منتديات دنيا تكس
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة

يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك



شكرا

ادارة المنتدي دنـيا تـكس

منتديات دنيا تكس
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة

يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك



شكرا

ادارة المنتدي دنـيا تـكس

منتديات دنيا تكس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حديث احفظ الله يحفظك (3)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد بركات
المدير العام
المدير العام
محمد بركات


الجنس : ذكر

عدد المساهمات عدد المساهمات : 703

تاريخ التسجيل : 26/06/2010

العمر : 46

الموقع الموقع : https://m1970live.yoo7.com


حديث احفظ الله يحفظك (3) Empty
مُساهمةموضوع: حديث احفظ الله يحفظك (3)   حديث احفظ الله يحفظك (3) Clock11الثلاثاء أغسطس 03, 2010 11:03 pm

شرح الحديث الشريف : كتاب رياض الصالحين : حديث احفظ الله يحفظك (3) : " إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله" .


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الإخوة المؤمنون : حديثٌ من أصول ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ : ((يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ)) .
( رواه الترمذي وقَالَ هَذَا : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ)
قال عليه الصلاة والسلام : ((إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ)) .
السائل دائماً مفتقر وذليل ، السائل دائماً يشعر بالضعف ، والمسؤول دائماً قوي وغني ، ودائماً مسيطر ، عبوديتك لله عزَّ وجل تقتضي ألا تقف موقفاً ذليلاً إلا لله عزَّ وجل ، كرامتك الإنسانية ، عزتك كمؤمن ، مكانتك كإنسان أنعم الله عليك بنعمة الوجود ، ونعمة الهداية ألا تقف موقفاً ضعيفاًُ ، ذليلاً ، مفتقراً لجهةٍ ما كائنةً مَن كانت إلا لله عزَّ وجل ، فإذا وقفت الموقف الذليل لحضرة الله عزَّ وجل فهذا قمة العزة وقمة الشرف .
لذلك يعاب من يشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم ، حينما تسأل فأنت ضعيف ، حينما تسأل فأنت ذليل ، حينما تسأل فأنت فقير ، لا ينبغي أن تقف هذا الموقف الضعيف أمام مخلوقٍ مثلك ، لذلك : ((من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه)) .
( من زيادة الجامع الصغير : عن " ابن مسعود " )
أين كرامته ؟ أين عزته ؟ أين مروءته ؟ أين موقفه الشهم ؟ ضعف، لذلك مهما مرَّغت جبهتك في أعتاب الله ، مهما رجوت ربك في السجود، مهما ألححت عليه في الدعاء ، هذا شرفٌ لك ، وهذا عزٌ لك ، وهذا رفعةٌ لك ، أما أن تقف موقف السائل أمام إنسان قد يجيبك وربما لا يجيبك ، قد يشفق عليك وقد يشمت بك ، قد يحبك ويتمنى أن يعطيك ، ولكنه لا يملك .
فلذلك : ((وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ)) ، طبعاً هذا الكلام مستنبط من آية الفاتحة :

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ)) .
(الترمذي)
من أين جاء بهذا الكلام ؟ الله عزَّ وجل قال :

دققوا :

( سورة غافر : من آية " 60 " )
لم يقل : إن الذين يستكبرون عن دعائي ، بل عن عبادتي ، والدعاء عبادة ، بل إن الداعي يكون في لهفةٍ ، وضيقٍ ، وشدةٍ ، واستغاثةٍ ، فعندئذٍ تكون صلته بالله عزَّ وجل من أوثق الصلات ، لهذا قال عليه الصلاة والسلام : ((الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ)) .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((سَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ وَأَفْضَلُ الْعِبَادَةِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ)) .
(الترمذي)
فضل الله كبير ، وفضله عميم ، وفضله واسع ، أنت قد تسأل إنساناً وظيفة فيعتذر ، قد تسأل إنساناً مالاً فيقول لك : والله أديت زكاة مالي ، لا يوجد معي مال ، الإنسان محدود ، ماله محدود ، إمكانياته محدوة ، صدقته محدودة ، شواغره محدودة ، فإذا ملأ الشاغر انتهى ، لكن الله عزَّ وجل فضله عميم ، وفضله كبير ، وفضله واسع ، وأنت عبدٌ له ، وهذا الذي يسأله فيعطيه ، أنت أقل منه ؟ لا بأس أن تشعر أنك عبدٌ لله ، وأنك بإمكانك أن تسأله كما سأله غيرك ، وأن الله عزَّ وجل يعطيك كما يعطي غيرك ، وأنه ليس بين العباد تفاضل إلا طاعتهم له ، لذلك ..
ملك الملوك إذا وهب قم فاسـألن عن السبب
الله يعطي من يشـاء فقـف على حد الأدب
* * *
هذا الذي أتمناه على كل أخٍ مؤمن ؛ في سجوده ، في صلاته ، في صلاة الفرض ، في صلاة السنة ، في قيام الليل ، لك حاجة ، لك قضية ، شبح مصيبة ، إنسان عدو ، ضيق ذات اليد ، تتمنى أن تشتري هذا البيت ، تتمنى أن تصل إلى هذا الهدف ، ما دام لك عند الله حاجة فالله عزَّ وجل يحب أن تسأله ، لكن العبد يكره أن تسأله ، والله سبحانه وتعالى يحب أن تسأله، ويحبك إذا سألته ، وإذا أعطاك يعطيك عطاءً جزيلاً ، وهو العاطي لا يسأم، وهو الكريم لا يبخل ، وهو الحليم لا يعجز .
إذا آمنت بوجود الله إيماناً قوياً ، وبأنه يسمعك ، وبأنه يحبك، وبأنك عبدٌ له ، وأن فضله عميم ، وأنه قدير ، وأنه غني ، وأنه حليم ، اسأله ، لا أقل له : جرِّب ، لا ، فهذه كلمة لا تجوز ، لأن الله عزّ وجل لا يجرب ولا يشارط ، ولكن أقول لك : اسأله وانظر ، ولا تقل: أنا لا حظ لي ، هذا كلام الشيطان ، الله لا يحبني ، الله ما أعطاني ، أينما مشيت فالطريق مسدود ، هذا كلام المعسرين :

( سورة الحج : من آية " 15 " )
ليعمل عملاً صالحاً يرجو به الله عزَّ وجل :

كل معصية :

فتعامل مع الله مباشرةً ، اسأله ، فأنت عبد ومع هذا لا تتجاهل طلباً من عبد مثلك بل تلبي رغبته ، فكيف بالواحد الديَّان ، " إن بيوت الله في الأرض المساجد ، وإن زوارها هم عمارها ، فطوبى لعبدٍ تطيب في بيته ثم زارني وحق على المزور أن يكرم الزائر " .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((سَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ )) .
(رواه الترمذي )
الله يحب أن يُسأل ، إذا زارك صديق ترحب به ، وتكرمه ، وتقدم له ما تستطيع ، ولكن عندما يطلب منك خمسين ألفًا ، تجد نفسك قد تغير لون وجهك ، وتقول له : لا تؤاخذنا ليس عندي مثل هذا المبلغ ، أما الله عزَّ وجل فيحب أن يُسأل ، وعطاؤه لا ينتهي .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((سَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ )) .
(رواه الترمذي )
اسأله .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((مَنْ لَا يَسْأَلْهُ يَغْضَبْ عَلَيْهِ)) .
(أحمد)
هذه أبلغ .. ((مَنْ لَا يَسْأَلْهُ يَغْضَبْ عَلَيْهِ)) ، أنت حينما لا تسأل فلاناً ترى في أعماقك أنه ضعيف ، ليس بإمكانه أن يعطيك ، ولا أقول هذا الكلام إلا من باب الحفز ، فأنت حينما لا تسأل الله عزَّ وجل معنى ذلك أنك لا تعرفه ، لا تعرف أنه على كل شيءٍ قدير ، لا تعرف أنه يستمع إليك تماماً ، لا تعرف أنه يحب أن يجيبك ، حينما لا تسأله أنت لا تعرفه ، فإذا عرفته تسأله ، فمَن لا يسأل الله يغضب عليه .
حديثٌ آخر ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ كُلَّهَا حَتَّى يَسْأَلَ شِسْعَ نَعْلِهِ إِذَا انْقَطَعَ)) .
( من سنن الترمذي)
هل هناك أبلغ من ذلك ؟ فقد ورد في الأثر عن رسول الله : (( ليسأل الله أحدكم ملح عجينه وعلف دابته)) .
الحياة كلها متاعب وأزمات ، شاء الله أن نكون كذلك كي نقبل عليه ، كي نسأله ، كي نرجع إليه ، كي نفتقر إليه .
الآن ، مادام النبي عليه الصلاة والسلام وهو الصادق المصدوق الذي لا :

( سورة النجم )
يقول عليه الصلاة والسلام : ((إِذَا سَأَلْتَ فَاسَأَلِ اللهَ)) .
هناك معنى مخالف للحديث ، المعنى العكسي ، أي يجب ألا تسأل غير الله عزَّ وجل ، إذاً كأن في هذا الحديث نفيَ سؤال المخلوقين .
استمعوا هناك أحاديث صحيحة كثيرة جداً . فقد ورد في الأثر : ((قد بايع النبي صلى الله عليه وسلم جماعةٌ من أصحابه على ألا يسألوا الناس شيئاً)) .
سيدنا الصديق خليفة رسول الله ، يقع في قمة المجتمع الإسلامي ، بمرتبةٍ دينية ليس فوقها مرتبة ، ومرتبةٍ زمنية ليس فوقها مرتبة ، هو بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ورد في الأثر : ((ما طلعت شمسٌ على رجلٍ بعد نبيٍ أفضل من أبي بكر)) .
ومن حيث الزمن هو خليفة المسلمين ، يقع في قمة المجتمع ، في رأس الهرم ، زمام ناقته على الأرض ، وحوله أصحابه ، فنزل من على ناقته والتقط زمام ناقته ، وكره أن يسأل أصحابه أن يعطوه إياه .
فبايع النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه على ألا يسألوا الناس شيئاً ، منهم أبو بكر الصديق ، وأبو ذر الغفاري ، وثوبان ، وكان أحدهم يسقط السوط أو خطام ناقته فلا يسأل أحداً أن يناوله إياه ، هناك قصص عن الصحابة شيء لا يكاد يصدق .
سيدنا الصديق خليفة المسلمين ، وقد جيَّش النبي جيشاً جعل أسامة بن زيد حبه قائداً لهذا الجيش ، وكان عمرُه لا يزيد على سبعة عشر عاماً ، فركب أسامة ناقته ، وكان سيدنا الصديق يمشي على الأرض ، فتوقف أسامة أدباً ، وقال :
ـ يا خليفة رسول الله لتركبن أو لأنزلن .
ـ قال له : والله لا ركبت ولا نزلت ، وما علي أن تغبرَّ قدمايا ساعةً في سبيل الله ، أراد أن يبجله أمام جنوده .
هنا نقطة دقيقة جداً ، تجد إنساناً يشكو لإنسان بحرقة : أنا فقير ، وأنفقت راتبي من الأسبوع الأول من الشهر ، ليس معي منه شيء ، يقولها بكل حرقة وألم ، قال : جاء رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال : يا رسول الله إن بني فلان أغاروا علي فذهبوا بإبني وبإبلي ، فقد ورد في الأثر عن النبي عليه الصلاة والسلام : (( إن آل محمد كذا وكذا أهل بيتٍ ما لهم مدٌ من طعامٍ أو صاع فاسأل الله عزَّ وجل)) .
يعني أنا وجماعتي فقراء ، فحينما توجهت إلى النبي وقلت : يا رسول الله إن بني فلان قد أخذوا مالي وإبلي ، قال له : ((إن آل محمد لا يملكون مداً ولا طعاماً فاسأل الله عزَّ وجل)) ، فرجع إلى امرأته فقالت : ما قال لك ؟ فأخبرها ، فقالت : نعم ، نِعْم ما رد عليك ، فما لبث أن رد الله عليه ابنه وإبله أوفر ما كانت ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فصعد المنبر ، وأثنى عليه ، وأمر الناس بمسألة الله عزَّ وجل ، والرغبة إليه ، وقرأ قوله تعالى :

( سورة الطلاق )
حدثني أخ كريم من الدعاة إلى الله عزَّ وجل ، كان في حديقة الجامعة ، فالتقى به طالب من كلية التجارة قال له : يا أستاذ ، أنا شاب في ريعان الشباب ، وتاقت نفسي إلى الزواج ، وأخاف أن أعصي الله عزَّ وجل ، وليس لي ما أتزوج به ، فما العمل ؟ قال هذا الداعية : هذا الكلام لا تقله لي ، بل قله لله في صلاتك ، أنا ضعيف ، فيأتيه بعد أشهر أن هذا الشاب رزقه الله زوجةً ، وبيتاً ، بشكل عجيب ، فروعة الدين أن الإنسان له رب سميع ، مجيب :

( سورة مريم )
بلا صياح ، بلا صخب ، بلا ضجيج ، أحياناً تكون أنت في موقف لا تستطيع أن تحرك شفتيك ، بإمكانك أن تدعو ربك بقلبك ، في مواقف صعبة لا تستطيع التمتمة ، فحينما تدعو ربك بقلبك تقول : يا رب أنقذني ، يا رب ليس لي إلا أنت ، أنت رب المستضعفين إلى مَن تكلني ؟ إلى عدوٍ يتجهمني ؟ أم إلى صديقٍ وكلته أمري ؟ فهذا الدعاء يعني أنك تعرف الله عزَّ وجل ، علامة معرفتك بالله دعاؤك .
الحياة كلها متاعب ، كلها أزمات ، كلها هموم ، والله جعلها كذلك ، أراد الله عزّ وجل أن يجعلها كذلك كي نقبل عليه، كي نتجه إليه ، كي نفتقر إليه ، كي نستعيذ به ، لأن الإنسان بصراحة ، عندما يبعث الله له كل مطالبه تجد همته ضعفت ، على الرخاء يرتخي ، على الرخاء يصير دعاؤه شكلياً ، صلاته شكلية ، فربنا عزَّ وجل يحب أن يسمع صوت عبده اللهفان ، الذي يركض إليه ركضاً ، إن لم تأته ركضاً جاء بك ركضاً ، فالبطولة أن تأتيه وحدك لا أن تؤتى مقيداً إليه ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فِي السَّلَاسِلِ)) .
(البخاري)
ثبت في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ أَوْ ثُلُثَاهُ يَنْزِلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ)) .
(متفق عليه)
بل هناك حديث قدسي آخر : ((مَن ذا الذي دعاني فلم أجبه ؟ من ذا الذي سألني فلم أعطه ؟ من ذا الذي استغفرني فلم أغفر له وأنا أرحم الراحمين ؟ )) .
ما من عبدٍ سألني إلا أعطيته ، دعاني إلا أجبته ، استغفرني إلا غفرت له .
الطالب بدراسته : يا رب وفقني ، يا رب تلهمني الإجابة الصحيحة ، التاجر في محله: يا رب ربح تجارتي ، فالبضاعة كاسدة ، منظر مزعج للتاجر ، المستودع المليء ، لا بيع ولا شراء ، لذلك عندما تكلم الله على التجارة قال :

( سورة التوبة : من آية " 24 " )
فأصعب شيء بالتجارة كساد البضاعة .
((من ذا الذي دعاني فلم أجبه ؟ من ذا الذي سألني فلم أعطه ؟ من ذا الذي استغفرني فلم أغفر له وأنا أرحم الراحمين ؟)) .
لذلك : ((ما من مخلوقٍ يعتصم بمخلوقٍ دوني أعرف ذلك من نيته إلا جعلت الأرض هوياً تحت قدميه ، وقطعت أسباب السماء بين يديه ، ما من مخلوقٍ يعتصم بي من دون خلقي أعرف ذلك من نيته فتكيده أهل السماوات والأرض إلا جعلت له من بين ذلك مخرجا)).
والحياة الدنيا مليئةٌ بقصصٍ تؤكد هذه الحقيقة ، اعتصم بالله وأخلص نيتك لله عزَّ وجل ولا تخشَ أحداً ، كل مَن تراه عينك بيد الله عزَّ وجل..

( سورة هود )
كان الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه يدعو ربه فيقول : " اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك ، فصنه عن المسألة لغيرك ، ولا يقدر على كشف الضر وجلب النفع سواك " .
والآية الكريمة :

( سورة الأنعام : من آية " 17 " )
قال بعضهم : إن الله جل وعلا يحب أن يُسأل ، وُيْرَغب إليه في الحوائج ، ويلح في سؤاله ودعائه ، ويغضب على من لا يسأله ، ويستدعي من عباده سؤاله وهو قادرٌ على إعطاء خلقه كلهم سؤلهم من غير أن ينقص من ملكه شيء .
((...يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ...)) .
( مسلم عن أبي ذر)
هذه : ((إذا سألت فاسأل الله ...)) إذا سألت الله فأنت تعرفه ، وإذا سألت غيره فأنت قد أشركت به ، عدم سؤالك لله جهلٌ وشرك ، وسؤالك إياه معرفةٌ وتوحيد ، والسؤال فيه ذل ، فيه موقف ضعيف ، والمسؤول دائماً قوي وعزيز ، فأنت كعبد لله عزَّ وجل لا يجوز أن تقف موقفاً ضعيفاً ذليلاً أمام مخلوقٍ من العالمين .
السيدة عائشة رضي الله عنها لها موقف عجيب ، حينما أنزل الله براءتها فقال لها أبوها: قومي إلى رسول الله واشكريه ، قالت : واللهِ لا أقوم إليه لا أقوم إلا لله عزَّ وجل ، هو الذي برأني ، فالنبي تبسم ولم ينزعج لأنها عرفت الحق لأهله ، أن الله برأها والنبي الكريم احتار، بقي شهراً في حيرة ماذا يفعل ؟ لا تنسوا قول سيدنا إبراهيم في القرآن الكريم :

( سورة الشعراء )
خلق ، وهدى ، ورزق ، وشفى ، وأحيا ، وأمات ، وغفر . الله سبحانه وتعالى تفرَّد بالخلق ، والهداية ، والرزق ، والشفاء ، والإحياء ، والإماتة ، والمغفرة ، فيجب أن تفرده بالسؤال ، والطاعة ، والحب ، والإخلاص ، والتفويض ، والاستسلام ، والتوكل ، ما دام هو وحده يخلق ، ويهدي ، ويرزق ، ويشفي ، ويحيي ، ويميت ، ويغفر ، إذاً يجب أن تسأله وحده، وأن تحبه وحده ، وأن تخلص له وحده .
((إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ...)) .
الإنسان عاجزٌ قطعاً عن الاستقلال عن الله عزَّ وجل بجلب منافعه ودفع مضاره في الدنيا والآخرة ، أي غلطة في جسمك تجعل الحياة جحيماً ، إذا زاد الكولسترول في الشرايين قليلاً ، وصل للشريان التاجي ، وضاقت لمعة الشريان ، على الجهد تشعر بوجع في الصدر ، فتحتاج لعملية تكلفتها مليون ليرة ، وقسطرة ، وإدخال مواد ظليلة ، وترى أين التضيق ، وبعد التضيق ننشر الصدر ونفتحه ، ونوقف القلب ، ونوصله بقلب صناعي ، ونفتح القلب .
غلطة بالكليتين تجعل الحياة جحيماً ، أخ كريم قبل أن يتوفاه الله أصيب بمرض توقف الكليتين عن العمل ، فزار المستشفى أثناء الغسيل قالت له الممرضة بقسوة : لا تشرب ماء كثيراً الجهاز معطَّل ، شرب الماء نعمة ، ما دامت الكليتان تعملان بانتظام .
عضلاتك ، أعصابك ، البنكرياس لو تعطل تصاب بمرض السكري ، الغدة النخامية لها عمل ، الغدة الدرقية لها عمل ، الكظر له عمل ، هو مركز توازن السوائل ، فأنت فقير إلى الله ، فقير بجسمك ، فقير بعضلاتك ، بأعصابك ، بقلبك ، برئتيك ، بمعدتك ، بأمعائك ، آلاف الأمراض ، ملايين الأمراض ، أنت تسمع أن كل مرض له اسم خاص ، وأعراض خاصة ، وأدوية خاصة ، وعلاج خاص .
كذلك مرض أهلك في البيت ، يجعل البيت جحيماً ، أنت تعيش بفضل الله عزَّ وجل .
فلذلك إذا استعنت فاستعن بالله ، أنت فقير ، فقير بكل شيء ، نقطة دم صغيرة في أي مكان تجمدت تودي إلى الموت ، يقطع عضو من جسدك بسبب مرض السكر فهل بيدك الأمر أنت ؟ نرجو الله سبحانه وتعالى أن يعافينا من كل داءٍ عُضال ، لكن الإنسان إذا كان في طاعة الله ، جوارحه ملتزمة ، دخله حلال ، عمله طيب ، إخلاصه عالٍ ، استقامته جيدة ، طلبه للعلم شديد ، فالله عزَّ وجل يحفظه ، ويطمئنه كذلك لا أن يحفظه فقط ..

( سورة الأنعام )
إذا ظننت ثانية واحدة أن هذا الشاب المستقيم الذي عرف الله عزَّ وجل ، والذي غض بصره عن محارم الله ، والذي ضبط لسانه عن الغيبة والنميمة ، والذي حرر دخله من الشبهات ، والذي أنفق ماله في طاعة الله ، والذي كان محسناً لخلق الله ، رحيماً بهم ، إذا ظننت لثانية واحدة أن الله عزَّ وجل سيضيعه أو يهينه ، فأنت لا تعرف الله ، ستجد الله يلهمه العمل الصحيح ، والعمل الشريف ، والزوجة الوفية الطاهرة ، ويهيّئ له الجو المريح :


( سورة النحل : من آية " 97 " )
أنت تعامل خالق الكون ، تعامل رب العالمين ، أنت ترجو الله ، ترجو رضوانه ، وهو يسعدك ، ويسلِّمك ، ويحفظك ، وينصرك ، ويؤيدك ، ويريك آياته .
أقول لكم هذه الكلمة : الإنسان حينما يستقيم على أمر الله ، وحينما يعمل الصالحات ، ماذا يعمل ؟ يخطب ود الله عزَّ وجل ، إذا ابن أحب أن يخطب ود والده ، لبى له حاجاته ، وقدم له بعض الهدايا ، وعاونه ، لا تجد الأب إلا وقد مال للإبن ، وبادر الأب بشكل غير شعوري ليقوم بعمل أو بعطاء ، يعطيه لابنه ربما يكون مبلغ من المال يتقرب به ، فهكذا طبيعة الحياة .
فلما يبادر الإنسان إلى طاعة الله ماذا يفعل ؟ إنه يخطب ود الله عزَّ وجل، وربنا عزَّ وجل يبادله حباً بحب ووداً بود ؛ يرزقه من حيث لا يحتسب ، أنقذ له ابنه من مرض ، جعل زوجته تعظمه ، يلقي عليه ثوب الهيبة ، تجد له قيمة عند أهل بيته .
كنت مرة في الحج ، رأينا صديقاً يريد أن يطلق زوجته ، ما السبب ؟ قال لي : وأنا جالس أتفرج على برنامج في التلفاز ، ركلتني برجلها أن أغير القناة ، أي هيبة هذه ؟ الشهواني ينزع الله هيبته من زوجته ، لا قيمة له ببيته ، يخاطب باسمه ، وبقسوة ، وتكيل له الصاع صاعين ، فلذلك حينما يطلب الإنسان ود الله عزَّ وجل ، وحينما يطيعه ، تجد الله عزَّ وجل يتولاه بالرعاية ، والعناية، والتوفيق ، والتأييد ، والنصر ، وهذا معنى قول الله عزَّ وجل:

( سورة البقرة )
هذه معية خاصة .
العبد محتاجٌ إلى الله في فعل المأمورات ، وترك المحظورات ، والصبر على المقدورات ، أنت محتاج ، سيدنا يوسف قال له :

( سورة يوسف : من آية " 33 " )
تقول : أخي أنا مؤمن مستقيم ، أنا أغض بصري ، هذا كلام فيه شرك، قل ربي احفظني ، هكذا النبي علمنا ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ : بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا ، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ )) .
(متفق عليه)
فإذا أنت خرجت من بيتك قل : يا رب احفظني ، فدائماً الإنسان في فعل المأمورات ، وترك المحظورات ، والصبر على المقدورات أنت بحاجة إلى أن تستعين بالله عزَّ وجل .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلا تَعْجَزْ )) .
) مسلم ، ابن ماجة ، أحمد )
دائماً في عندنا موقف دقيق جداً ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ لَمَّا أَدْبَرَ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)) .
(أبو داود ، وأحمد)
حديث خطير جداً ، مهمتك كمؤمن أن تشمر ، وأن تقول : يا رب أعني ، اطلب ، لا تستسلم ، لا تنهزم ، لا تضعف وتقول : ما بيدي ، لا ، بيدك ، الله يعينك ، وما أكثر الإخوة الأكارم الذين استعانوا بالله فأعانهم ، ابنك اعمل له برنامج ، اجلس معه كل أسبوع جلسة ، اجعله يراقبك بكل حركاتك مثلاً ، على الفور ييأس ، هذا اليأس من علامة القنوط من رحمة الله عزَّ وجل ، زوجة لا يمكن اصلاحها ، لماذا ؟ كلام فيه تألّي على الله عزَّ وجل ، الله قال:

( سورة الأنبياء : من آية " 90 " )
تعال من باب البر ، والإحسان ، واللطف ، أكرمها ، أقنعها ، غض البصر عن بعض أغلاطها ، تجدها بعد شهر قد تغيرت ، سيدنا معاوية جاءته رسالة من أحد المواطنين اسمه عبد الله بن الزبير ، فقال له :
ـ أما بعد فيا معاوية ـ هكذا مباشرةً وهو خليفة المسلمين ـ أما بعد إن جنودك قد دخلوا أرضي فانههم عن ذلك ، وإلا كان لي ولك شأنٌ والسلام .
قال ابنه يزيد :
ـ ماذا نفعل ؟
ـ قال له : أرى أن ترسل له جيشاً أوله عنده وآخره عندك يأتوك برأسه ، هذا تجاوز، تطاول ، سيدنا معاوية كان حكيماً ، قال :
ـ غير ذلك أفضل . أمسك وقال اكتب للكاتب : أما بعد فقد وقفت على كتابِ ولد حواري رسول الله ـ هو ابن الزبير ـ ولقد ساءني ما ساءه ، والدنيا كلها هينةٌ جنب رضاه، لقد نزلت له عن الأرض ومَن فيها .
ـ يأتي الجواب : أما بعد فيا أمير المؤمنين ، أول كتاب : فيا معاوية ، الثاني : فيا أمير المؤمنين أطال الله بقاءك ، ولا أعدمك الرأي الذي أحلك من قومك هذا المحل ، قال له : يا بني تعال هنا تريد أن تبعث له جيشاً أوله عنده وآخره عندي نأتي برأسه ، قال له : اقرأ ، يا بني ، من عفا ساد ، ومن حلم عظم ، ومن تجاوز استمال إليه القلوب .
فكلمة لا أقدر ، زوجتي لا تنصلح ، ابني ما منه خواص ما فيه خير ، هذه الشغلة ما منها خواص ، حسِّنها ابحث عن الغلط فيها ، ما في بيع ، تأتي ببضاعة قديمةغير مطلوبة في السوق وتريد أن تبيعها بسعر غال ، طبعاً لا أحد سيشتريها ، نزِّل سعرها ، وبعها برأسمالها أو أقل من رأسمالها ، وأت ببضاعة مستواها أرقى لكن أبْيَعْ ، فوراً ييأس بالعمل ، بالتجارة ، بالوظيفة ، بالزواج ، مع أولاده ، هذا اليأس السريع دليل الجهل ..((استعن بالله ولا تعجز)).
الحديث : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ )) .
(أحمد ، أبو داود )
على الفور انهارت أعصابك؟ على الفور استخزيت ؟ على الفور هربت انسحبت ؟ بعدما دوكرت المحل كتبت عليه برسم التسليم ، أخي طول بالك تحتاج لسنة أقل الدرجات ليعرف الناس محلك ، تجد أشخاص يائس دائماً ، قانط دائماً .
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
((إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )) .
(أحمد ، أبو داود )
دبر ، فكر أين الأخطاء ؟ أين الثغرات ؟ فكر فلان مَن يعرفه ؟ أرسلْ له استدعاء ، والله قال لي رجل : إِن في عمله التجاري عقبة كبيرة جداً ، وعمله بمواد غذائية ، والطريق مسدود ولم يسمحوا له ، فكتب كتاباً واشتكى ، ثاني يوم أجابوه ، قال لي : كتبت كتاباً ، وقدمت شكوى ، ومعي مبرر قوي ، ثاني يوم جاء الجواب بالموافقة ، تحرَّك ..
((وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ)) .
إذا كان ربنا عزَّ وجل له إرادة أن هذا الشيء لا يناسبك صرفه عنك ، قال : ((فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ)) .
بعدما سعيت ، وقابلت ، واتصلت ، ووسَّطت ، وبينت ، ووضحت، وأخذت بكل الأسباب ، وما صار معك شيء الآن: ((فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)) .
هذا الموقف الدقيق ، أولاً أسعى ، العجز ألام عليه ، والسعي مطلوب، وحينما أغلب أقول : حسبي الله ونعم الوكيل ، إذاً هذه مشيئة الله عزَّ وجل .
أعرف أسرة ابنها دراسته وسط ، وأقل من الوسط ، هناك تصميم ليكون طبيبا ، أنا ما رأيت أسرة عندها إلحاح مثل هذه الأسرة ، أول سنة رسب ، الثانية رسب ، الثالثة أخذ البكالوريا ، خمس سنوات في الطب قعدهم أمضاها ثمانية أعوام كاملة ، وبعدها صار طبيبا ، فتح عيادة ، والآن الدكتور فلان ، أعجبني في هذه الأسرة إلحاحها ، لم ييأسوا ، أحياناً أسرة ابنها من أول سنة رسب أخي هذا ليس أهلَ دراسة ، يرسب إنسان سنة يصير عبقريا ، أديسون كان ضعيف بالفيزياء ، وأنشتاين أكبر عالم رياضيات طردوه من المدرسة لضعفه في الرياضيات ، وعميد الأدب العربي في مصر توفيق الحكيم كان ضعيفا باللغة العربية ، يمكن أنْ يكون ابنك ضعيفا باللغة ، ويصبح في الأخير أديبا ، يمكن أنْ يكون ضعيفا بالرياضيات فيكون رياضيا كبيرا ، فهذا اليأس دليل الجهل ، لا يأس ، القنوط دليل عدم معرفة الله عزَّ وجل ، هذه : ((وإذا استعنت فاستعن بالله )) .
اسمعوا الآن ، من ترك الاستعانة بالله ، واستعان بغيره وكله الله إلى مَن استعان به ، فصار مخذولاً .
سيدنا الحسن كتب إلى سيدنا عمر بن عبد العزيز قال : لا تستعن بغير الله فيكلك الله إليه .
بعض السلف قال : يا رب عجبت لمَن يعرفك كيف يرجو غيرك ؟ وعجبت لمن يعرفك كيف يستعين بغيرك ؟! فأنت علامة إيمانك أن تسأل الله وأن تستعين بالله ، هات معرفة واستعانة وخذ كل شيء ، خذ حل لكل مشكلة ، لكن أنت تارك الله وقاعد مع عبد الله ، وعبد الله لئيم ، أساسه لئيم ، أقصد أي عبد لله مصلحته فوق كل مصلحة ، تارك خالق الكون ولاحق عبيد ، والعبيد لهم مصالح وقد تكون عكس مصالحك .
والله مرة أخ أراد أن يشتغل بمصلحة فقلت له : اسأل أصحاب المصالح يفيدوك ، قال لي : سألت السوق بأكمله على الصفين قالوا له : إياك المصلحة فاقورة ، صعبة كثيرة ، ما فيها أرباح ، المواد الأولية غير مؤمنة ، ما من واحد إلا وحطم له أعصابه ، والله كل هؤلاء أصحاب مصالح ، أبعدوه عنها ، قلت له : اسأل فلان ، أعرف إنسانا مؤمنا ، قال له : بالعكس المصلحة ممتازة ، موادها الأولية موفورة ، وأرباحها جيدة ، وأنا أعاونك فيها ، أرأيت المؤمن كيف ؟ فلذلك الإنسان إذا استعان بغير الله أوكله الله إليه .

( سورة هود : من آية " 88 " )
أساسا التوفيق بيد الله عزَّ وجل ، ما ممكن ينجح شيء لا تجارة ، ولا صناعة ، ولا زراعة ، ولا عمل ، ولا وظيفة ، ولا طبابة ، تجد طبيبا علمه قليل ، وعليه الناس يتقاتلون، وطبيب بخمسين بوردا ولا أحد عنده ، إذا استعان الإنسان بالله يجعل الله شفاء الناس على يده، وكل واحد معتد بشهاداته سيموت يبعثه عنده ، يدخل فيخرج ميت .
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةٌ وَمَا بَلَغَ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ)) .
) أحمد)
* * * *
الآن من السيرة كما وعدكم في كل درس أن نجمع بين السيرة وبين الحديث .
رجل وفد على النبي عليه الصلاة والسلام له موقف جدير أن نستمع إليه .
قال ابن إسحاق : كان الطفيل بن عمرو الدوسي يحدِّث أنه قدم مكة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بها ، فمشى إليه رجالٌ من قريش ، وكان الطفيل رجلاً شريفاً شاعراً أريباً ، رجل شريف أي سيد في قومه، شاعر لبيب ذكي ، قال هؤلاء الرجال له :
ـ إنك قدمت بلادنا ، وإن هذا الرجل ـ أي النبي الكريم ـ وهو الذي بين أظهرنا فرَّق جماعتنا ، وشتت أمرنا ، وإنما قوله كالسحر يفرق بين المرء وابنه ، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجه ، وإنما نخشى عليك وعلى قومك ما قد حل علينا فلا تكلمه ، ولا تسمع منه ، إياك .
هو ذكي لبيب وشاعر وشريف ، سيد بقومه ، وشاعر، ولبيب ، أي عاقل ، فلما قدم مكة خافوا أن يؤمن مع رسول الله فنبهوه أن هذا الرجل إياك أن تستمع إليه ، إياك أن تلتقي به ، إياك أن تحضر مجلسه لأنه شتت جماعتنا ، كلامه كالسحر ، يفرق بين المرء وابنه ، وبين المرء وأخيه ، وبين المرء وزوجه ، وإنما نخشىَ عليك منه وعلى قومك ما قد حلَّ علينا فلا تكلمه ، ولا تستمع إليه .
قال : فوالله مازالوا بي حتى أجمعت ألا أسمع منه شيئاً ، اقتنعت، شيء مخيف ، ولا أكلمه حتى حشوت في أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفاً ـ مثل القطن ـ فرقاً من أن يبلغني منه شيء .
قال : فغدوت إلى المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمٌ يصلي عند الكعبة ، فقمت قريباً منه فأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله ـ سمع شيء من القرآن الكريم ـ فسمعت كلاماً حسناً فقلت في نفسي: وا ثكلى أماه ، والله إني لرجلٌ لبيبٌ شاعر ما يخفى علي الحسن من القبيح ، فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول ـ أنا في عندي عقل وميزان أسمع إذا كان شيء جيد أقبله ، شيء سيء أرفضه ـ فمكثت حتى انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته ، فتبعته ، حتى إذا دخل بيته دخلت عليه فقلت : يا محمد إن قومك قد قالوا لي كذا وكذا ، فوالله ما برحوا يخوفونني أمرك حتى سددت أذني بكرسفٍ لئلا أسمع قولك ، ثم أبى الله إلا أن يسمعني قولك ، فسمعت قولاً حسناً ، فاعرض علي أمرك ، ما هي القصة ؟
فعرض عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام ، وتلا علي القرآن ، فلا والله ما سمعت قولاً قط أحسن منه ، ولا أمراً أعدل منه فأسلمت وشهدت شهادة الحق ، وقلت : يا نبي الله إني امرؤٌ مطاعٌ في قومي ، وإني راجعٌ إليهم ، فداعيهم إلى الإسلام ، فادع الله لي أن يجعل الله لي آيةً تكون عوناً لي عليهم فيما أدعوهم إلي .
فقال : اللهم اجعل له آية ، علامة .
قال : فخرجت إلى قومي حتى إذا كنت بثنيةٍ تطلعني على الحاضر، وقع نورٌ بين عيني مثل المصباح ، قلت : اللهم غير وجهي إني أخشى أن يظن إنها مثلى وقعت في وجهي لفراق دينهم ـ يشمتوا في ـ فتحولت فوقع في رأس سورتي كالقنديل المعلق ، وأنا أن هبط إليهم من الثنية حتى جئتهم وأصبحت فيهم ، فلما نزلت أتاني أبي وكان شيخاً كبيراً ، فقلت :
ـ إليك عني يا أبت فلست مني ولست منك .
ـ فقال : ولمَ يا بني ؟
ـ قلت : قد أسلمت ، وتابعت دين محمد .
ـ قال : يا بني فديني دينك ، أنا معك كذلك .
ـ قال فقلت : اذهب فاغتسل إذاً وطهر ثيابك ثم تعال حتى أعلمك ما قد علمت ، قال : فذهب واغتسل وطهر ثيابه ، ثم جاء فعرضت عليه الإسلام فأسلم .
ثم أتتني صاحبتي ـ زوجته ـ فقلت لها :
ـ إليك عني ، فلست منك ولست مني .
ـ فقالت : ولم بأبي أنت وأمي ؟
ـ فقلت : فرق الإسلام بيني وبيني ، أسلمت وتابعت دين محمد .
ـ قالت : فديني دينك ، أنا معك ، لأنه شريف وله قيمته .
ـ قال قلت : فاذهبي فاغتسلي ففعلت ، ثم جاءت فعرضت عليها الإسلام فأسلمت .
ثم ودعوت دوساً إلى الإسلام ـ القبيلة الآن ـ فأبطؤوا حالي ، فجئت رسول الله عليه الصلاة والسلام وقلت : يا رسول الله إنه قد غلبني على دوثٍ الزنا ـ كلهم زناة أو أكثرهم ، فهذا الزنا حجبهم عني وما أسلموا معي ـ فادعوا الله عليهم ـ يهلكهم ـ .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ جَاءَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ دَوْسًا قَدْ هَلَكَتْ عَصَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ ((اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ)) .
( البخاري ، مسلم ، أحمد )
لماذا تدعو عليهم ؟ ادع لهم بالهدى ، على الفور تجد الواحد يدعو على الشخص ، طول بالك ادع له بالهدى ، ولو كان عدوك ، إذا الله هداك يصير يخدمك ، فقال : ((اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ )) .
طول بالك عليهم ، انظر النبي ، احلم عليهم ، خذهم باللين ، بشر ولا تنفر ، يسر ولا تعسر ، سدد وقارب ، فرجعت إليهم فلم أزل بأرض دوس أدعوهم إلى الله ، ثم قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله بخيبر ، فنزلت المدينة بثمانين أو سبعين بيتاً من دوس ، ثمانون بيتا أسلموا معه ، ثم لحقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر ، فأسهم لنا مع المسلمين .
فهذا الذي وضع في أذنه قطن كي لا يسمع ، أسلم هو ، وأبوه ، وزوجته ، وسبعون أو ثمانون بيتاً من قومه ، فالإنسان : أخي إياك أن تحضر ، إياك أن تذهب ، أنت اذهب واسمع الله أعطاك عقل ، وهذا العقل ميِّز فيه .
والحمد لله رب العالمين
* * *




[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://m1970live.yoo7.com
 
حديث احفظ الله يحفظك (3)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حديث احفظ الله يحفظك
» حديث احفظ الله يحفظك (2)
» سودة بنت زمعة "زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم الثانية" .
» الطفل حديث الولادة
» حديث جرجا جميعا حول ( الانتخابات القادمة) 2010

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات دنيا تكس :: قسم اسلاميات :: الرسول (ص) الرسول محمد صلى الله عليه وسلم-
انتقل الى: