيخ يقول لك : طلقت
، يا بني أخرج ، وشيخٌ آخر يعطيك فتوى قد لا تطمئن إليها ، وقد كنت في غنىً عن
كل هذا ، لذلك المرأة الصالحة تسره إن نظر ، وتطيعه إن أمر ، وكذلك إذا أردت أن
تُطاع فأمر بما يستطاع ، فعدم حكمة الزوج أن يعطي أوامر غير معقولة ، لما
تحرمها من أمها ؟ هي عليها أن تطيع ، وأنت أيها الزوج الكريم عليك أن تعطي
أمراً معقولاً .



روى
الإمام البخاري رضي الله عنه عن جابرٍ قال :




(( كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ
، فَلَمَّا قَفَلْنَا تَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ قَطُوفٍ ، فَلَحِقَنِي رَاكِبٌ
مِنْ خَلْفِي ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَا يُعْجِلُكَ ؟ قُلْتُ : إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ
بِعُرْسٍ ، قَالَ : فَبِكْرًا تَزَوَّجْتَ أَمْ ثَيِّبًا ؟ قُلْتُ : بَلْ
ثَيِّبًا ، قَالَ : فَهَلا جَارِيَةً تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ ؟ قَالَ :
فَلَمَّا قَدِمْنَا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ فَقَالَ : أَمْهِلُوا حَتَّى
تَدْخُلُوا لَيْلا ، أَيْ عِشَاءً ، لِكَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ ،
وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ

))
.



أي
انتظروا حتى تتهيَّأ زوجاتكم لكم ، حيث إن المطلوب إذا كان الزوج مسافرًا أن
تتهيأ الزوجة كما ينبغي في أعلى درجة لتستقبل زوجها .




يقول الإمام النووي رضي الله عنه : " هذا الحديث الشريف الذي فيه هذا التوجيه
مما يمتِّن العلاقة بين الزوجين " ، هذا هو الحق ، لكن المشكلة أن كل الزينة ،
وكل العناية ، وكل الأناقة ، وكل الهندام الحسن ، لغير الزوج ، هذه من مشكلات
بيوت المسلمين ، أية امرأةٍ تهمل مظهرها أمام زوجها تقوي في نفس زوجها رغبة
النظر إلى غيرها ، فإذا نظر إلى غيرها فهي آثمة وربِّ الكعبة ، وجزءٌ من
عبادتها أن تحصِّن زوجها ، جزءٌ من عبادتها أن تجعل زوجها قانعاً بها .




وروى الإمام البخاري عن جابرٍ رضي الله عنه أيضاً قال : قال عليه الصلاة
والسلام :




(( إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمُ الْغَيْبَةَ فَلا يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلا


)) .




سأقرأ لكم ما جاء في فتح الباري في شرح أحاديث البخاري عن هذا الحديث ، يقول
عليه الصلاة والسلام :

((
إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمُ الْغَيْبَةَ فَلا يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلا


)) ، قال : "لأن طول الغيبة مظنة الأمن من القدوم ،
فيقع الذي يقدم بعد طول الغيبة غالباً على ما يكره " ، فإذا غاب الإنسان طويلاً
عن بيته ، ودخل فجأةً ، في الأعم الأغلب يقع على ما يكره ، "فقد يجد
أهله على غير أُهبةٍ من التنظُّف والتزين المطلوب من المرأة ، فيكون ذلك سبباً
في النفور منها
" .



وفي
الحديث أيضاً إشارةٌ أخرى إلى أن المرأة كما قلت قبل قليل ، عليها أن تكون
مستعدة لاستقبال زوجها دائماً ، أما إذا طالت غيبته فقد أمِنت أن يأتيها فجأةً
، أما إذا جاء فعليه ألا يأتيها فجأةً ، بل أن يعلمها قبل أن يأتي ، والنبي
الكريم كان يدخل المسجد ، ويصلي ، ويرسل لأهله خبراً أنه قَدِم ، والآن بالهاتف
، ونحن في المطار ، وبعد ساعتين نكون في البيت ، مثلاً .




وهناك قصة ، روى الإمام البخاري والإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت :



((
كانت امرأة عثمان بن مظعون رضي الله عنها تخضب وتطيِّب ـ أي تخضب شعرها
وتعطِّر نفسها ـ فتركته ـ أي أهملت شعرها وتطييب بدنها ـ

فدخلت علي ، فقلت لها متعجِّبةً : أشاهدٌ زوجك أم غائب ؟
)) .




النبي عليه الصلاة والسلام مشرع ، وأصحابه طبقوا منهجه ، فما فعله الصحابة
الكرام فعلوه تنفيذاً لأمر النبيّ


e

، وهذا دليلٌ على وجوب ما سأقوله لكم ، فقالت عائشة :

أشاهدٌ زوجك أم غائب ؟ قالت


: بل هو شاهد ، قالت : فما هذا

؟!!
لماذا أنت تهملين نفسك ، قالت : عثمان لا يريد الدنيا ، ولا يريد
النساء ، انصرف عنها إلى عبادته ، وإلى قيامه ، وصيامه
فأهملت نفسها ، والقصة لها تتمة ، النبي عليه الصلاة والسلام استدعى عثمان ،
وقال :



((
يا عثمان ، أليس لك بي أُسوة ؟ ألست قدوةُ لك ؟ أعطاه توجيهاً كي يهتم بزوجته
، وكي يجلس معها ، وكي يعطيها حقها ، لأنها محبوسةٌ له في الشرع ، بعد
حين جاءت امرأة عثمان ابن مضعون ، قالت عائشة : نضرةً عطرة ، فسألتها عن حالها
، فقالت : أصابنا ما أصاب الناس ، يعني أصبحت زوجة كبقية الزوجات ، رضي الله
عنهم .



إن
هذا كلام مهذب جداً ، تحتار أين درسوا ؟ يعبرون عن أدق المعاني بأجمل الألفاظ ،
يعبرون عن المعاني المحرجة بكلمات لطيفة جداً ، أصابنا ما أصاب الناس ، لماذا
أنت هكذا ؟ إن زوجي صوامٌ قوام ، قائم الليل ، صائم النهار .




يقول الإمام الشوكاني : " استنكار عائشة رضي الله عنها بترك زينتها
وزوجها شاهد حكمٌ شرعي "




السيدة عائشة زوج النبي عليه الصلاة والسلام استنكرت فعل امرأة عثمان بن مظعون
من إهمال نفسها وزوجها شاهد ، هذا حكم شرعي ، والمعنى أنه يجب على الزوجة أن
تعتني بهندامها ومظهرها لزوجها قبل كل شيء .




والله مرة سمعت من امرأةٍ قريبةٍ لي متقدمةٍ في السن ، قالت لي : " حرام
، حسب فهْمها ، أن ترتدي المرأة الثوب أول مرة لغير زوجها حرام " ، يعني
إذا اشترت ثوباً جديداً لا يجوز أن ترتدي الثوب أول مرةٍ إلا لزوجها ، والآن قد
لا يرى الزوج إطلاقاً الثوب الجديد .



بعد
الزواج ربما كان أحد أكبر ما يمتن العلاقة بين الزوجين ، ويديم المحبة والمودة
، أن تبدو الزوجة دائماً بالمظهر اللائق الحسن أمام زوجها ، من أجل أن تعينه
على غض بصره ، من أجل أن تعينه على تحصين نفسه ، من أجل ألا تقوي في نفسه
الرغبة في غيرها ، إذا فعلت المرأة هذا فهي عابدة لله .




والله قد تفهمون مني شيئاً لا أريده ، لكن والله إن المرأة التي تسهم في إعفاف
زوجها ، وفي إحصانه ، وتجعله يقنع بها وحدها ، عن طريق ما تبذل من عنايةٍ
فائقةٍ بمظهرها وهندامها ، ربما كانت وهي تفعل هذا في أعلى درجات عبوديتها لله
عزّ وجل ، لأنها تقوم بالمهمة التي أناطها الله بها ، طبعاً هي تصلي ،
وتصوم ، وتقوم الليل ، وتقرأ القرآن ، ولكن من دون أن يشغلها ذلك عن وظيفتها
الأساسية ، لأن الصحابيات الجليليات رضوان الله تعالى عليهن كانت
الواحدة منهن على أشد الشوق إلى قيام الليل ، وعلى أشد الشوق إلى الصلاة ، لا
تقوم إلى الصلاة إلا بعد أن تسأل زوجها : ألك بي حاجة ؟ فإن قال : لا ،
ذهبت إلى مصلاها ، هذه المرأة المؤمنة .



أما
هذه التي تبالغ في العبادة ، وزوجها يغلي غضباً ، وضجراً ، وتأففاً ، هذه لا
تعبد الله ، هذه تعبد الله على مزاجها ، لا وفق ما أراد الله عزّ وجل ، هذا
الحق ، فكلما طبقنا هذه الناحية صار الوئام ، والوفاق ، والمحبة والمودة .



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]






البند الثاني ، أو التدبير الثاني الذي يمتن العلاقة بين الزوجين بعد الزواج :
أن يهتم الرجل بمظهره أمام زوجته ، انطلاقاً من قوله تعالى :




[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


(
سورة البقرة )




فأنت ترى ، وهي لا ترى ؟ أنت تريد هنداماً حسناً ، ومظهراً أنيقاً ، ونظافةً
أنيقة ، وعطراً ، وهي ليس لها نظر ؟ ليس لها شم ؟ هي عمياء ، ولا تشم ؟ لا هي
مثلك ، لذلك قال ابن عباسٍ رضي الله عنهما : << إني لأحب أن أتزيَّن
للمرأة كما أحب أن تتزيَّن لي ، لأن الله تعالى يقول :



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]





هنا
حديث لطيف للإمام القرطبي ، فأحياناً كل سن له زينة ، وكل عمر من أعمار الرجال
له زينة تناسبه ، فإذا تجاهل أحد سنه ، وتزين بزينة لا تليق به أصبح مبعثًا
للضحك ، امرأةً كانت أو رجلاً ، المفروض أن تراعي الزوجة وضعها العام ، ويراعي
الزوج وضعه العام .




وبالمناسبة ، هذه المرأة التي قدَّمت لأبنتها وصيةً يوم زفافها ، قالت : "
يا بنيتي خذي عني عشر خصال تكن لكي زخراً وأجراً ، الصحبة بالقناعة ،
والمعاشرة بحسن السمع والطاعة ، والتفقُّد لموضع عينه ، والتعهُّد لموضع أنفه ،
فلا تقع عينه منك على قبيح ، ولا يشم منك إلا أطيب ريح ، والكحل أحسن الحُسْن
الموجود ، والماء أطيب الطيب المفقود " .



ثبت
أن للجلد البشري رائحةً عطرة ، فإذا لم يكن مع الجل ثمن عطور أبداً ، وكانت
غالية ، فقد يبلغ ثمنها خمسة آلاف ليرة ، أو ثلاثة آلاف ، فعندنا روائح رخيصة
نستعملها ، فإذا تنظف الإنسان ، وجلده له رائحةٌ عطرة ، والماء أطيب الطيب
المفقود ، والكحل أحسن الحسن الموجود ، هذه وصية امرأةٍ توصي بها ابنتها ليلة
زفافها ، قال :



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]







وعلى المرأة أن تجيب زوجها إذا دعاها ، فقد قال عليه الصلاة والسلام
فيما روى الإمام الترمذي ، قال : قال عليه الصلاة والسلام : :





(( إِذَا الرَّجُلُ دَعَا زَوْجَتَهُ لِحَاجَتِهِ فَلْتَأْتِهِ وَإِنْ كَانَتْ
عَلَى التَّنُّورِ

))
.



وقد
أكدت الشريعة الإسلامية أن عدم إجابة المرأة لطلب زوجها معصيةٌ كبيرةٌ موجبةٌ
لغضب الله تعالى ، ولعنة الملائكة ، ولا تقبل صلاتها حتى ترجع ، وذلك لأنها
تسدُّ على زوجها طريق الحلال ، وتدفعه إن كان ضعيف الإيمان إلى اختيار السبل
المحرمة ، فقد روى الإمام مسلمٌ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :



((
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى
فِرَاشِهَا فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ
ـ وهو
الله جلَّ جلاله ـ
سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى
عَنْهَا
)) .




وأما لعن الملائكة الزوجة بسبب عدم استجابتها فقد روى الإمام البخاري عن أبي
هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال :





(( إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ أَنْ تَجِيءَ
لَعَنَتْهَا الْمَلائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ

))
.



إذا
كان الزمنُ شتاء كان الليل طويلا ، وطول الليل تلعنها الملائكة ، وفي رواية
أخرى :




(( إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا
الْمَلائِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ

))
.




الشيء الذي يلفت النظر حديث جابر رضي الله عنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه
وسلم :




(( ثلاثةٌ لا تقبل لهم صلاةٌ ، ولا يصعد لهم إلى السماء حسنة ، العبد الآبق حتى
يرجع ، والسكران حتى يصحو ، والمرأة الساخط عليها زوجها حتى يرضى


)) .




[الجامع الصغير بسند فيه ضعف]



وهل
تصدقون أن المرأة إذا صلت خمسها ، وصامت شهرها ، وحفظت نفسها ، وأطاعت زوجها
دخلت جنة ربها ، نصف دينها أن تحفظ نفسها عن غير زوجها ، وأن ترضي زوجها ، معنى
ذلك أن نصف دينها زوجها ، بالضبط ، إذا صلت خمسها ، وصامت شهرها ، وحفظت نفسها
أي كانت عفيفة وورعة ، وأطاعت زوجها فيما يريد ، دخلت جنة ربها .



دين
الرجل فيه ألف بند ، أو خمسة آلاف ، أو مئة ألف بند ، ففي البيوع أربعمئة حالة
، فإذا كان الإنسان تاجرًا فعنده مزالق كثيرة جداً ، دين الرجل يحتاج إلى دقة
بالغة ، في كسب المال ، في إنفاق المال ، أما هي في البيت .



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]






عندنا حكم شرعي دقيق جداً ، هذا الحكم هو أنه : " لا يجوز للمرأة أن
تشتغل في العبادات بغير الفريضة ، مهملةً حق زوجها عليها ، فقد أمر النبيّ صلى
الله عليه وسلم ، ألا تطيل صلاتها النافلة ، إذا تضرر زوجها بها ".



قد
يحضر الزوج إلى بيته جائعًا وغضبان ، ويغلي من الداخل ، وهي تصلي صلاة النفل
عشرين ركعة ، فيخرج من جلده ، وتكرّهه في الصلاة ، والنبي صلى الله عليه وسلم
أمر ألا تصوم المرأة صوم النفل وزوجها شاهد ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
:



((
لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا
شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ


… )) .




[البخاري]



فقد
تحب أن تصوم بعض الأيام غير الواجبة ، أما إذا سافر زوجها وصامت فلا مانع ، أما
أن تصوم وزوجها شاهد فلا بد من إذن ، فهي تحتاج إلى إذنه ، وإلا تعتدي عليه
بهذا الصيام ، هكذا ورد عن النبي عليه صلى الله عليه وسلم .



روى
الإمام أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال :




(( جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَنَحْنُ عِنْدَهُ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ زَوْجِي صَفْوَانَ
بْنَ الْمُعَطَّلِ يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ ، وَيُفَطِّرُنِي إِذَا صُمْتُ
، وَلا يُصَلِّي صَلاةَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ، قَالَ :
وَصَفْوَانُ عِنْدَهُ ، قَالَ : فَسَأَلَهُ عَمَّا قَالَتْ ، فَقَالَ : يَا
رَسُولَ اللَّهِ ، أَمَّا قَوْلُهَا يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ ، فَإِنَّهَا
تَقْرَأُ بِسُورَتَيْنِ ، وَقَدْ نَهَيْتُهَا ، قَالَ : فَقَالَ : لَوْ كَانَتْ
سُورَةً وَاحِدَةً لَكَفَتِ النَّاسَ ، وَأَمَّا قَوْلُهَا : يُفَطِّرُنِي ،
فَإِنَّهَا تَنْطَلِقُ فَتَصُومُ ، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ فَلا أَصْبِرُ ،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ : لا
تَصُومُ امْرَأَةٌ إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا

...
)) .




أرأيتم إلى الشرع الحكيم ؟ من أجل أن يكون البيت جنة يتحمل الإنسان متاعب
كثيرةً في الحياة ، أما إذا كان في البيت منزعجًا فالقضية كبيرة جداً ، فقد
يتحمل كسب الرزق ، ويتحمل تعقيد الحياة ، ويتحمل مشقة العمل ، ويتحمل المنافسة
في كسب المال ، أما إذا جاء إلى البيت أيضاً في البيت انزعاج ونفور ومشاكسة
وإهمال ، عندئذٍ يغدو البيت جحيماً لا يطاق .



روى
الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ :




(( لا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ


)) .



أما
في شهر رمضان فمستحيل ، فالفرض لا تحتاج فيه إلى إذن ، وكذا صلاة الفرض لا
تحتاج لإذن ، ولا استئذان ، ولا لشيء ، فالحديث عن النفل فقط .




وأيضاً هناك حق للزوجة ، كما أن عليها ألا تتردد في تنفيذ طلبه وتلبية حاجته ،
ولو كانت على التنور ، هو عليه أن يقوم بوظيفته الزوجية ، أما أن يهملها ، أما
أن ينسى هذا الموضوع ، أما أن ينشغل بشيء آخر ، وهي محبوسةٌ له ، وهي لها حقٌ
عليه فلا يليق ، لذلك قال بعض المفسرين ، في قوله تعالى :



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


(
سورة النساء : آية " 129 " )



أي
لا فارغة فتتزوج ، ولا ذات زوج بالمعنى الحقيقي ، لا هي متزوجة كغيرها من
الزوجات ، ولا هي غير متزوجة فتتزوج ، فهذه المعلقة التي أهملها زوجها .




وهناك قصة تعرفونها فيما أذكر ، أن امرأةً جاءت عمر بن الخطاب رضي الله عنه
وقالت : <<يا أمير المؤمنين ، إن زوجي يصوم النهار ويقوم
الليل ، وأنا أكره أن أشكوه ، وهو يعمل بطاعة الله ـ ما هذا الأدب ؟ ـ فقال :
نِعْمَ الزوج زوجك ـ سيدنا عمر يظهر أنه كان مشغولاً ، فأجابها بهذا القول ،وجعلت تكرر عليه القول ، إن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل ، وأنا أكره أن
أشكوه ، لأنه في طاعة ربه ، فقال : نعم الزوج زوجك ، وقد كان عنده صحابي اسمه
كعب الأسدي ، قال : يا أمير المؤمنين ، هذه امرأةٌ تشكو زوجها ، وليست تثني
عليك ، أديبة كثير ، ومهذبة ، رقيقة تشكو زوجها ، إنها لا تثني عليه ،
وأنت تقول لها : بارك الله لك في زوجك ، هي تشكو زوجها ، فقال عمر : هكذا فهمت
من كلامها ؟ إذاً فاقضِ بينهما ، فقال كعبٌ : عليّ بزوجها ، فأوتي به فقال له :
إن امرأتك هذه تشكوك ، قال : أفي طعامٍ ؟ البراد مليء ، هي لا تريد البراد ،
تريدك أنت ، أفي طعامٍ ؟ أم في شرابٍ ؟ قال لا ، قالت :




ألهى خليلي عن فراشي مسجده زهَّده في مضجعي تعبده




فاقض القضا كعباً ولا تــردده نهاره وليله ما يــرقده




فلست في أمر النساء أحمده




فقال الزوج : أنا زهدني في فرشها وفي الحجل ، أني امرؤٌ أذهلني ما قد نزل .



فقد
دهش من القرآن الكريم ، يتلوه آناء الليل وأطراف النهار ، صلى فاتصل بالله عزَّ
وجل ، فأهمل زوجته .



وفي
سورة النحل وفي السبع الطول وفي كتاب الله تخويفٌ جلل




فقال كعب :



إن
لها عليك حقاً يا رجل نصيبها في أربعٍ لمن عقل



لو
أن عندك أربع نساء لها حق في يوم ، فأنت ليس عندك إلا واحدة ، يوم لها وثلاثة
لربك ، فكان حكم هذا القاضي كعب الأسدي أنه حكم لها أن يتفرَّغ لها يوماً في
الأربعة أيام ، كما لو كان زوجاً لأربعة نساء ، لها يوم ، سيدنا عمر رضي الله
عنه ، قال :



"
والله ما أدري من أي أمريك أعجب ؟ أمن فهمك أمرها ، أم في حكمك بينهما ، اذهب
فقد ولَّيتك قضاء البصرة " .




جعله قاضياً لفهمه الدقيق جداً ، ولحكمه الدقيق جداً ، فهم أنها تشكوه ، وأما
عذره فلم يقبله ، إذا كنت هائماً بربك ، لها عليك حق ، كما لو أنك على أربع
نسوة ، للواحدة عليك حق في يومٍ من هذه الأيام الأربعة .




أيها الإخوة الكرام ، إن شاء الله نتابع هذا الموضوع في الدرس القادم ، وأرجو
الله سبحانه وتعالى أن تترجم هذه الأحكام الشرعية إلى واقع ، والله الذي لا إله
إلا هو ، إن مما يرضي الله عزَّ وجل ، أن تكون بيوتات المسلمين جنة ، ولا تكون
بيوتات المسلمين جنة إلا إذا طبِّق فيها شرع الله عزَّ وجل ، ولا تنسوا هذه
الآية :



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


(
سورة الأنفال : آية " 33 " )




معنى :


]


وَأَنْتَ فِيهِمْ


[

، أي وسنتك مطبقةً في بيوتهم ، وسنتك مطبقةً في أعمالهم ، وفي تجارتهم ، وفي
وظائفهم ، وفي مداخلهم ، وفي مخارجهم ، وفي نزهاتهم ، وفي أفراحهم ، وفي
أتراحهم ، وفي حلهم ، وفي حضرهم ، وفي سفرهم .




فنحن في درسنا اليوم عندنا أربعة تدابير قبل الزواج تمتن العلاقة ، وأربع
تدابير بعد الزواج تمتن العلاقة ، والتي قبل الزواج :




أن تنظر إلى مخطوبتك

، فذلك أحرى أن يؤدم بينكما .







وأن تنظر هي إليه

، لها مثل الذي عليه ، أو عليها مثل الذي له .
[/font:5
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الولاية في الزواج : أحكامها وآثارها – تدابير تمتين العلاقة الزوجية قبل الزواج
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الزواج العرفي
» القواعد تحفظ الزواج
» للمتزوجات والمقبلات على الزواج فقط
»  الزواج علي طريقة دراكولا
» الزواج في الإسلام : حكمه – أهميته ، ودعوته إليه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات دنيا تكس :: قسم اسلاميات :: المكتبه الاسلاميه العامه و الفتاوى-
انتقل الى: